تقدمت للعديد من الفتيات ولم يقبلني أحد.. أشيروا عليّ

0 304

السؤال

أبلغ من العمر 36 عاما، لم أتزوج بعد، منذ أن كان عمري 27 عاما، أنا أتقدم لخطبة الفتيات، لكن دون جدوى، مع أنهم بعد ذلك يرضون بمن هو أقل مني، تنازلت عن كونها جامعية، لم يقبلوني، تنازلت عن كونها متعلمة، لم يقبلوني، حتى أصبحت يضرب بي المثل في قريتي، قالوا: إنك مسحور، و.. و..!

ولكن أين العلاج؟ لا شيء! أشعر بمذلة أمي وأبي وانكسارهم أمام المجتمع والمعايرة التي يجدونها في حياتهم، وهم يريدون أن يفرحوا بابنهم الأكبر والأغلى عندهم، لم أجد ملاذا بعد هذه السنين الطويلة والمعاناة التي ألقاها في عيون والدي، وفي الشارع، والعمل إلا أن أفسح المجال أمام أخي الصغير حتى لا أكون سببا في تعقيده، وحتى لا يقال أنني أريد أن أعقده مثلما أنني معقد، الأمر يطول شرحه قررت بألا أفكر في هذا الأمر نهائيا، فقد مضى العمر، ومضت أحلى أيامه.

مع أن أغلب النساء تريد إقامة علاقات معي لوسامتي وشخصيتي، في حين أنني أشعر بعدم الرغبة الجنسية تجاههم حتى، وإن كن فاتنات، فلا أجد ميولا أو تحرك شهوة، وأشعر في الوقت نفسه بسرعة دقات القلب.

أفيدوني، لعلكم تكونون سببا لإخراجي مما أنا فيه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ المتأمل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يعوضك خيرا، وأن يشرح صدرك، وأن ييسر أمرك، وأن يوسع رزقك، وأن يمن عليك بزوجة صالحة تكون عونا لك على طاعته ورضاه.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل – فمما لا شك فيه أن الذي ذكرته لهو أمر محزن حقا، وأمر يدمع العين ويدم القلب، خاصة وأنك قد وصلت إلى قريب منتصف عمرك أو يزيد، إذ أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين، وقليل منهم من يجاوز ذلك)، تصور أن نصف عمر الإنسان يذهب دون أن يبدأ حياته الزوجية أو حياته الأسرية الحقة، التي يخرج من خلالها أجيالا تسبح بحمد الله تبارك وتعالى، وتحيي ذكره في العالمين، ونسأل الله تعالى أن يعوضك خيرا وأن يربط على قلبك.

ولكنه وكما لا يخفى عليك -أخي الكريم الفاضل- أن الله جل جلاله أخبرنا بقوله في أول كلامه في كتابه المنزل على حبيبه -صلى الله عليه وسلم-: {بسم الله الرحمن الرحيم} أول شيء بدأ الله تبارك وتعالى بذكر اسمه العلم الذي هو أعرف المعارف (الله) ثم وصفه بأنه الرحمن الرحيم، ثم ثنى هذه الآية الكريمة بقوله: {الحمد لله رب العالمين} والرب بمعنى المربي، والمربي من الناس يحرص على منفعة من يربيهم وإسعادهم، فما بالك رب العالمين الرحمن الرحيم، {الحمد لله رب العالمين} ثم ثلث فقال: {الرحمن الرحيم} هذا كله ذكرته لأبين لك مدى رحمة الله تبارك وتعالى بك، ومدى إكرام الله تبارك وتعالى لي ولك، فثق وتأكد أن ما قدره الله تبارك وتعالى لك إنما هو خير كله، ولذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم – يقول: (لبيك وسعديك، والخير كله بيدك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك).

تعلم - أخي الكريم الفاضل – أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (إن الله قدر المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة) وهذه المقادير هي مقادير كل شيء إلى يوم القيامة، فكل شيء منسوخ ومسجل ومقدر، ولا يمكن أبدا لأحد من الناس أن يخرج عن هذا إلا بالرجوع إلى الله تبارك وتعالى جل جلاله وتقدست أسماؤه.

ومن هذه المقادير الأرزاق، والأرزاق منها الرزق المالي، ومنها الأولاد، ومنها الجمال، والصحة، ومنها الأزواج أيضا، فكل هذه أرزاق قدرها الله تبارك وتعالى قبل خلق السموات والأرض.

ولذلك فثق وتأكد - أخي الكريم الفاضل – من أن الذي حدث معك إنما هو قضاء الله وقدره، ولكن الله تبارك وتعالى بين لنا أننا نستطيع بوسائل معينة أن نغير هذا القضاء، وهذا ما قاله النبي - عليه الصلاة والسلام – في أمر الدعاء، حيث قال: (لا يرد القضاء إلا الدعاء) وأنا ألاحظ أنك لم تستعمل سلاح الدعاء في تغيير هذا الأمر الذي ألم بك، وهذا - اسمح لي أن أقول – أنه تقصير منك، أو لعلك لم تذكره في الرسالة لحرصك على أن تكون مختصرة أو موجزة.

ولذلك أوصيك أولا - أخي الحبيب – بالدعاء والإلحاح على الله، لأن حبيبك الذي لا ينطق عن الهوى - صلى الله عليه وسلم – قال: (لا يرد القضاء إلا الدعاء) وقال: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل) أو كما قال - صلى الله عليه وسلم - .

الأمر الثاني: مما لا شك فيه أن وضعك غير طبيعي، ولا يستبعد أبدا أن تكون قد تعرضت لنوع من السحر أو المس أو الحسد أو العين، أو غير ذلك من الأمور الخفية التي قد تلعب دورها في تغيير حياة الإنسان، وفي إلحاق الضرر به بصورة أو بأخرى، ولذلك لماذا لم تحاول أن تقوم برقية نفسك رقية شرعية لاحتمال أن يكون هذا الذي فيك سببه نوع من الاعتداء بصورة من الصور التي أشرت عليك بها، ولذلك أيضا إضافة إلى قضية الدعاء يبقى قضية الرقية الشرعية، فإن استطعت أن تقوم برقية نفسك بنفسك فافعل، وإن لم تستطع فلا مانع أن تستعين بأحد الرقاة الثقات الذين لديهم خبرة ومعرفة، ويعرفون بسلامة المعتقد وصحة المنهج، حتى يمن الله تبارك وتعالى عليك بالشفاء والخروج من هذه الأزمة النفسية التي تعاني منها؛ لأن الذي ذكرته لا يستبعد (حقيقة) أن يكون معه شيء من هذه الأشياء، إما نوع من السحر أو نوع من المس أو العشق أو نوع من الحسد، أو نوع من العين.

ولذلك أنصح إضافة إلى الدعاء ضرورة عمل الرقية الشرعية، إذا لم تتمكن من ذلك بنفسك، فلا مانع من الاستعانة ببعض الرقاة الثقات الذين لديهم القدرة على علاج مثل هذه الحالات، واعلم أن الأمر بسيط جدا، خاصة وأنك -ولله الحمد والمنة- على قدر من جمال الهيئة، وقوة الشخصية، وهذه أمور تبحث عنها الأسر، سواء أكان أولياء الأمور، أو حتى الفتيات أو النساء، فاستعن بالله تبارك وتعالى، وأبشر بفرج من الله قريب، وأسأل الله عز وجل أن يزوجك عاجلا غير آجل، وأن يمن عليك بالأمن والأمان والاستقرار، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات