رفضت خاطباً لا عيب فيه لأني لم أحبه ولم أمل له، هل عليّ ذنب؟

0 558

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أختكم في الله تعاني من حيرة شديدة سببها أنه تقدم لخطبتي رجل ملتزم وعلى خلق، وأهله طيبون ولم أر منهم إلا الخير، ووافقت عليه رغم أني لم أرتح في البداية بسبب كونه أصغر مني سنا، وهو أمر لم أتقبله ولكني تغاضيت عنه وقلت الأهم الأخلاق، استخرت الله كثيرا ولم أجد في نفسي أي قبول لهذا الرجل، وقضيت أغلب رمضان في الدعاء أن يلهمني الله الصواب.

الرجل لا يعاب، ولكني لا أستطيع تحمل فكرة أن يجمعنا سقف واحد، ضغطت على نفسي وقلت: هي وساوس من إبليس، وطلبت من الخاطب أن يدعو الله لي في أطهر بقعة في الأرض –مكة- وما ازددت إلا نفورا، وأخبرته أني لا أحمل له أية مشاعر، تعلق بي جدا وأحبني وقرر أن نمنح أنفسنا فرصة أخرى فوافقت والقلوب بيد الرحمن، دعوت ربي ليل نهار واستخرت عشرات المرات ولا شيء سوى النفور التام من هذا الرجل، وتحصل بيننا شجارات كثيرة بسبب عدم توافقنا، أحس أنه من عالم وأنا من آخر، لا أفهمه ولا يفهمني ولا أعرف ما العمل.

خلاصة الأمر دعوت ربي أن يفرج همي فكلما اقترب موعد الزواج أموت هما، حتى أني كنت أدخل إلى موقعكم وأقرأ الاستشارات من بعض من سألن: هل الحب ضروري قبل الزواج؟ وكنت أقرأ ردود الشيوخ أنه ليس مهما وأنه يأتي بعد الزواج، بعد كل استشارة أقرؤها من هذا النوع أصاب بانهيار عصبي وأبكي من قلبي، يا رب لا أستطيع التحمل، لا أريده زوجا، انتهى الأمر بفسخ خطوبتي وجاء الأمر من عنده بعد خصام كبير بيننا، وتنفست الصعداء وشعرت أني قد ولدت من جديد، وأنه منحت لي فرصة أخرى كي أدعو ربي أن يرزقني بمن يرتاح له قلبي ،هو -ولله الحمد- رزقه الله إنسانة أخرى عوضته عن ما لاقاه مني بدون قصد، وفرحت بذلك وحمدت الله عليه لأني كنت أدعو له.

والآن تأتيني أفكار أني عصيت الله بفعلي، وأنه كان يجب أن أصبر، وأني رفضت نعمة من الله لأنه رجل ملتزم إلى حد ما، أناشدكم أن تخلصوني من حيرتي، هل علي ذنب إن رفضت خطيبا لأني لم أرتح له؟ هل لو كان فيه خير لي سأشعر بكل هذا النفور؟ هل سيحاسبني الله على رفضي؟ ما قول الله ورسوله في هذا الأمر؟

مع العلم أني متأكدة لو تزوجته لن أسعده ولن أسعد نفسي لأني لا أتصور أن أكون له زوجة أو أن أحمل منه، صدقوني هو أمر خارج عن إرادتي تماما، وأسأل الله أن لا يكون علي إثم في ما قمت به.

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نسمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك هذا التواصل، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، وقد أسعدنا حسن العرض للمشكلة، ولا شيء عليك من الناحية الشرعية، وقد أحسنت في حق نفسك، وفي حقه عندما أوقفت مرحلة العلاقة في بداياتها، لأن الإشكال هو أن يجامل الإنسان في المسألة.

مسألة الزواج مشوار طويل، ومسؤوليات عيال وعلاقات، ولا يصح فيها المجاملات، ولا بد أن يكون الأمر في منتهى الوضوح، وهذا الذي فعلتيه رغم مرارته إلا أنه الأصوب لأن ما بعده كان سيكون أشد مرارة، ولا شيء عليك من الناحية الشرعية، فلا عيب في الشاب إذا رفضته الفتاة، ولا عيب في الفتاة إذا رفضها الشاب، "فالأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف"، هذا هو الشيء الوحيد الذي لا نستطيع أن نجبر أنفسنا أو نجبر عليه.

وقد يرفض الصالح صالحة، كما ترفض الفتاة الصالحة رجلا صالحا، وكما قالت زوجة ثابت بن قيس: (والله ما أعيب عليه في خلق ولا دين، ولكني لا أطيقه بغضا). هذا أمر لا يملكه الإنسان، وليس عليه من حرج من الناحية الشرعية، ودائما نحن نريد أن نقول مثل هذه الأشياء طالما توجهتم بالدعاء وكررتم المحاولات، فالقرار الصواب هو الذي اتخذتموه، والحمد الله فقد يسر الله عليه وسييسر الله أمرك أيضا.

وقد أسعدنا وأعجبنا أنك فرحت ودعوت الله له وأنك تمنيت له الخير، وهذا يدل على أنك من معدن طيب، ويدل على أنك صادقة في مشاعرك، فالصدق مطلوب قبولا أو رفضا لأن المجاملات في هذه الأمور لا تصلح، ولا شيء عليك أبدا من الناحية الشرعية، ونحن بدورنا نسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، ولا تلومي نفسك، ولا تعيدي هذه المشاهد مرة أخرى، ولا تقولي لو كان كذا كان كذا، ولكن قولي قدر الله وما شاء الله فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان، واعلمي أن هذا الوسواس والكلام والمراجعات من الشيطان الذي همه أن يحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن بالله.

نسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يسهل عليه، وأن يلهمك السداد والصواب، ونشكر لك هذه المشاعر النبيلة، ونسأل الله لكما دوام التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات