السؤال
بسم الله
السلام عليك يا دكتور محمد.
أنا محمد من الجزائر, صاحب الاستشارة رقم: (2143098), أرجو يا دكتور أن تفكر في حالتي جيدا كما عهدتك دائما, وتعطيني الحل المناسب, فقد أقعدني المرض, وصرت كالمعاق لا فائدة مني, وهذه تجربتي الأخيرة, والحمد لله.
منذ فترة رجعت إلى الزيروكسات حبة, فأحسست بفائدته أي حوالي 30 بالمئة, ثم تركته إلى الأنافرانيل 150 مل دون فائدة, ثم رجعت إلى الزيروكسات, وأفادني فزدت الجرعة حبة ونصف لمدة 15 يوما, فزادت الفائدة, ثم حبتين لمدة 24 يوما, زاد فيها القلق والملل الشديد؛ فتركته.
الآن رجعت إليه, وأنا أتناول حبتين منذ أسبوع؛ لأني وجدته الحل الوحيد حسب تجربتي, ولكني خائف جدا أن لا يفيدني كما في السابق, وأنا عندما أتناول الزيروكسات سابقا أحس بالفرق بعد 3 أسابيع فقط, فهذا الأمر يخوفني كثيرا, فهل من تفسير؟ وهل من نصيحة إذا مر شهر ولم يفدني؟ وهل مدة الاستجابة للدواء تختلف باختلاف الجرعة؟
إذا لم يفدني الزيروكسات بجرعة 40 مل فما هو الحل الآخر؟ علما أني جربت البروزاك والسبرلكس والأفكسور والأنافرانيل والزولوفت 100 مل, وعندما جربت الأنافرانيل 150 مل في اليوم 14 و 15 أحسست بنسبة شفاء عالية جدا, ثم عاد الأمر كما هو, وتركته في اليوم 27, وقد بدأت مباشرة ب 150 مل دون تدرج, طبعا كل ذلك تحت إشراف الطبيب, ولكني لم أرجع إليه لأنه بعيد جدا.
والطبيب في الأصل قال لي: إن دواءك هو اللوديوميل 150 مل, وإذا لم تجد فالأنافرانيل؛ لأن اللوديوميل شبه مقطوع عندنا.
الرجاء يا دكتور الإسهاب في الرد على الأمور الثلاثة:
أولها: لماذا لم تنفع معي جرعة الزيروكسات 40 مل رغم أن جرعة 20 و 30 أفادتني بعد 15 يوما تقريبا؟
ثانيا: كم يجب أن أصبر على جرعة الـ 40 مل؟
ثالثا: هل ترى أن الأنافرانيل لو صبرت عليه سيكون حلا لمشكلتي؟ وما هي الحلول الأخرى غيرهما إذا فشلا؟
استعن بالله يا دكتور, وأسأل الله أن يوفقك إلى الرد الصحيح الذي يكون سببا في شفائي.
وبارك الله فيك وفي إخوانك في الشبكة الإسلامية.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فأؤكد لك أن استشارتك قد اطلعت عليها بدقة، وقطعا سوف أهتم بها.
بالنسبة لفعالية الأدوية: هذه تحددها البناءات الجينية للناس، هذا من ناحية, من ناحية أخرى: هنالك ما يعرف بالحيز أو الطيف العلاجي البيولوجي الحيوي، وكل دواء له طيف معين، وكثيرا هذا الطيف لا يكون مرتبطا بالجرعة، وهذا يسبب إشكالية كبيرة جدا، مثلا عقار مثل ريمارون والذي يعرف علميا باسم (ميرتازبين)، هو من أفضل الأدوية التي تعالج الاكتئاب النفسي، وتحسن النوم خاصة لدى كبار السن، لكن وجد أن الجرعات الصغيرة كثيرا ما تكون أفيد في تحسين النوم من الجرعات الكبيرة.
لذا نستطيع أن نقول أن كل إنسان لديه تفصيله ومقاسه الذي يناسبه من حيث فعالية الأدوية، وليس من الضروري أبدا أن تكون الجرعة متوازية أو متشابهة في جميع الناس، المهم هو ألا تخرج الجرعة من نطاق السلامة.
فيا أخي: هذا قد يفسر ما حدث لك في موضوع استجابة الزيروكسات، والأمر الآخر -وهو ضروري جدا– هو أن المستقبلات العصبية نفسها لا تكون على حالة واحدة، هذه المستقبلات لأسباب غير معروفة، أحيانا تكون نشطة، أحيانا تكون في حالة خمول، تستقبل الدواء بفعالية، وفي أحيان أخرى لا تستقبله بفعالية، وهذا كله ناشئ من عمليات فسيولوجية وجينية معقدة جدا.
الأمر الثالث وهو الدفع الإيجابي: الإنسان الذي لديه إرادة التحسن أعتقد أن الأدوية تفيده أكثر، وهذا ليس توهما أو نوعا من التأثير الإيحائي، لكنها حقيقة.
فيا أخي الكريم: يجب أن تثق أن العلاج هذا سوف يفيدك، وهذه التأرجحات والتذبذبات في نفع الأدوية أو عدمها ظاهرة معروفة جدا، وبعض الأدوية تعطى للمريض وقد لا تفيده أبدا مهما استمر عليها، لكن بعد فترة أخرى إذا جرب نفس الدواء ربما يستفيد منه كثيرا، هذه ظواهر لم تفسر تفسيرا كاملا، لكنها مثبتة ومشاهدة تماما.
أنا لا أريدك أن تتشاءم حول الزيروكسات، هو دواء جيد ونافع، وإن شاء الله تعالى تستفيد منه، لكن يجب أن تصبر عليه، وفي مثل حالتك أنا أرى أن الدواء يجب ألا يحكم عليه بالفشل إلا بعد مضي ثلاثة أشهر على الأقل من تناوله بصورة ملتزمة وبجرعة صحيحة، فالحمد لله تعالى أمامك مجال كبير، وإن شاء الله تعالى تستفيد كثيرا من هذا الدواء، والآليات العلاجية الأخرى.
بالنسبة لسؤالك حول الأنفرانيل: لا شك أنه دواء ممتاز، لا أحد يستطيع أن ينكر ذلك، لكن أيضا استجابة الناس له تتفاوت، وفي بعض الأحيان حين يعطى الأنفرانيل مع دواء آخر قد تكون الفائدة أكبر، بشرط ألا نخرج من الحيز الصحيح للجرعة السليمة.
مثلا: إذا أراد إنسانا أن يتناول الزيروكسات مع الأنفرانيل –وهذا ليس مفروضا أبدا– يعرف أن جرعة الزيروكسات القصوى هي حتى ستين مليجراما (مثلا) بالنسبة للشخص الذي وزنه حوالي سبعين كيلوجراما، والجرعة القصوى للأنفرانيل هي مائتي مليجراما في اليوم، فعلى ضوء ذلك يمكن أن تحسب الجرعة، مثلا نستطيع أن نقول أن كل عشرين مليجراما من الزيروكسات تقابلها تقريبا خمسة وسبعين مليجراما من الأنفرانيل.
يعني إذا تناول إنسانا حبة واحدة من الزيروكسات صباحا فلا مانع أبدا من أن يتناول مائة مليجراما من الأنفرانيل مساء، (وهكذا).
فيا أخي الكريم: إن أردت أن ترجع إلى الأنفرانيل فأعتقد أن ذلك لا مانع فيه، لكن يجب أن تعطي الزيروكسات فرصة كاملة، بعدها إذا لم تحس بتحسن حقيقي فأعتقد أنك ربما تحتاج أن تتناول الزيروكسات مع الأنفرانيل، بشرط أن يكون هناك حساب صحيح ودقيق للجرعة.
بالنسبة لهذين الدوائين إذا فشلا: هنالك وسائل كثيرة جدا، هنالك من يرى إدخال جرعة بسيطة من الأدوية المضادة للذهان مثل الرزبريادون، فهي ذات فائدة تدعيمية، وهناك من يرى أن عقار (دسفلافاكسين) والذي يعرف باسم (برستيج) وهو مشتق من عقار (إفكسر) ربما يكون أفيد، وهنالك من يرى تكثيف العلاج المعرفي بجانب العلاج الدوائي، (وهكذا).
فإذن - أخي الكريم – الحلول كثيرة ومتوفرة جدا, وأنت إن شاء الله تعالى بخير، وسوف تتحسن أحوالك نحو الأفضل.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب.