السؤال
السلام عليكم.
زوجي صعب التعامل، ويحب أخواته حبا جما، وأحيانا يضيع صلوات الجماعة في المسجد، وأحيانا يصليها بعد خروجها من الوقت، بسبب سهره مع أخواته.
ماتت أمه وهو بعمر سنتين، فهو متعلق جدا بأخواته، ويفضلهن علي وعلى أولاده، ومقصر معي في الجلوس والحديث وأخذ الرأي، حتى في صلة رحمي، والله حتى في أوقات العزاء والمناسبات يقول لي: اذهبي مع أبيك، وممنوع مع غير أبي، كأزواج أخواتي، والله صرت ما أذهب مناسبات أقربائي بسببه! وقت هذه المناسبات يغضب مني، وما يكلمني حتى لا أصر عليه أن يأخذني، فهو واجب من الواجبات تكون هذه الزيارة.
لا يحب أن أفتح معه المواضيع، وقت ما يهدأ ويروق له يقول أنت لا تنكدين علي، وأنا أسكت وقلبي يحرقني ألما وقهرا، وغير هذا كثير، فهو مزاجي وعنصري وأناني، ولا يطيق أهلي، وكأني ثقيلة عليه!
والله آخر مرة قلت له أنا بحاجة إليك، بحاجة إلى رجل يحسسني بالحب والحنان، ويكون عونا لي، فقال: أنت ما تشكرين ربك على النعمة، ما ترين كيف الرجال تاركين زوجاتهم في بلدان أخرى يبحثون عن الرزق هنا؟! واستغربت من كلامه، وما دخلي أنا بهؤلاء؟! هل أمنع نفسي بسبب غير موجود؟!
ما نصيحتكم ورأيكم؟ كيف أتعامل معه؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عبد الملك حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك ابنتنا الفاضلة، ونقدر لك ما أنت فيه من المعاناة، ونسأل الله أن يصلح لنا ولك الأحوال، وننصح بعدم مواجهة الزوج، وعقد هذه المقارنات، وعدم الكلام بهذه الطريقة، وندعوك إلى أن تغيري الطريقة، وتظهري الفرح وتشعريه بالسعادة عندما يكون معك في البيت، وطالبي بحقك.
لا تمنعيه من صلة أخواته، فإن الفرق كبير بين من تقول أنا أسعد بوجودك، وبين من تقول لماذا تذهب إلى أخواتك؟ لماذا تفضلهن علي؟ وهذا الأسلوب لا نريده؛ لأن الشرع الذي أمره بالإحسان إليك، هو الشرع الذي أمره بالصلة والوفاء لأخواته، خاصة إذا كن يتيمات، وخاصة إذا كن قمن بتربيته ورعايته، وحقا الالتزام بذلك مطلوب.
نتمنى أن تنظري في هذا الأمر بهذه الطريقة، ولا تعقدي مثل هذه المقارنات السالبة، وطالبي بحقك، دون أن يقصر في حق الآخرين، وخاصة هؤلاء الأخوات وأسرته، وأظهري الفرح بكل خطوة إيجابية ولو كانت قليلة، وحاولي دائما أن تشغلي نفسك بالمفيد، وطاعة ربنا المجيد.
نحن بلا شك نشاركك الألم في ما يحصل، ولكن يبدو أن الأمور عبارة عن تراكمات، وهذا الزوج بحاجة إلى فرصة من الزمن ليغير أسلوبه، وبالمداراة سيتغير الوضع بإذن الله تعالى.
كنا نتمنى أيضا السماع عن جوانب إيجابية لزوجك، فلا نعتقد أنه سلبي مائة في المائة، فلا بد أن يكون له إيجابيات، والمقصود هنا هو أن تظهري هذه الإيجابيات وتضخميها؛ لأن هذا يرفع من معنوياتك ويخفف من توترك، ويجعلك تتعاملين مع الوضع بهدوء، ونعتقد أن الأمر سيتغير.
حاولي أن تكسبيه، وتكون علاقتك بأسرته وأخواته جيدة، وعندها سيبادلك المشاعر، وابتعدي عن المقارنات السالبة؛ لأنها تؤثر على الرجل، وتؤثر على نفسيته ويدعوه لهذا الكلام الذي لا تقبلينه، وأنت بنفس الطريقة لما قلت ذلك أحسستيه أنه مقصر مائة بالمائة، وهو شعر بذلك، ولذلك رد بهذا الرد العنيف، وقارن مقارنة ليست في محلها.
ونتمنى من أسرتك أن يتفهموا ما يحصل، وأن يقتربوا منك أكثر وأكثر، ويحاولوا الدخول لحياتك ويحاولوا الاقتراب منه أكثر، ويأتون هم أحيانا إلى البيت، بهذه الطرق حتى نخفف من هذا الوضع، ولا تحملي نفسك ما لا تطيق، واعلمي أن تغيير الطباع يحتاج إلى وقت، والإنسان الكبير لا يتغير بمنتهى السهولة.
لذلك فالمطلوب هو التأقلم مع الوضع، وليس السعي والالحاح في تغيير الوضع، فإن الإنسان إذا شعر أننا نريد أن نغيره، ونريد أن نصححه، وأنه خطأ ونحن صواب، فإن هذا يحمله على العناد، وينبغي أن تحمليه على المشاعر النبيلة نحو أخواته، فلا تسمعيه العتاب واللوم مهما حصل من تقصير، فحاولي بارك الله فيك بحكمتك وعقلك معالجة هذا الوضع.
ونحن نعتقد أن من كتبت هذه الأسطر جديرة على تجاوز هذه المحطات الصغيرة، والتي يمر بها كثير من الأسر، وأعلمي أن كثيرا من البيوت فيها مشاكل، ولكن كيفية التعامل مع المشاكل وإعطاء المشكلة حقها، حجمها المناسب؛ لأن هذا جزء هام في حل المشكلة.
نسأل الله تعالى أن يهديه للحق والصواب، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.