السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أود أن أعرف: ما معنى التعيير بالذنب بالضبط؟ وهل إطلاق لفظ الفاسق على مرتكب الكبيرة أو لفظ العاصي أو الفاجر على العاصي من التعيير بالذنب؟ لأني أسمع كثيرا من العلماء يطلق هذه الألفاظ! وهل اللوم أو العتاب يعتبر تعييرا بالذنب؟ وهل الإنسان عندما يجد منكرا في أهله فيغضب ويقوم بالزجر يعتبر ذلك تعييرا؟ أليس من حقي أن أغضب عندما أجد منكرا في أهلي؟!
ولو أن هناك من زنت زوجته فعفا عنها وقرر البقاء معها، ولكن أصبح لا يكلمها كثيرا، وتغيرت معاملته معها حتى يشعرها أنها أخطأت، هل هذا يعتبر تعييرا بالذنب؟ وهل يجب عليه أن يعاملها بنفس الدرجة التي كان يعاملها بها في السابق، وإن لم يفعل ذلك أصبح مذنبا؟
هل كره العاصي لمعصيته والبعد عنه من التعيير بالذنب؟ فلقد أصبحت أشعر أنه لا يحق لي أن أغضب عندما أرى في أهلي منكرا، ولا أن أوبخهم، وأنه يجب علي إن رأيت المنكر فيهم أن أكتم غيظي في قلبي وأصمت، وإن تكلمت يجب علي أن أتكلم بمنتهى الهدوء، وكأن شيئا لم يحدث.
أعتذر أني أطلت عليكم، وأرجو أن توضحوا لي هذه الأمور؛ لأنها ملتبسة علي.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فمرحبا بك أيها الحبيب في استشارات إسلام ويب، ونشكرك على تواصلك مع الموقع، ونشكر لك غيرتك عند ارتكاب لما حرم الله تعالى، وهذا الذي ينبغي أن يكون عليه حال المؤمن، فإن الغضب لله تعالى، والحب والبغض في الله من أوثق عرى الإيمان كما جاء في ذلك الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهناك معان أنت بحاجة أيها الحبيب لتحريرها والعلم بها، فتعطي كل مقام حقه، أما التعيير بالذنب فمعناه الاستهزاء بالمذنب والسخرية به، وعيبه بهذا الذنب الذي ارتكبه هذا لا يجوز، وأما بغضه لهذا الذنب الذي فعله، فهذا من الإيمان، وأمره بتركه هذا الذنب أيضا من خصال الإيمان، فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شعيرة من شعائر الله تعالى، وينبغي أن تتبع فيها أحسن الأساليب التي تؤدي إلى تقليل المنكر وإزالته.
وهجر المذنب بسبب ارتكابه للمنكر إذا كان في ذلك ردع له أو لغيره من الناس أمر مشروع كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة، وبهذا تعلم أيها الحبيب أنه لا تنافي بين هذه المقامات ولا تضارب، فبغض الإنسان العاصي بسبب معصيته، ليس فيه تعيير له، كما أمره بالمعروف ونهييه عن المنكر ليس تعييرا.
وأيضا إذا ستر الرجل على زوجته لفعلها الذنب أو وقوعها في الفاحشة هو أمر حسن، لا سيما إذا كانت ممن يرجى صلاحها وتوبتها، وستره عليها من الأعمال الصالحة، ومن ستر مسلما ستره الله، وينبغي أن يجتهد في إصلاحها ووعظها ونصحها ما أستطاع إلى ذلك سبيلا، لكن بغضه لها بسبب ذنبها ليس من تعييرها بذلك الذنب ما دام لا يسبها به، ولا يسخر منها به بعد توبتها وصلاحها.
وبهذا تعلم أيها الحبيب أن كل هذه المعاني لا تمنعك من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والغضب لله تعالى والسعي في إزالة المنكرات لا سيما فيمن ولاك الله أمركم كالزوجة والأولاد.
نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير، وأن يجعلك مفتاحا للخير مغلاقا للشر.