السؤال
السلام عليكم
أعرف فتاة عمرها بين 17 و 18 عاما، لديها جوال لا تتركه من يدها من استيقاظها إلى وقت النوم؛ لدرجة أن وقت الأكل تؤخره ولا تأكل في الوقت المحدد، أينما تكون في بيتها أو في بيت أي من الأقارب لا تدع الجوال، نرجو منكم إخبارنا ماذا نفعل؛ لأننا إن أخذنا الجوال بغير إرادتها فعندما تستعيده ستتمسك به أكثر، ونحن حاولنا بشتى الطرق تذكيرها بالموت وكيف لو ماتت وهو في يدها -لا قدر الله-؟ وبتحفيزها بالجنة وما فيها من نعيم، وأختها الكبرى حاولت نصحها بأن الله سيحاسبها على الوقت الذي تضيعه بكثرة إمساكها بالجوال.
نريد منكم إخبارنا كيف نستطيع أن نجعلها ولو أن تخفف من كثرة إمساكها بالجوال على الأقل؟ أيضا هي من النوع الكتوم ولا تتحدث لا عن ما يحدث بالمدرسة أو عن صديقاتها أو أي شيء، نادرا ما تتحدث وكثرة إمساكها بالجوال جعلها كتومة أكثر، وتغيرت بحيث أصبحت سلبية في تعاملها، وهذه الحالة كانت معها وهي أصغر بسنة أو سنة ونصف وتزداد مع كثرة إمساكها بالجوال.
نرجو العون من الله ثم منكم، اللهم اجعله في ميزان حسناتكم، و لكم خالص الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فجر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي موضوع، ونسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يجزيك خيرا عن سؤالك، وعن وضع هذه الفتاة وعن حكمها.
وكما نسأل تبارك وتعالى أن يصرف تفكير هذه الفتاة عن هذا الابتلاء التي وقعت فيه، وعن هذه المصيبة التي ألمت بها، فإن ما ذكرته من استعمالها للجوال حتى إنها تترك الطعام والشراب، وتظل كذلك إلى النوم يدل على أنها أصبحت مدمنة لهذا الجهاز، ولا ترعوي ولا تتأثر بما يقال لها من نصائح أو مواعظ أو غير ذلك، لماذا؟ لأنها وصلت إلى درجة الإدمان، والعلماء يقولون: بأن هناك إدمان جديد يسمى إدمان الأجهزة الإلكترونية كإدمان المخدرات وغير ذلك.
ونظرا لأنكم حاولتم وبذلتم كل ما يمكن بذله من النصائح والتوجيهات فأنا أرى -بارك الله فيك- أن تكون الخطوة الثانية هي منعها من هذا الجهاز حتى وإن كان هناك مشقة عليها وفيه إيلام لها، وقد يحدث عندها نوع من الانهزامية أو نوع من الانتكاسة أقول كل هذه مسائل وقتية، لأن هذه المصيبة لا علاج لها حقيقة أفضل من تخليصها منها، أنت تقولين أنكم لو أخذتم منها الجهاز بغير إرادتها سوف تتمسك به أكثر، ولكن أقول ما دمتم قد حاولتم بشتى الطرق ولكنها لم تستفد ولم تتعظ، ولم تتأثر ولم تقلل حتى على الأقل من الاستعمال، أرى سحبه منها بأي صورة من الصور وعدم التفاعل مع الأثر المترتب على ذلك.
لكن قبل أن يتم أخذ الجهاز منها أتمنى أن تكون هناك جلسة حانية عطوفة من والدها أو والدتها أو أختها الكبرى، وتقول لها نحن: رأينا من استعمالك للجهاز بهذه الصورة ما ترتب عليه مضرة عظيمة لك، وتذكرون لها تلك الآثار التي وردت بالرسالة، ولذلك نحن مضطرون وأنت السبب أن نأخذ منك هذا الجهاز، ولا يمكن أبدا أن نسمح لك باستعماله بعد اليوم، وتأخذون منها الجهاز، ولو لفترة كما ذكرت قد تحدث عندها ردود فعل سلبية ولكنها لن تدوم طويلا، ما دمتم قد حاولتم بشتى الطرق كما ذكرت فإذن لا بد من ذلك.
وأخذ الجهاز سوف يترتب عليه تغيير نمط حياتها بالكلية، فهذا الوقت الذي كانت تضيعه في استعمال الجهاز سوف يكون فارغا وخاليا وبالتالي كما تعودت ملأه بالجوال ستتعود ملأه بغير الجوال، المسألة سهلة وليست صعبة، لأنها الآن شغلت بالجوال هذه الفترة الطويلة من الزمن، لو أن الجوال تم سحبه منها هذه الفترة سوف يتم تحويل هذا الفراغ إلى شيء آخر، وبالتالي ستتعود مع الأيام ترك الجهاز، أو استعماله عند الحاجة، وأعطوها فرصة من الزمن حتى تستعيد نفسها، وتستعيد وعيها وتركيزها وتصبح طبيعية.
بعد ذلك تقولون لها من الممكن أن نرد إليك الجهاز ولكن شريطة أن يكون فقط للرد على الاتصالات، وليس للعب وليس لغير ذلك من الأمور التي تأخذ الوقت وتقضي على العمر، فإن وافقت على ذلك تردون لها الجهاز ولا حرج في ذلك شريطة أن تستعمله الاستعمال الشرعي المعلوم، وإن عادت مرة أخرى لا مانع من أخذه لأن هذا نوع من العلاج، وليس نوعا من الحرمان كما يظن البعض، كما هو نوع من العلاج الاضطراري التي اضطرت هذه البنت أهلها إلى أن يتخذوه ضدها، وأن يقفوا منها هذا الموقف المتشدد ولا بد أن تفهم ذلك ولا بد أن تفهموها بأنكم ما فعلتم ذلك إلا رحمة بها وحرصا عليها وعلى مصلحتها، وأنها هي التي دفعتكم إلى ذلك، ولو أنها كانت تستعمله استعمالا معتدلا ما فكرتم في سحبه منها ولكن هي التي جنت على نفسها، وهي التي تتحمل الآثار المترتبة على هذه الجناية، أقول هذه خطوة -إن شاء الله- أتمنى أن تكون موفقة، وأتمنى أن تتعاونوا وأن تأتيكم قوة لأخذ هذا القرار، وألا تتهاونوا فيه تحت التأثيرات السلبية التي قد تظهر عند أخذه منها أو بعد أخذه بقليل.
أسأل الله أن يهديها صراطه المستقيم، وأن يشرح صدرها للذي هو خير، وأن يوفقكم لعلاج الأمر بنوع من الحكمة إنه جواد كريم، هذا وبالله التوفيق.