السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
خطوبتي فسخت قبل عدة أشهر لأسباب لا داعي لذكرها، ولله الحمد على كل حال، المهم أني تجاوزت المرحلة الصعبة بفضل من الله وحده جل في علاه.
مشكلتي باختصار تكمن في أني بعد فسخ الخطوبة كثرت علي الكوابيس، وصرت أفزع كثيرا من نومي، فاقترحت علي أختي أن تذهب بي إلى امرأة تعمل في مجال الرقية الشرعية، ذهبنا إليها وقرأت علي، وفي بداية قراءتها علي صارت تتثاءب كثيرا وقالت: أنت (منفوسة).
علمت منها أن معناها أن هناك من يريدني أو أنا أريد أحدا، وهذه النفس قوية جدا، وقرأت علي قراءة كاملة وبعدها أخبرتني بأن علي ربطا جعل خطيبي السابق يراني كالقردة، وبأنني إذا خطبت بعد ذلك سيحصل لي الشيء نفسه، أي سأفسخ خطوبتي مرارا وتكرارا بسبب هذا الربط، وقالت: أنت مطلوبة للخطبة ولكن لا أحد يراك جيدا ليخطبك، وأخبرتني أن أقرأ سورة البقرة لعشرة أيام في الفترة من الفجر إلى ما قبل الظهر، وأن أغتسل بالماء المقروء فيه، وأن أعود إليها بعد ذلك.
داومت علي ما قالت ولكن لم أكمل، خفت أن تكون قد كذبت علي لأن كلامها حول أنه سيحصل لي الشيء نفسه أثار قلقي، لأنه لا يعلم بالغيب إلا الله!
ما توجيهكم يا شيخ؟ هل كلامها صحيح؟ وهل الرقية تكون بهذا الشكل؟ هي لم تقرأ علي إلا آيات من القرآن الكريم. وهل حقا هناك ربط يجعل الشخص يرى أحدهم كالقرد؟ وكيف أعرف أنني مسحورة أو مربوطة دون الحاجة للجوء إلى أي أحد سوى الله وحده؟ أتمنى أن أجد لديكم الإجابة الشافية لتساؤلاتي لأنني لا أفقه في مثل هذه الأمور للأسف.
بارك الله فيكم أجمعين لما تبذلونه في مساعدة إخوانكم المهمومين.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أنسام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يرد عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين، وأن يمن عليك بزوج صالح طيب مبارك عاجلا غير آجل، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك -ابنتي الكريمة الفاضلة– فإنه مما لا شك فيه أن عالم الجن والشياطين عالم غريب عجيب، وأن هذه الفئة من خلق الله تبارك وتعالى تتمتع بقدرات ليست عادية بالنسبة لنا، فلديهم القدرة على التشكل بالأشكال الحسنة والقبيحة، كما أن لديهم القدرة أيضا على إلحاق الضرر بعباد الله تعالى وفق أسباب معينة، يقدر الله تبارك وتعالى أن تكون موجودة ليتحقق بها حدوث الضرر أو دفعه بقدرة الله تبارك وتعالى.
ولذلك هذا الكلام الذي ورد في كلام هذه المرأة لعل فيه قدرا كبيرا من الحق والصواب، إذ أنه لا يستبعد أبدا أن يكون للسحر دور في تغيير شكل الإنسان وخلقته، ولذلك هذا الكلام موجود في كلام الله تبارك وتعالى كما أخبر بقوله: {فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه}، فالساحر يستطيع أن يفعل ذلك وأكثر منه، ولكن ذلك خاضع لإرادة الله تبارك وتعالى وقدرته، فالساحر ليست لديه القدرة على أن يلحق الضرر بنفسه، وإنما قد يقوم الساحر بعمل عدة أسحار في اليوم الواحد، ولكن يشاء الله تبارك وتعالى ألا يؤثر منها إلا عدد أراده الله تبارك وتعالى، لأن الساحر لديه القدرة على إلحاق الضرر بنفسه، لأن الذي يلحق الضرر بنفسه ويدفع الضر بنفسه إنما هو الله تبارك وتعالى، فقد قال الله تعالى: {وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله}، فالسحرة والعارفون والدجالون والكهنة يفعلون ذلك تحت سلطان الله تبارك وتعالى وإرادته، فلا يخرج شيء عن قدر الله أبدا مهما كانت قوة الإنسان وقدراته، حتى وإن كانت خارقة كما يزعمون.
ولذلك لا يستبعد أبدا أن يكون هناك نوع من السحر يؤدي إلى تشوه صورتك في نظر الخاطبين أو في نظر خطيبك الذي تم انفصالك عنه، هذا وارد جدا، ولكن أنا ألحظ بأن طريقة علاج هذه المرأة ليست سليمة بنسبة مائة بالمائة، فكونها تقول بأن هذا الأمر سوف يحدث لك في المستقبل وأنك مربوطة بطريقة كذا، وأنه سيحدث لك كذا وكذا، أرى أن هذا نوع من الرجم بالغيب، وقد تكون هذه المرأة تستعمل الجن، حتى وإن كانت تقرأ آيات القرآن الكريم، ولذلك كنت أتمنى أن تواصلي العمل الذي وضعته لك ما دام لا يوجد هناك أكثر من قراءة سورة البقرة، وكذلك الاغتسال بالماء المقروء عليه، ولذا فإني أتمنى أن تعودي مرة أخرى إلى استعمال البرنامج من قراءة سورة البقرة –كما طلبت منك هذه المرأة–، وكذلك أيضا الاغتسال بالماء المقروء، فهذا ليس فيه مضرة ولا علاقة له بالجن، حتى وإن كانت هذه المرأة تستعمل الجن أو تستعمل بعض الوسائل غير المشروعة، إلا أن هذا الكلام في حد ذاته ليس فيه شيء من الناحية الشرعية.
كيف تعرفين أنك مسحورة أو ممسوسة؟ هذا الأمر بسيط جدا، فتستطيعين أن تتعرفي على آيات الرقية وأحاديثها، وعندما تتم قراءة هذه الآيات سوف تشعرين بنوع من التأثر عند قراءة آيات معينة أو أحاديث معينة، لأن لدينا آيات تؤثر في السحر، وآيات لها علاقة بالحسد، وآيات لها علاقة بالمس، فالإنسان يستطيع أن يعرف نفسه بنفسه، وأن يشخص حالته دون الرجوع إلى أحد من الناس، وذلك كما ذكرت عن طريق معرفة الآيات، يعني تعرفين آيات السحر وعندما تقرئينها أو يقوم أحد بقراءتها عليك سوف تشعرين بنوع من التأثر السلبي أو الإيجابي، كذلك آيات المس، هناك طبعا آيات للمس في الرقية الشرعية يستعملها الرقاة، وهي موجودة أيضا تستطيعين معرفتها عن طريق الإنترنت، لو كتبت كلمة (الرقية الشرعية) سوف يظهر أمامك كل ما يتعلق بهذا الجانب.
إذن تستطيعين بارك الله فيك أن تعرفي ما لديك، وأنا لا أستبعد أبدا أن يكون هذا نوع من السحر فعلا، وهذا أمر طبيعي، وكلام المرأة فيه صواب، لأن طريقتها كما ذكرت فيها بعض الدخن، ولذلك أرى ألا تذهبي إليها مرة أخرى، ومن الممكن أن تذهبي إذا كنت مضطرة إلى أحد الرقاة الثقات الذين يعرف عنهم سلامة المعتقد، ولا يستعملون وسائل غير مشروعة في العلاج، إلا أنك تستطيعين كما ذكرت بنفسك عندما تعرفين آيات المس وتعرفين آيات السحر وتعرفين آيات الحسد، وهذا سهل جدا، لأنك لو كتبت -مثلا- الآيات التي تؤثر في المس أو السحر أو الحسد، يظهر أمامك في الإنترنت هذه الآيات وتلك الأحاديث التي تستعمل في مثل هذه الحالات، وبهذه الحالة عندما تقرئين هذه الآيات بكثرة سوف تكتشفين الحقيقة هل أنت محسودة؟ هل أنت معيونة؟ هل أنت مسحورة؟ هل هناك جن عاشق -مثلا- يؤثر في صرف الخطاب أو يلعب دورا في بعد الخطاب عنك؟ وبذلك تستطيعين أن تعالجي نفسك دون اللجوء إلى أحد.
إذا لم تتمكني من ذلك فلا مانع من الذهاب مرة أخرى إلى أحد الرقاة، ولكن اتركي هذه المرأة، لأني أشك في أنها تستعمل الجن.
أسأل الله تبارك وتعالى أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يمن عليك بالخير كله، وأن يرزقك زوجا صالحا عاجلا غير آجل، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.