السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب عمري 30 عاما، موظف، أعاني منذ سنتين من دقات في قلبي وخفقان دائم لا يخف إلا خلال النوم، ولا أعرف السبب، وبعد سنة من الخفقان أحس بدقات تزيد، وهي تتعبني، وبعدها بفترة أحس بألم في الصدر، وألم في اليد اليسرى، ومرات أحس بكتمة في صدري، وضيق يجعلني دائما متضايقا وحزينا، لم أترك فحصا ألا وقمت به، كالتخطيط للقلب، والإيكو، والجهد، وجهاز 24 ساعة، وعملت قسطرة للقلب، و-الحمد لله- كلها سليمة، ولكني للآن أشعر بنفس الإحساس، ولا أعرف ما الحل.
أرجو الإفادة سريعا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد قمت بأقصى ما يمكن أن يقوم به إنسان فيما يخص فحوصات سلامة القلب، و-الحمد لله تعالى- كانت فحوصاتك كلها ممتازة، ومنذ البداية أرى أن الأمر يتعلق بالقلق والتوتر، والإنسان يصاب بأعراض نفسوجسدية إذا كان لديه قلق نفسي، والناس تقلق حول القلب وأمراض القلب، لذا يحدث نوع من التماهي أو التماثل للأعراض، بمعنى أن الأعراض المرتبطة بالقلق تكون في كثير من الأحيان صورة طبق الأصل للأعراض التي يعاني منها مرضى القلب (الألم في الجهة اليسرى، الألم يذهب إلى اليد اليسرى، شعور بالخفقان، النغزات، ضيق التنفس، وهكذا.
فيا أيها الفاضل الكريم: أنا أؤكد لك أن هذه الأعراض كلها أعراض قلق نفسي، وأنت قمت بكل الفحوصات، وقطعا شعرت بطمأنينة ولكنها كانت وقتية، ثم عاودتك نفس الأحاسيس ونفس المشاعر؛ لأن أصلها قلقي، وأصلها لم يعالج، الذي عولج هو مظهر من مظاهرها، وإن شاء الله تعالى هذه الفحوصات تمثل أيضا دفعة تطمينية كبيرة لك، والذي بقي الآن هو أن تصل إلى قناعة أنك بالفعل تعاني من قلق نفسي أدى إلى ما يعرف بحالة (سيكوسوماتية) أو (نفسوجسدية) وهي حالة بسيطة -إن شاء الله تعالى– تعالج من خلال:
أولا: القناعة بأن الحالة نفسية، وهذا مهم.
ثانيا: عدم التردد على الأطباء، لكن لا مانع (مثلا) من أن تذهب إلى طبيب الأسرة والطبيب الباطني الذي تثق فيه مرة واحدة كل ثلاثة أو أربعة أشهر، وذلك من أجل إجراء الفحص والمتابعات الروتينية – هذه جيدة جدا – تطمئن الإنسان، وفي نفس الوقت هي وسيلة إيجابية جدا للرعاية الصحية.
ثالثا: يجب أن تعيش حياة صحية، وذلك من خلال النوم المبكر، وممارسة الرياضة، والتوازن الغذائي، والتواصل الاجتماعي الممتاز، والحرص على العبادات، وصلة الرحم، هذه حياة صحية جيدة جدا، يضاف إليها بالطبع الحرص على الاطلاع والمعرفة؛ لأن هذا أيضا يقوي نفس الإنسان وفكره وحتى جسده.
الذي بقي أيضا هو أن تعبر عما بذاتك، تجنب الاحتقانات النفسية الداخلية، كثيرا ما نسكت عن بعض الأمور التي لا ترضينا، وذلك تجنبا لئلا نحرج الآخرين، أو نسيء إليهم، أو نجعلهم يتخذون مواقف سلبية منا، هذه الحساسية الشديدة في التعامل تعود على صاحبها بسلبيات كبيرة من خلال احتقان النفس، وكما يعرف حيث أن الأنف تحتقن كذلك النفس تحتقن في التعبير والإخراج.
بقي أن أقول لك أنك سوف تستفيد كثيرا من تناول بعض مضادات القلق ومحسنات المزاج، والأردن -ما شاء الله- بها كل الأدوية النفسية تقريبا متواجدة، وكذلك بها الكثير من الأطباء النفسانيين الممتازين، فإن ذهبت إلى أحد هؤلاء فسيكون أمرا مرغوبا جدا، وإن لم تستطع أن تذهب فأقول لك يمكنك أن تتناول عقار سبرالكس، والذي يعرف علميا باسم (إستالوبرام)، وقد تجده تحت مسمى تجاري آخر في الأردن.
الجرعة التي تحتاج إليها هي جرعة صغيرة، وهي أن تبدأ بخمسة مليجرام –أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام– استمر عليها لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة (عشرة مليجرام) يوميا، وهذه استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى خمسة مليجرام –أي نصف حبة– يوميا لمدة شهر، ثم اجعلها نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.
يضاف إلى السبرالكس عقار آخر يعرف تجاريا باسم (فلوناكسول)، وجرعته هي نصف مليجرام (حبة واحدة) يتم تناولها في الصباح لمدة شهر، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء، وهذه أدوية بسيطة وبجرعات صغيرة، وهي سليمة وغير إدمانية، و-إن شاء الله تعالى- تستفيد منها كثيرا، وإن ذهبت إلى الطبيب النفسي فهذا أيضا حسن ومفيد.
الحرص على تمارين الاسترخاء أيضا نعتبره أمرا هاما وضروريا، فيجب أن تتدرب عليها، بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.