السؤال
السلام عليكم
أرسلت منذ فترة حوالى شهرين أو أكثر عن كون زوجي يرفض العلاقة الجسدية معي بعدما اتهمته بالخيانة، علاقتي بزوجي سيئة للأسف، صار لنا أربعة أشهر، وقال: أنا أعاملك مثل أخت. أنا أتعذب كثيرا وأبكي كل يوم، وتعبانة جدا نفسيا لأني أحبه جدا، قمت بتشغيل الرقية الشرعية والقرآن في المنزل، وأهتم بنفسي ومظهري جدا لكنه يهملني كثيرا وكأنه لا يراني، أشك في واحدة أن تكون سحرته، كيف أعرف؟ وكيف أتصرف؟
أريد فقط لعلاقتنا أن تكون بخير، أحس أني لا قيمة لي لأنه لم يرد أن يقترب مني نهائيا، وعندما فتحت معه الموضوع قال: أنا لا أريد، ولا أريد أن ألمسك، أشعر بالاختناق. لا أستطيع النوم أبدا، ماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عفاف حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يفرج كربتك، وأن يقضي حاجتك، وأن يصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يذهب عنكما كيد شياطين الإنس والجن، وأن يجعلكما من سعداء الدنيا والآخرة.
بخصوص ما ورد برسالتك -أختي الكريمة الفاضلة– فإنه مما لاشك فيه أن الحياة بهذه الصورة التي وردت في رسالتك حياة كئيبة ومؤلمة ومحزنة، لأن الإنسان عندما يعيش مع شخص يشعر أنه لا يريده ولا يرغب فيه، خاصة الزوجة مع زوجها، فإنها تكاد فعلا تشعر بتعاسة ما بعدها من تعاسة، ولكن أقول: هذه هي الحياة الدنيا، شأنها التقلب، فيوما تكون مفرحة ومستقرة، ويوما تكون كئيبة وحزينة، والمسلم يصبر ويحتسب أجره عند الله تبارك وتعالى، ولكن عليه أن يبحث عن الأسباب والدوافع التي أدت إلى هذا التغير.
زوجك -والله أعلم– يبدو أنه من النوع الحساس جدا، وأنه ينظر لنفسه بعين الكمال، ولذلك مجرد اتهامك له بالخيانة كأنما أسقط السموات على الأرض، وكأنما هدم أعظم جبال العالم، كيف تتهمينه بالخيانة؟ كيف تسيئين الظن به؟ كأنه أراد أن يعاقبك عقابا شديدا، وأن يعذبك عذابا أليما لمجرد هذا الاتهام الذي قد يكون صوابا وقد يكون خطأ، وعيبك في هذه المسألة أنك لم تعرفي زوجك معرفة جيدة خاصة في هذا الجانب، فتكلمت بفطرتك وبطبيعتك، ونسيت أنك بذلك قد هدمت ركنا ركينا في حياة زوجك، بعض الأزواج يعيش في هذه الأبراج العاجية، وحتى لو حاول الطرف الآخر الاعتذار له أو التأسف فإنه لا يقبل ذلك مع الأسف الشديد، هذه نوعيات موجودة في عالم الناس، وستظل موجودة إلى ما شاء الله تعالى، ولذلك -أختي الكريمة الفاضلة– علاج هذا الأمر يتمثل في الآتي:
أولا: عليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يذهب الله تبارك وتعالى عنه هذه النفرة وهذا البعد الذي بدأ يزعجك ويؤلمك، وهذا من حقك فعلا.
الأمر الثاني –بارك الله فيك– أنا أحيي فيك الاهتمام بنفسك كما ذكرت، وأتمنى أن تواصلي ذلك، حتى وإن لم يرغب فيك وإن لم يلمسك، فعليك بأن تقومي بالواجب عليك، ودعي الواجب الذي لك عند الله تبارك وتعالى، حتى لا يتذرع أو يحتج عليك بأنك أهملت نفسك وأنك أصبحت كذا وكذا، فعليك بالاهتمام بنفسك، بالمستوى الذي أنت عليه، وإن استطعت أن تزيدي فأرى أن ذلك خير وأجدى وأفضل.
ثالثا: عليك بمجالسته جلسة خاصة فيما بينكما، وأن تقولي له (إلى متى هذا الأمر؟ أنا ما صنعت شيئا، لأني أحبك حاولت المحافظة عليك، ولو أني أعلم أن هذا الأمر سيسبب لك هذا الألم كله ما تكلمت، ولكني أنا يقع في نفسي أن هذا الأمر موجود، ولذلك كلمتك فيه، وها أنا الآن أعتذر، فعليك أن تقبل عذري لأن الله يقبل أعذار المعتذرين حتى وإن كانوا قد كفروا به سبحانه وتعالى جل جلاله، والله تبارك وتعالى أمر نبيه -صلى الله عليه وسلم– بقوله: {فاصفح الصفح الجميل}، فاطلبي منه العفو واطلبي منه السماح، واعتذري له بكل وسائل الاعتذار، لعل ذلك أن يشبع أو يرضي غروره، لأن زوجك يبدو أنه من هذا النوع الذي يريد أن يرى الشخص الذي أمامه ينكسر أمامه حتى يعفو عنه أو يرضى عنه، هذا هو العامل الثالث (الاعتذار).
بعد ذلك عملية الرقية الشرعية أرى أيضا (رابعا) أنها مهمة، ولذلك قولي له: (ما رأيك لو أننا استخدمنا أحدا يقوم برقيتنا رقية شرعية؟ لاحتمال أن يكون هناك قد دخل بيننا شيء مما يفعله أعداء الله ورسوله)، لا تقولي (أنا أشك أن واحدة صنعت لك) لأنك بذلك لن تحلي المشكلة، فهو لديه حساسية من اتهامك له بذلك، وإنما قولي له: (لعل جنيا دخل بيتنا وأفسد علينا حياتنا، والرقية الشرعية قطعا إذا لم تنفع فيقينا لن تضر، فهي كلام الله تبارك وتعالى وكلام النبي -صلى الله عليه وسلم-)، وجزاك الله خيرا على قيامك بتشغيل الرقية الشرعية والقرآن في المنزل، ولكن أتمنى أن يكون ذلك على يد متخصص حتى يكون ذلك أجدى وأنفع؛ لأنه لا يستبعد أن يكون زوجك قد تعرض لشيء من هذه الأشياء نتيجة كيد بعض الكائدين أو ظلم بعض الظالمين أو اعتداء بعض المعتدين.
إذا لم تفلح هذه الوسائل كلها مع زوجك فقولي له: (أرى أن الحياة الآن أصبحت على حافة الهاوية، وأرى أنك تدمر في نفسي محبتك، فأنت تعلم أني أحبك جدا، ولكنك في نفس الوقت تضغط علي بطريقة قاتلة أخاف ألا أتحملها، فما المانع أن يجلس بيننا أحد وأن يحاول أن ينظر في الأمر، وأن يصلح ما بيني وبينك؟ أنا اعتذرت لك وعلى استعداد أن أعتذر، ولكن لست على استعداد أن أواصل الرحلة بهذه الكيفية وبهذه الطريقة، لأنني لا أستطيع النوم ونفسيتي في غاية الإعياء والتعب، وهذا مما لا شك فيه ينعكس على كل شيء في البيت).
حاولي بارك الله فيك بهذه الوسائل، وأوصيك بالدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يصلح ما بينك وبينه، وأن يرد عنكما كيد شياطين الإنس والجن، كما أوصيك بالإكثار من الاستغفار، والإكثار من الصلاة على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم– وإني لأرجو الله تعالى أن يفرج عنكما، وأن يصلح حالكما، وأن يجعلكما من سعداء الدنيا والآخرة.
هذا وبالله التوفيق.