أجد صعوبة في إرضاء نفسي قبل الناس.. هل أنا ضعيف الشخصية؟

0 480

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لدي مشكلة مزمنة، أود منكم حلا جذريا, الكثير ينظـر لي بنظرة ضعف الشخصية بينما الكثيـر يقول سكوتي وهدوئي وقلة كلامي ليست سوى غموضا مبالغا فيه مني، أو أن نوعه شديد وحاد، ولا أعلم ما الحقيقة في أمري عندما أصمت كثيرا أصبح مكروها، وعندما أتحدث كثيرا أصبح فيلسوفا كما يقال عني، وعندما أتخذ الوسط بينهم يقال عني متناقض!

وبعض البشر تفسر سكوتي ضعفا في الشخصية، ويقال بأن قليل الكلام غالبا يكون ضعيفا، أو منهزما، أو لا يجيد التعامل والتصرف، وينسون القول المأثور: " خير الكلام ما قل ودل".

أستغرب أحيانا من الناس أنها لا ترضى بالقليل، ولا بالكثير، أنا أحب الإنصات أكثر من الكلام، ولكن لماذا هذه الصفة مكروهة من الناس، وقد جربت ذات يوم أن أتصنع بكثرة الكلام، ووجدت الناس متفاعلة مع هذا الشيء!

أصدقائي كثيرون، ولكني لا أثق بهم جميعهم، ثقتي بصديق أو صديقين تقريبا, في الأجواء العامة أشعر دائما بأنني لست محبوبا، لا أحب أن أشتكي إلا نادرا عندما أضيق ذرعا بما أنا فيه.

رضا الناس غاية لا تدرك، ولكنني أجد صعوبة في إرضاء نفسي قبل الناس، أحب مشاهدة كرة القدم، ولعب تنس طاولة، والبلياردو، وألعاب الذكاء.

كل من حولي يطلب مني الكثير وبشكل دائم، لا أعلم لماذا يطلبون مني -سواء فعل أشياء، أو منح أشياء- وهذا ما يشعرني دائما أنني ضعيف الشخصية، وطيب جدا، لذلك أصبحت ملجأ للناس عندما يريدون شيئا ما.

لا أريد الخوض في الكلام حتى يبقى للجواب لذة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فما ذكرته من أفكار فعلا يستحق التدبر والتأمل، وهذا ما سعينا إليه من جانبنا، والذي وصلت إليه أنك بالفعل شخص لك انضباط نفسي خاص، انضباط جعلك تكون صارما في التعامل مع ذاتك، خاصة فيما يخص التواصل الاجتماعي، وهذه الرقابة الذاتية الصارمة على النفس ومحاسبتها من خلال مشاعر الآخرين أدختلك في وضع وسواسي، ولا شك في ذلك، وهذا الوضع هو الذي جعلك تحس بالتردد وبالتناقض، وأصبحت تلجأ لتفسير الأمور - خاصة ما يصدر من الآخرين – تفسره تفسيرا دقيقا، بل تشرحه تشريحا، وهذا أعتقد أنه سبب لك الكثير من الضغط النفسي.

أخي: رسالتك رائعة جدا، وأنا أقول لك بأنك لست ضعيف الشخصية، هذا الكلام ليس صحيحا، أنت تريد أن تكون منضبطا أكثر مما يجب، وهذا أمر غير مرغوب فيه حقيقة، نحن لا ندعو إلى الفوضى، لكن فرض الرقابة الشديدة على النفس فيما تقول، وفيما تسمع، وفيما تتصرف – ما دامت هذه التصرفات معقولة – هذا يؤدي إلى كثير من التأزم النفسي الداخلي، ويجد الإنسان أنه يتعايش مع منظومة قيمية خاصة به، بل تتصادم مع قيم الناس، لذا نحن في مثل هذه الحالات نقول: الإنسان يجب أن يسعى في أن يقبل الناس كما هم لا كما يريد.

موضوع أن تكون صامتا لفترة في المجلس: هذا بالطبع ليس أمرا مقبولا، لأن الناس سوف تشك، إما في مقدراتك أو يشكون في نواياك، هذا كله قد يحدث، وكما تفضلت كثرة الكلام غير مرغوب فيها، فالوسطية دائما هي الأفضل، والوسطية في مثل حالتك يمكن أن تتأتى من خلال: ألا تراقب نفسك مراقبة صارمة، اترك الأمور على سجيتها وسليقتها بعض الشيء، وأعتقد أن ذلك سوف يساعدك كثيرا، يساعدك بمعنى أن منظومتك القيمية الخاصة بك - إن شاء الله تعالى – لن تتصادم مع الآخرين.

أعجبني جدا أنك تهتم بالرياضة وبألعاب الذكاء، ولا شك أن إدارتك لوقتك بصورة جيدة وممتازة سوف تكون بابا من أبواب نجاحك.

لماذا أنت عاطل - أيها الفاضل الكريم – عن العمل أو الوظيفة وأنت بهذه المقدرات الرائعة، وأنت تفهم وتعرف أن العمل هو باب من أبواب إعادة الثقة للذات، الإنسان يكتسب ثقته في نفسه إذا كان نافعا لنفسه ولغيره، والإنسان لا يمكن أن يكون نافعا لنفسه ولغيره إلا من خلال وسائل كثيرة ومنها العمل، فالعمل فيه تطوير وبناء للنفس.

فيا أيها الفاضل الكريم: أقدم على العمل – هذا مهم جدا- وأعتقد أن هذا سوف يعطيك المزيد من الثقة بنفسك، وأرجو ألا تحكم على نفسك بمشاعرك السلبية، إنما تحكم عليها بأفعالك وإنجازاتك، لذا لا بد أن تعمل، لا بد أن تدير وقتك بصورة صحيحة؛ لأن الإنسان حين يلتفت لأعماله وإنجازاته لا بد أن يكون هنالك شيء موجود – هذا مهم – وهذه هي الطريقة التي نتغلب بها على المشاعر السلبية.

الإنسان أيضا يحتاج لقدوة، يحتاج لنماذج في حياتك، وأنا أعرف أنك حريص على هذا الأمر، فكن مهتما به، والإنسان بالفعل يحتاج لمن يعينه على أمور الدين والدنيا.

بر الوالدين وجدته ذا عائد نفسي عظيم على الناس، فكن حريصا على هذا الجانب، وهذا - إن شاء الله تعالى – يشعرك بالكثير، والمزيد من التعافي النفسي الجيد.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات