مللت الحياة وحرمت من الحب والحنان، فأين أجدهما؟

0 443

السؤال

السلام عليكم.

مللت من الحياة, أعيش وحيدا في غرفتي، أسرتي مفككة جدا منذ صغري، أريد التغير دائما، أعشق السفر وأبحث عن الحنان منذ 15عاما ولم أجده، مشاعر الحنان والحب بداخلي كادت أن تنفجر، أوهم نفسي للحظات بأنه يوجد معي الحنان والحب والصدق.

كل من حولي تفرقوا، أمي انفصلت عن أبي وأنا عمري سنتان، أبي هاجر من مصر وعاش 20 عاما في السعودية، جدتي التي ربتني توفيت وفارقتني، أخي تزوج وفارقني وكذلك أختي تزوجت وفارقتني، كل من حولي ذهبوا، أنا الآن وحيد، ماذا أفعل؟

لقد يئست من الحياة وأعيش بأمل العثور على شريكة حياتي التي سوف تملأ حياتي بالحب والحنان الصادق، ولكن ظروف الحياة الصعبة تعيقني عن تحقيق حلمي الوحيد؛ الذي هو جلب الحنان والعيش في الدنيا باطمئنان، فأين أجد الحنان الآن؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ المتفائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلا بك -أخي الحبيب- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك في عمرك وأن يرزقك حسن العمل وخيره.

أخي الحبيب: إننا متفهمون تماما لما تتحدث عنه، ومقدرون كذلك ما عانيته وتعانيه من تشتت الأسرة، وغياب الأب، وموت الجدة نسأل الله أن يرحمها وأن يتقبلها في الصالحات.

الأخ الحبيب: لو قلبت ناظريك حولك ستدرك أن البلاء لا يترك أحدا، ولكنه يتوزع بقدر الله ولحكمة، فهناك من فقد والده ولم يجد جدة تربيه، وهناك من فقد الأهل والأقارب، وهناك من رزق الأهل والوالد ولكنه ابتلي بالمرض، وهناك، وهناك، وهناك...

فالبلاء -يا حبيب- قدر يبتلى الله به الناس ليختبر إيمانهم ويرفع درجاتهم، فقد قال الله تعالى: "آلم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون" وفلسفة البلاء تخبر أن كل من اشتد به البلاء عظم له الأجر، وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن أكثر الناس بلاء (الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى المرء على قدر دينه)، فالبلاء -أخي الحبيب- دليل عافية، فإن الله إذا أحب عبدا ابتلاه.

ثانيا: طبيعة البشر أنهم لا يشعرون إلا بما يصيبهم، فإذا سألت مريضا لذكر أنه بمرضه من أكثر الناس هما وغما، وإذا سألت فقيرا أو يتيما أو عاملا أو مطلقا أو مسجونا لأجابوا بنفس الإجابة، ولكن العاقل يدرك أنه مع البلاء عند الصبر منعم عليه، وأن الأجر مدركه، وأن الله يرفع بهذا البلاء بلاء أعظم منه، هذا كله هو ما يصبر العبد ليحتسب فيه الأجر.

ثالثا: الناس أمام البلاء على قسمين: قسم يغرق فيه فلا تجده إلا شاكيا, أو حزينا أو باكيا، لتجدد الأحزان في قلبه, ولا ينتقل من هم إلا إلى مثله, وأما القسم الآخر فهو الذي يجعل من البلاء دافعا على العمل، ويجعل من الحزن قائدا إلى السرور والفرح؛ لأنه في خاصة نفسه يعلم أنه ما ابتلي إلا لحكمة، ولا صبر إلا بعون، فالعبد في ذاته لا يقوى على الصبر, ولكن الله من فضل رحمته هو من يصبره ويحميه.

رابعا: جميل أن تفكر في الغد، وأن تفكر في زوجة صالحة تكون لك زوجة، وأما وأختا وصاحبة، ولكن الأجمل أن تعمل، وأن تجتهد وأن تضع لنفسك جدولا زمنيا، لا تنظر في هذا الجدول إلى صغر العائد بقدر ما تنظر إلى التقدم الذي تحرزه يوميا، فإن بعض الشباب يقول: ماذا أفعل براتب صغير؟ وعائد قليل؟ والإجابة الطبيعية: وماذا ستفعل بدونهما؟ الأصل أن يجتهد المرء, والقليل مع القليل كثير, والجبال أصلها حبات رمل.

ثم أمر آخر هام وهام جدا: أن العبد إذا سلك هذا الطريق أعين عليه، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (ثلاثة حق على الله عونهم .... الناكح يريد العفاف).

فاجتهد ولا تنظر إلى نصف الكوب الفارغ، ولكن انظر إلى نصفه الممتلئ، نسأل الله أن يوفقك لكل خير، والله ولي التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات