السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على هذا الموقع المفيد، وجعل الله ما تقدمونه في ميزان حسناتكم.
عمري 21 سنة, أتابع دراستي في الجامعة, مشكلتي هي أنه تقدم لي شاب ملتزم -أحسبه على خير، ولا أزكي على الله أحدا- فوافقت، لكن والدي يرفضان الموضوع حتى أكمل الدراسة وأشتغل, ولا يخفى عليكم أن هناك فتنا تتربص بنا، وأنا أخشى على نفسي من الوقوع في الحرام.
صليت الاستخارة عدة مرات، وقد ارتحت لهذا الشخص، مع العلم أنه كان يتقدم لي أشخاص -صراحة- عندما أصلي الاستخارة لا أرتاح لهم، وأرفضهم, وهذا الشخص -صراحة- أريده أن يكون نصفي الثاني, وأريده زوجا لي بعد إذن ربي؛ لأن أمثاله قليلون جدا.
أرجو أن تنصحوني ماذا أفعل مع والدي الكريمين حتى أقنعهما أني أريد هذا الشخص؟ مع العلم أن والدي من الصعب جدا أن يتخليا على فكرتهما, وهل والداي آثمان لأنهما يرفضان الخطاب؟ وهل ظلماني؛ لأنهما وافقا على ابن عمتي لما تقدم لأختي وأنا لا؟
آسفة على الإطالة، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم إلياس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
نرحب بك -ابنتنا الفاضلة-، ونشكر لك التواصل مع الموقع، ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.
ونحن حقيقة نتمنى أن يدرك الآباء أن مجيء الخاطب الصالح فرصة نادرة، وأن الأسرة عليها أن تغتنم الفرصة، خاصة إذا وجد القبول والتوافق والميل، فإن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف، ونحن بلا شك لا نتفق مع ما حصل مع الوالد والوالدة من هذه الرغبة والإصرار على تأجيل هذا الزواج؛ لأننا في عصر الفتن، والفتاة تستطيع أن تكمل دراستها بعد الزواج، وعندنا نماذج وتجارب ناجحة جدا؛ ولأن الرجل الصالح فرصة قد لا تتكرر بالنسبة للمرأة، ومع ذلك نحن ندعوك للتعاون والرفق، وطلب مساعدة الأخوال والخالات والأعمام والعمات والفضلاء والدعاة ممن يستطيعون أن يؤثروا على الأسرة.
ونتمنى من الشاب أن يكرر المحاولات تلو المحاولات، ويأتي بأصحاب الوجاهات، وندعوكم جميعا بأن تتوجهوا إلى رب الأرض والسماوات، وأرجو أن تجدي من الخالات والعمات العاقلات من تتكلم بلسانك، وبيني لهم حقيقة الأمر، والرغبة في إكمال المشوار مع هذا الشخص، أيضا تنقلي لهم المخاطر التي تحيط بالفتاة المسلمة في هذا الزمان.
على كل حال: الموضوع يحتاج إلى حكمة وحنكة، والوالد يأثم إذا رد الخطاب، بل إذا تكرر هذا الرد؛ فإن الشريعة تعتبره عاضلا، والشريعة تتجاوز الوالد في هذه الحالة إلى الولي الذي بعده، ولكن نحن لا نريد أن نصل إلى هذا المستوى، فإن الوالدين لما قررا هذا القرار يظنان أنهما يريدان المصلحة بالنسبة لك، ويرفضان ذلك بسبب الخوف الشديد عليك، والرغبة في كل المستقبل كما يقولون، ولكن هذا خطأ؛ لأن المستقبل بيد الله تبارك وتعالى، والله تكفل بأرزاقنا وخلقنا لعبادته سبحانه، والزواج من الأمور الشرعية المطلوبة، والفتاة لا يمكن أن تسعد بشهادتها ولا بدرجتها الوظيفية، ولا بأموالها، ولكنها تسعد بزواجها، وتكتمل عندها معاني الأمومة بأطفالها وحياتها الأسرية.
فنسأل من الله أن يعينك على إقناع الأسرة، وأن يعينك على المحافظة على نفسك، وأن يعين ذلك الشاب على الإصرار، ومواصلة الطلب حتى يتحقق له ما يريد، فإنه لا بد من القارع للأبواب أن يلج.
ونوصيك بكثرة اللجوء إلى الله والإقبال، فإن الله يدافع عن الذي آمنوا، كما أن قلب الوالد والوالدة بين أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، فتوجهي إلى رب السماوات والأرض، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.