السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكر العاملين في هذا الموقع المبارك.
عندي توتر وخوف، وعدم الثقة في النفس، وعدم مواجهة الناس، والغضب لأتفه الأسباب، وضيق في الصدر، وخمول في الجسم، وسرحان، وعدم تركيز، ونسيان، إذا صليت كل الفروض في جماعة في المسجد تذهب بعض تلك الأعراض، وعندما يفوتني فرض صلاة مثل صلاة الفجر أبقى ذلك اليوم في خوف وضيق وتعب وخمول وسرحان، وعدم تركيز، مع العلم ذهبت لأطباء نفسيين وقالوا بأنه رهاب اجتماعي؛ حيث صرفوا لي علاجا لكني لا أستمر في العلاج وأقطعه لآني لا أتحمله، ذهبت لرقاة وقالوا بأنه مس وعين، فما تفسيركم لحالتي؟
جزاكم الله خيرا فأنا في حيرة من أمري!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو سجى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمن الطبيعي بل من الممارسات الشائعة جدا أن الإنسان إذا ذهب إلى أي متخصص يستفسر منه عن شيء ما – عن شكوى طبية أو خلافه على وجه الخصوص – هنا يبدأ المتخصص ويفسر الحالة حسب معرفته وحسب ما يروق له من خلال تخصصه، فأنت حين ذهبت إلى الإخوة الرقاة قالوا لك هذا مس وعين، وحين ذهبت إلى الطبيب قال هذا رهاب اجتماعي.
وأتفق معك، هذا الأمر يدخل الإنسان في كثير من عدم الاستقرار والشكوك، وهذا يزيد من القلق والتوتر.
فيا أخي الكريم: الأمر - إن شاء الله تعالى – أبسط من ذلك، أنت تعاني من توتر وخوف وعدم ثقة في النفس وعدم مواجهة الناس، وغضب، وسرعة في الانفعال، وضيق في الصدر، وخمول، هذه بكل وضوح أعراض ما يمكن أن نسميه بالقلق الاكتئابي البسيط، وقلقك فيه جانب الرهاب (الخوف الاجتماعي) لكن أعتقد أن ذلك أمر ثانوي.
أما بالنسبة للعين والسحر فأنا أؤمن بوجودهما تماما، وقناعاتي بهذا الأمر لا جدال ولا شك فيه، لكن لا أرى ما يشير على أنك مصاب بهذا الأمر، وكنوع من التحوط في حياة المسلم هو أن يحصن نفسه، أن يحرص على أذكار الصباح والمساء، وأن يتلو القرآن، وأن يسأل الله تعالى أن يحفظه.
أنت جزاك الله خيرا حين تفتقد الصلاة بأن لا تذهب إلى المسجد - حتى وإن كان ذلك لعذر – تصاب بالكثير من الندم والإحباط، هذا دليل على الخيرية فيك، ودليل على يقظة ضميرك، ودليل على أنك - إن شاء الله تعالى – تسير على الخط الطيب المستقيم، فأبشر بذلك أيها الفاضل الكريم.
وأعتقد أن حساسيتك هي التي تجعلك تحس بمثل هذا الأمر، وكل الإخوة الذين يعرفون قيمة الصلاة يحسون بهذا الأمر، فبارك الله، وجزاك الله خيرا.
تفاعلك – يا أخي – حين يفوتك فرض الصلاة خاصة صلاة الفجر، هذا شعور عظيم وشعور نبيل، وها هي نفسك اللوامة تحدثك وتقودك حتى لا تفرط في صلاتك، هذا أمر إيجابي، وليس أمرا سلبيا أيها الفاضل الكريم.
أنا أراك بالفعل في حاجة لعلاج دوائي، والعلاج الدوائي لا يفيد إلا إذا كان التدخل مبكرا، يعني أن الإنسان تناول الدواء مع بدايات الأعراض، لكن هذا لا يعني أبدا أن الإنسان إذا بدأ متأخرا لا يستفيد أيضا، لا، هنالك فائدة، لكن الفائدة الأفضل والأعم والأجدى تكون في بدايات المرض.
الأمر الثاني هو: الالتزام القاطع بتناول الدواء، حتى إن الكلمة الإنجليزية في هذا السياق تترجم بكلمة (التصاق) أي أن يلتصق الإنسان بدوائه، لأن هذه الأدوية تعمل من خلال ما يسمى بالبناء الكيميائي، والبناء الكيميائي يتطلب الاستمرارية.
فالذي أرجوه منك هو أن تذهب مرة أخرى إلى طبيبك، والحمد لله تعالى المملكة بها كثيرا من المتميزين، وأعتقد أن حالتك بسيطة وسوف تعالج وتعالج بصورة فعالة جدا.
عقار مثل السبرالكس سيكون مفيدا بالنسبة لك، والإستالوبرام، سبرالكس من الأدوية السليمة ومن الأدوية الفعالة، بشرط أن تلتزم به التزاما تاما.
الجوانب العلاجية الأخرى تتطلب منك أن تكون إيجابيا في تفكيرك، وألا تتبع مشاعرك، إنما تتبع أفعالك وأعمالك، لا تقاد بالمشاعر، إنما أجبر نفسك وادفع نفسك لأن تستغل وقتك بصورة فعالة، ضع جدولا يوميا تنفذ فيه كل واجباتك ومتطلبات الحياة، وتواصلك الاجتماعي، والإشراف على الأسرة، وممارسة أي نوع من الرياضة، وصلة الرحم... هذا يبدل ويبدد مشاعرك السلبية بعد أن تنجز وبعد أن يكون لك هذا الرصيد الكبير من الإنجازات من خلال حسن إدارة الوقت، سوف تنقلب مشاعرك إلى مشاعر طيبة، تشعر بالراحة، تشعر بالثقة في نفسك، وهذا يوصلك - إن شاء الله تعالى – إلى التعافي والرضا عن النفس، وهذا هو الذي نريده لك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.