السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة عمري 24 سنة، عصبية جدا ومزاجية وحساسة لأبعد حد، أضع كبريائي أمام أي موقف يحصل لي، محبة للجميع وأحب أن أفعل الخير لكل من حولي حتى من أساء إلي، طيبة القلب، متسامحة جدا ولا أحقد على أحد.
ومشكلتي: أني مخطوبة من سنة ونصف، وتعرضت قبل شهرين للخيانة من خطيبي، اسودت الحياة أمامي.. تحطمت كل الأماني التي بنيتها.. مع العلم أني من سعى وراء كشف الحقيقة لكي أعرف هل هو خائن أو لا!!!
تمنيت أني لم أعرف الحقيقة أو أسعى خلفها؛ لأن نظرتي للحياة تغيرت جدا.. أرى جميع الرجال خونة، انعدمت ثقتي بنفسي وثقتي بمن حولي وأولهم هو، أحيانا ينتابني الحقد والكره تجاهه، انقطع أملي من كل ما هو جميل بيني وبينه! ولا أستطيع تركه لأني لا أستطيع تقبل فكرة عدم وجوده بحياتي؛ ولأني (أحبه!)، مع أنه لو كان الأمر بيدي لتركته منذ شهرين.
عادت الحياة كما هي بعد أن عاهدني بالله أن لا يفعلها من جديد، ولكني لم أعد كما كنت، أصبحت أشعر بالعصبية والانفعال أكثر من قبل خيانته لي، وتنتابني نوبات عصبية على أتفه الأسباب معه أو مع أهلي وأصدقائي، وأؤذي أقرب الناس إلي!!
شعرت بالفشل أنني لم أملأ عينيه، وأخاف من المستقبل، وطوال الوقت أريد أن أبكي! أصطنع الحزن لكي أنعزل عن العالم، وأصبح الهم والضيق والكآبة لا تفارقني، أصبحت أخاف أن يخذلني مرة أخرى، وأصبحت أشك به بكل ما يفعله وكل يوم تحصل بيننا مشكلة، وأتهمه باتهامات حتى وإن لم تكن موجودة (أنه مع فتاة أخرى)، وأرجع من جديد أحاسب نفسي وأتعهد أن أتغير، ولكن دون جدوى!!
لم أستطع أن أسامحه على خيانته لي، وهو الآن لا يريد أن يفسخ الخطوبة بسبب مشاكلي التي لا تنتهي، مع العلم أني ذهبت للشيخ وقرأ علي، وأخبرني أني بخير!
لا أعلم ماذا أفعل! سعادتي ضائعة فكيف أستردها؟
أرجوكم ساعدوني، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الجوهرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
بداية نرحب بك في الموقع، ونشكر لك هذا الحرص على الخير، ونسأل أن يقر عينك بصلاح هذا الشاب، وأن يرده إلى الحق ردا جميلا، وأرجو أن تحاولي دائما ألا تتجسسي ولا تبحثي عن مثل هذه الأمور، وعليك بما ظهر من حاله، واعلمي أنك عندما تكونين بين يديه زوجة له فإن هذه الأمور غالبا ما تتلاشى، وكم تمنينا لو استقام على شرع الله، واعلمي أنه مقصر في جنب الله قبل أن يسيء إليك، فاجعلي همك هدايته، واجعلي همك أن يتوب لله تبارك وتعالى، واجعلي همك الأخذ بيده إلى طريق العافية، واحرصي على أن تعجلوا بمراسم الزواج، فإنه الآن لا يجد سبيلا للوصول إليك، فأنت مجرد فتاة مخطوبة، وهذا ربما يعرض له الكثير من الفتن في الداخل، وليس في معنى هذا أن هذا عذرا له أو أن نعذره، ولكن ينبغي أن تعلمي أنه عاص لله بتلك الفعلة التي تحتاج إلى أن يتوب منها.
ورغم أننا لم ندرك حجم الخيانة، وحجم ما حصل منه، ونوع ما حصل؛ إلا أن المخالفة الشرعية مرفوضة، سواء كنت أنت في حياته أو لم تكوني، سواء كان خاطبا أو غير خاطب، فالمعصية هي المعصية، لا يقبل بها العظيم تبارك وتعالى، ولها شؤم على الإنسان إلا أن يتوب ويدرك نفسه، وهذا هو الذي ينبغي أن تهتمي به وتحرصي عليه، أن تشجعيه على التوبة النصوح، على الرجوع إلى الله تبارك وتعالى الغفار التواب الرحيم، الذي ما سمى نفسه توابا إلا ليتوب علينا، ولا سمى نفسه رحيما إلا ليرحمنا، ولا سمى نفسه غفورا إلا ليغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا.
أرجو أن تأخذ المسألة حجمها المناسب، ولا تحملي نفسك فوق طاقتها، واعلمي أنه بمجرد التوبة يتوب الله تبارك وتعالى عليه، ونحن نقدر مرارة ما حصل، لكن ما ينبغي أن يأخذ هذه المساحات الكبيرة حتى ينعكس على نفسياتك وعلى أحوالك وتعاملك مع الآخرين، لا نريد أن تكوني عصبية، لأن التفكير بهذه الطريقة سيحول حياتكم إلى جحيم، وهذا ما لا نريده لك ولا نريده لهذا الشاب، ولا نريده للأسرة التي تريد أن تراك مبتهجة، تريد أن تراك سعيدة.
واعلمي أن كثيرا من الشباب بكل أسف ربما عنده أخطاء لكن لما يتوب يستقيم بعد زواجه، ويعود إلى الله تبارك وتعالى، فإن الله هو الغفور الغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا، يا له من رب رحيم، يا له من رب تواب كريم.
فساعديه على التوبة، وساعديه على الثبات، ولا تكوني عونا للشيطان عليه، واعلمي أن الزوجة إذا أعطت زوجها الثقة فإنه يرتفع عند مستوى تلك الثقة، أما إذا شكت فيه واتهمته وطاردته باتهامات فإن هذا يدفعه إلى الهاوية وربما يصل إلى مرحلة – والعياذ بالله – ويقول: (ما دامت لا تصدقني فدعني أفعل ما أريد)، ولذلك أرجو أن تصدقيه، وتكذبي عينك، وتكذبي ما سمعت، وتشجعيه على فتح صفحة جديدة، ولا تواصلي التجسس والمتابعة له، فإن هذا لا يفيد ويلحق به الضرر البالغ ويشعر أنه غير موثوق وأنه غير صادق، وأنك لا تصدقيه، وهذا مضر جدا بالنسبة لأي رجل، أن يشعر أنه فقد الثقة عند أهله، ولذلك نحن نريد بناء الجسور، ولا تظهري له أنك يائسة وأنك لا تصدقيه، هذه المعاني نتمنى أن تزول.
إذا كان قد كذب مرة فما المانع أن يصدق مرات؟ وما المانع أن تكون تلك هي المرة الأولى والأخيرة؟!
نسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعين شبابنا على الالتزام والثبات، هو ولي ذلك والقادر عليه.
وللفائدة راجعي علاج العصبية والغضب سلوكيا: (276143 - 268830 - 226699 - 268701).
والله الموفق.