زوجي يبذر ماله على أصدقائه ولا ينفق عليّ

0 412

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعاني من زوجي كثيرا، فهو كثير الشتم لي، ويشتم شكلي، ويطلب مني أن أقابله مبتسمة، علما أني أطلب منه أشياء لا يقوم بها، مع العلم أني حريصة كل الحرص في نفسي وعيالي وبيتي، ومؤدية كل واجباتي تجاهه، لدرجة أني أحيانا أنصحه لكثرة تبذيره مع أصحابه فيغضب، وهو مؤذن ويصلي، ويصوم الفرائض، والنوافل، ولا ينفق علي، ويقول: يكفيك المأكل والمشرب، وأن أسدد فاتورة جوالك، وأغلب مصروفه يذهب لأصحابه، ويقول لي أنت مبذرة، كيف أتعامل معه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم علي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك أختنا الكريمة في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصلح ما بينك وبين زوجك، ويديم الألفة والمحبة بينكما.

نشكر لك -أيتها الأخت الكريمة– إنصافك لزوجك بوصف ما فيه من الفضائل والخيرات، وهذا دليل على رجاحة في عقلك، ونحن على ثقة بأنك ما دمت تتمتعين بهذا القدر من التعقل والإنصاف فإن هذا -بإذن الله تعالى– سيكون قائدا لك للخروج من الحالة التي تعيشينها مع زوجك.

نحن ندرك -أيتها الأخت– أن هذا الزوج مخالف للمعاشرة بالمعروف على الوجه الأكمل الذي أمر الله تعالى بها، فإنه لا يجوز له أن يشتمك ويسبك، فإن هذا مخالف للمعاشرة بالإحسان والمعروف التي حث الله تعالى عليها، ولكننا في الوقت ذاته ندرك تمام الإدراك أن تغيير هذا الواقع سيبدأ منك إذا أخذت بأسباب التغيير، وإن كنت تشعرين بنوع من الهضم لحقوقك، أو الظلم الواقع عليك، ونذكرك بقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- في وصف نساء الجنة حين قال: (ألا أخبركم بنساءكم من أهل الجنة)، ثم قال: (الودود الولود العئود التي إذا آذت أو أذيت جاءت فوضعت يدها في يد زوجها وقالت: لا أذوق غمضا حتى ترضى)، فهذا الخلق إذا اتصفت به المرأة فإنها لن تخسر شيئا، بل على العكس من ذلك تماما ستسعد نفسها في الدنيا وتسعد زوجها وتسعد الآخرين من حولها، وهي أيضا ستتواصل سعادتها لتعيش سعادة الأبد في جنات النعيم، إنها امرأة عئود تبادر بالاعتذار، وإن كانت مظلومة، وتبادر بالإحسان وإن قصر الزوج في حقها، فهي إذا أوذيت جاءت فوضعت يدها في يد زوجها وقالت (لا أذوق غمضا حتى ترضى).

ولك أن تتصوري أثر هذا السلوك على الزوج إذا تخلقت به المرأة، إنه بلا شك سيصنع زوجا آخر، فإن النفوس مجبولة على حب من أحسن إليها، كما هي مجبولة على التأثر بالكلمة الطيبة، إن الكلام الطيب كفيل بأن يقلب العدو صديقا، فكيف بالزوج الحبيب القريب.

نحن نوصيك -أيتها الأخت الكريمة- إلى أن تتوصلي إلى حقوقك المضيعة من هذا الزوج باتباع هذا الأسلوب، وستصلين إليها -بإذن الله تعالى- على أتم الوجوه وأكمله، ستصلين إلى ما هو أكثر منها، إنك ستسعدين نفسك أولا، بشعورك أنك قد بذلت كل ما تقدرين على بذله، وستسعدين زوجك؛ لأنه ينتظر منك هذا السلوك، وإن كان هو المقصر والمضيع لما ينبغي أن يقوم به، وستسعدين نفسك بعد هذه الحياة –أي في الحياة الآخرة-.

نحن نتمنى -أيتها الأخت الكريمة- أن تتغلبي على جراحك، وتحاولي أنت مبادئة الزوج بهذا السلوك، وتقابليه بالابتسامة، وتعامليه بالعفو والمسامحة، وتسمعيه الكلمة الطيبة، وسترين -بإذن الله تعالى- أثر هذا.

نصيحتنا لك ألا تكثري من محاسبة الزوج على ما يفعل مع أصحابه ويبذله لهم حتى لا تكون العلاقة بينكما قائمة على المشاحة والمحاسبة، فرفقي بهذا الزوج قدر الاستطاعة للوصول إلى حقوقك، فإن الرفق ما كان في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه، وإذا أراد الله تعالى بأهل بيت خيرا أدخل عليهم الرفق.

ما يقوله الزوج من أنه يكفيك المأكل والمشرب، وأن يسدد فاتورة تليفونك أو جوالك، كل هذا سيحل وستتجاوزونه عندما تكون المعاملة بينكما قد تجاوزت مرحلة المشاحة والمحاسبة على القدر الواجب فقط، هناك حقوق مقررة للزوجة قررتها الشريعة، وهي النفقة بالمعروف، وبلا شك أن المأكل والمشرب أول هذه الحقوق، ولكن نصيحتنا ألا تدخلي مع زوجك في هذا المضمار، وألا تفتحوا على أنفسكم هذا الباب –باب المشاحة والمحاسبة– في قدر الحقوق، فتعاملي مع زوجك في المرحلة الأولى بنوع من التسامح، وطيب الخاطر، وأظهري له المودة والحب، ونحن على ثقة من أنه سيتغير وسيعطيك فوق ما تطلبين.

نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يديم المودة والألفة بينكما.

مواد ذات صلة

الاستشارات