السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكركم على هذا الموقع الرائع، لقد كثرت علي الفتن، وكلما أتوب أرجع إلى الذنب، وأحس بالملل والفتور عندما أعصي الله، وأنا أكثر ما أنظر إلى المحرمات، فما نصيحتكم لي؟ وجزاكم الله خيرا.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكركم على هذا الموقع الرائع، لقد كثرت علي الفتن، وكلما أتوب أرجع إلى الذنب، وأحس بالملل والفتور عندما أعصي الله، وأنا أكثر ما أنظر إلى المحرمات، فما نصيحتكم لي؟ وجزاكم الله خيرا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بابنتنا الفاضلة في موقعها، ونشكر لك هذا السؤال الرائع الذي تسألين فيه عن الفتن التي أحاطت بالناس من كل جانب، ولا عاصم لنا إلا بإذن الله، وإلا بتوفيق من الله تبارك وتعالى، فعمري قلبك بالتوحيد، وعمري قلبك بالمراقبة لله تبارك وتعالى، واعلمي أن لذة الدنيا تزول، وأن الإنسان إذا امتنع عن المعاصي وغض بصره وجد لذة وحلاوة في قلبه لا تعادلها حلاوة.
وقد أحسنت فإن الفتن أحاطت بالناس من كل جانب، لكن ليس كل الناس يسقطون، كما قال الأطباء: الجراثيم تملأ الفضاء ولكن ما كل الناس يصابون بالمرض، إنما يصاب بالمرض من فقد المناعة، فالإيمان للإنسان كالمناعة للأبدان، فعمري قلبك بالإيمان وبالتوحيد وبالذكر وبالمراقبة والخشية من الله تبارك وتعالى، وأشغلي لسانك بذكر لله ليبتعد عنك الشيطان الذي يزين للناس المنكر، وطاردي الخاطرة –خاطرة السوء– قبل أن تتحول إلى فكرة، وطاردي الفكرة قبل أن تتحول إلى هم، وطاردي الهم قبل أن يتحول إلى إرادة، وطاردي الإرادة قبل أن تتحول إلى عمل، فإذا وصلت إلى هذه المرحلة ووقعت في معصية فعجلي بالتوبة وسارعي في الرجوع إلى الله تبارك وتعالى.
واعلمي أن العظيم تبارك وتعالى ما سمى نفسه توابا إلا ليتوب علينا، ولا سمى نفسه رحيما إلا ليرحمنا، ولا سمى نفسه غفورا إلا ليغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، فأدخلي نفسك في رحمة الرحيم، واجتهدي في البعد عن مواطن الفتن، فالإنسان يعرف مواطن الفتن، فقللي من خروجك إلى الأسواق، وابتعدي عن أماكن الرجال، وغضي طرفك عن المواقع والقنوات والأشياء المشبوهة، وابتعدي عن كل ما يثير عندك الفتنة في نفسك، واحرصي دائما على أن تحشري نفسك في رفقة صالحة، يذكرنك بالله إذا نسيت، ويكن عونا لك على طاعة الله إن ذكرت.
واعلمي أن أختك المؤمنة هي التي تنصح لك، وتبصرك بالعيوب، وتأخذ بيدك إلى الطاعة، والمرء حيث يضع نفسه، فإن الإنسان إذا صحب الأخيار نال أعلى الدرجات عند الله تبارك وتعالى، ثم اجتهدي في محاسبة النفس، ليست محاسبة في كل سنة، ولكن في كل يوم، في كل لحظة (ماذا أردت بنظرتي؟ ماذا أردت بلكمتي؟ ماذا أردت بأكلتي؟ ماذا أردت بنومتي؟ ماذا أردت بشربتي؟) فإن كثرة الحساب تقلل الأخطاء، لذلك قال عمر: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، وتزينوا للعرض الأكبر بين يدي الله، يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية).
مرة أخرى: نحيي فكرة السؤال التي تدل على قلب حي، وعلى نفس حريصة على الخير، ولا نملك إلا أن ندعو الله لك بالثبات والسداد، والسير على هذا الطريق، طريق المحاسبة، طريق المراجعة، طريق الخشية من الله تبارك وتعالى الذي يعلم السر وأخفى، وأرجو أن تعلمي أن الإنسان إذا أطلق لبصره العنان أتعب نفسه.
وكنت متى أرسلت طرفك رائدا *** لقلبك يوما أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قادر عليه *** ولا عن بعضه أنت صابر
كل الحوادث مبداها من النظر *** ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فعلت في نفس صاحبها *** فعل السهام بلا قوس ولا وتر
يـســر مـقلـتـه ما ضـر مـهـجـتـــه *** لا مرحبا بسرور عاد بالضرر.
فإذا عرف الإنسان عواقب إطلاق العنان للبصر وعواقب المخالفات كان ذلك من أكبر الدوافع في البعد عنها، والمسلمة ينبغي أن تبصر نفسها وتنظر إلى نهايات الطريق، إلى ماذا يوصل طريق الغفلة والبعد عن الله تبارك وتعالى؟
هنيئا لك بهذا القلب الحي الذي ينبغي أن يشغل بطاعة الله ويعمر بتوحيد الله، وأشغلي لسانك بالخير، واعلمي أن المرء حيث يضع نفسه، وحذاري أن يراك الله حيث نهاك، أو يفقدك حيث أمرك، ولا تنظري إلى صغر الخطيئة، ولكن تذكري أنك تعصين العظيم سبحانه وتعالى.
نسأل الله لك التوفيق والسداد، ونكرر ترحيبنا بك في الموقع.