السؤال
عمري 14 عاما، ليس لدي هدف، لا أشعر بالسعادة، رغم أن حالتي المادية جيدة جدا، لا أطيق الدراسة، أكره المدرسة، ولا أحصل على درجات جيدة أبدا، لا أعرف كيف يكون لي هدف أطمح إليه بشدة؟
عمري 14 عاما، ليس لدي هدف، لا أشعر بالسعادة، رغم أن حالتي المادية جيدة جدا، لا أطيق الدراسة، أكره المدرسة، ولا أحصل على درجات جيدة أبدا، لا أعرف كيف يكون لي هدف أطمح إليه بشدة؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Mariam حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
بداية نرحب بك ابنتنا الفاضلة في موقعك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، ونشكر لك التواصل مع الموقع.
فإن الإنسان عندما يلجأ لمثل هذه المواقع، ويسأل الذين هم في مقام الآباء -وكذلك عندنا استشاريات في مقام الأمهات- زالإنسان ينال الخير بسؤاله لمن يكبرونه سنا، وأنت ولله الحمد في عمر الزهور، والحياة أمامك أمل، لكن الحياة أمل يحمله عمل، وعند الله يجزى كل نفس بما فعل.
فأقبلي على الله تبارك وتعالى، لتصلحي مع الحالة المادية الحالة الإيمانية، فإن الإيمان يعطي الإنسان دافعا، والمسلم لا بد أن يكون له هدف في هذه الحياة، فإن الله خلقنا لغاية عظيمة: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} لم يخلقنا عبثا، ولم يتركنا سدى.
وإذا كان أي إنسان في الدنيا يقول ليس لي هدف، فإن المسلم ما ينبغي أن يكون بلا هدف، لأن الذي ليس له هدف لا يمكن أن يصل، فلا بد أن تضعي لنفسك أهدافا قريبة وبعيدة، ولا بد أن يكون لك سعي في تطبيق هذه الأهداف، ولعل الدراسة من وسائل تحقيق تلك الأهداف، والمسألة واضحة، لأن كرهك للمدرسة سيؤثر على النتيجة بلا شك، ولكن إذا أدرك الإنسان أن العلم له ثمرات عظيمة، وأن العلم يرفع أهله، وأن أهل العلم يرتفعون عند الله تبارك وتعالى درجات، فإنه عند ذلك سيقبل على طلب العلم لأنه سبيل الرفعة في الدنيا وفي الآخرة.
فمن أراد الدنيا فعليه بالعلم، ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم، ومن أراد الدنيا والآخرة فعليه بالعلم.
مقدار كل امرئ ما كان يحسنه *** والجاهلون لأهل العلم أعداء
بعد أن قال:
فقم بعلم ولا تبغ به بدلا *** الناس موتى وأهل العلم أحياء
فاجتهدي في أن تتعلمي، واجعلي للنفس غاية محددة -يعني في هذه الحياة-.
والفتاة لا شك أنها تطمح إلى تكوين أسرة، وإلى بناء بيت، وإلى إخراج قادة صالحين وصالحات، وتطمح كذلك في أن تخرج لهذه الأمة العظام الذين يغيرون وجهها وحياتها الذي لا تسر الأعداء.
وتفكري أيضا في أن تكوني عابدة مطيعة لله تبارك وتعالى، تفكري في أن تكوني وظيفة ترتاحين إليها، وتقدمين من خلالها الخدمات لأخواتنا وأمهاتنا، وتثوري ثورة تنكشف في ظهر الأمة حتى لا نحتاج إلى غيرنا، ولذلك الأهداف لها صلة بالطموحات، ولها صلة بالقدرات التي وهبها الوهاب، وأنت -ولله الحمد- موهوبة، والدليل هو هذا الشعور، إن هذا الشعور دليل على أنك تسيرين على الطريق الصحيح، وهذا الشعور الذي دفعك بالكتابة إلينا، هو البداية الصحيحة لأنك شعرت إلى ثمة خلل.
ونريد أن ننبه إلى أن السعادة الحقة لا تنال إلا بوجود هذه الأهداف، وقبل ذلك التوجه إلى رب الأرض والسموات، فإن السعادة هي نبع النفوس المؤمنة الراضية بقضاء الله وقدره، المواظبة على ذكره وشكره وحسن عبادته، وهي حصر في أهل الإيمان.
الآخر الذي ليس عنده إيمان قد ينال لذة بعد أكل شهية، بعد لعب، بعد يوم ترفيهي، لكنها لذة محدودة.
أما السعادة بمعناها الواسع، بمعناها الكامل، لا يمكن أن تنال إلا بالرضا بالقضاء والقدر، إلا بالسعي في طاعة الله، إلا بالمواظبة على ذكر الله القائل: { الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.
فاعملي لنفسك جدولا، واعملي لنفسك أهدافا، وشجعي نفسك كلما تقدمت ولو خطوات يسيرة، واعلمي أن الإنسان عليه أن يسعى، وليس عليه إدراك النجاح.
فنسأل الله لك التوفيق والسداد، ودائما حاولي أن تدرسين سير العظيمات والعظماء في تاريخ الأمة، من أجل أن يكون لك أهداف، وتتعلقين بهم حتى تصعدي سلم المعالي.
ونسأل الله لك التوفيق والسداد.