ما علاج إحسان الظن بالنفس؟ وهل يغار أهل الجنة من بعضهم؟

0 364

السؤال

السلام عليكم

لدي سؤالان:

- ما علاج إحسان الظن بالنفس؟

- إذا كان كل مؤمن سيعطى في جنته المتدنية مثلا ما يريد، وكذلك سيعطى مؤمن آخر ما يريد في جنته ذات المنزلة العالية، الآن يشعر ذو المنزلة المتدنية أنه بمنزلة متدنية؟ وما هو الفرق بين الاثنين (ذوي المنازل المختلفة) حينها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ خديجة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

أهلا بك -أختنا الفاضلة- في موقعك إسلام ويب، وإنه ليسرنا تواصلك مع الموقع في أي وقت وحول أي تساؤل، ونسأل الله أن يوفقك وأن يحفظك من كل مكروه.

لا يخفاك -أختنا الفاضلة- أن الله قد وصف النفس في القرآن بثلاث صفات: المطمئنة، واللوامة، والأمارة بالسوء.

أما المطمئنة: فهي التي اطمأنت بقضاء الله، ورضيت بالله ربا وبالرسول هاديا وبالكتاب حكما فلا تجزع عند البلاء، ولا تركن على العمل بل هي متشوقة لعطاء الله طامعة في فضله.

وأما اللوامة: فهي التي تلوم صاحبها ودائما تدفعه بهذا إلى فعل الخير، وتصرفه عن الوقوع في الشر.

وفي المقابل النفس الأمارة: وهي التي تدفع صاحبها إلى المعاصي تخرجه من طريق الهداية إلى الغواية، ومن السنة إلى البدعة ومن الحلال إلى الحرام، قال تعالى: {وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم} [يوسف:53].

ومن الآفات المهلكة التي تحدث عنها أهل العلم هو ما ذكرت من الإعجاب بالنفس أو الرضا عنها، لأنه طريق يصل بصاحبه إلى العجب والغرور، يقول الإمام ابن القيم منبها إلى خطورة هذا المسلك: "رب طاعة أدخلت صاحبها النار، ورب معصية أدخلت صاحبها الجنة. فقيل: كيف ذلك؟ قال: رب طاعة أورثت صاحبها الكبر والعجب والغرور فأكبه هذا المرض على وجهه في النار، ورب معصية أورثت صاحبها الذل والانكسار والانقياد، والبكاء والخشية والإنابة، والتوبة والتفويض والرجوع إلى الله تبارك وتعالى، فكانت هذه المعصية التي كانت سببا لأوبته وتوبته بهذه الصورة سببا في دخول الجنة. فإذا وقع العبد في هذا المسلك فعليه أن يفعل ما يلي:

1- أن يرجع الفضل إلى الله في كل عمل، فما وفق للطاعة وما وفق لعمل الخير إلا بتوفيق الله عز وجل.

2- أن لا يكثر النظر إلى المحاسن بل عليه أن ينظر إلى التقصير، ولا شك أن العبد مهما فعل مقصر.

3- أن يقرأ عن سلف هذه الأمة وكيف كانت طاعتهم وعبادتهم، ويجب أن يقرأ في جنس ما اغتر به، فإن اغتر بقيام الليل قرأ عن عبادة السلف وجهدهم في ذلك، وإن اغتر بالصدقة قرأ عن بذل السلف في سبيل الله.

4- ألا يغتر بثناء الناس عليه، فالناس تمدح صلاح الظاهر وما يعلمون خفايا الباطن، وقد قال بعض الحكماء: "إنما يمدحك من يمدحك لستر الله عليك، فلا تشكر من مدحك ولكن اشكر من سترك".

5- الاجتهاد في الدعاء أن يصرف الله هذا المرض وخاصة في قيام الليل.

6- استحضار هم القبول، نعني قبول العمل، والأسوة في أصحاب رسول الله الذين كانوا: {يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون }[المؤمنون:60]، أي خائفة من أن لا يتقبل الله عز وجل، فقد سألت السيدة عائشة -رضي الله عنها- رسول الله عن معنى الآية: هل هي مصروفة إلى السارق الذي يسرق، وشارب الخمر الذي يشرب الخمر ويخاف؟ فقال: "لا يا ابنة الصديق، بل هم الذين يصلون ويصومون ومع ذلك يخافون ألا يقبل منهم".

أما الشق الآخر من السؤال، فلا شك -أختنا الفاضلة- أن الجنة درجات وليس أهل الجنة الدنيا كمن هم في الفردوس الأعلى، لكن لأن الجنة دار نعيم لا شقاء؛ فإن الله يرضي أهل الجنة كل بمقامه، فقد صح عن أبي سعيد قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله تعالى يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة، فيقولون: لبيك ربنا وسعديك، والخير كله في يديك. فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى يا رب؟ وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك؟ فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون: يا رب، وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا" متفق عليه.

وكون الحديث لأهل الجنة جميعا دون تفرقة بين الدرجات يدل على أن الجميع سيرزق الرضا. ولا يستلزم الرضا أن يكونوا في الفضل سواء، فقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما يتراءون الكوكب الدري الغابر من الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم"، ولكن لأن الله نزع الغل من صدورهم كما قال: {ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين}، ورضي كل منهم بمقامه فلا يصيبهم الحزن.

نسأل الله الكريم أن يرزقنا الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات