بعد انتقالي للعمل في مدينة أخرى تغيرت نفسياتي!

0 630

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بدأت قصتي منذ حوالي عامين أو أكثر حيث إنه كان لدي مدير متسلط جدا في العمل، وقام بالعمل على تهميشي وعزلي بشكل كامل، ولا يسمح لي بأخذ مكانتي أو التعبير عن شخصيتي، وكنت أصبر وأترك هذا داخل نفسي، ولم أواجهه؛ حيث إني بطبيعتي شخص خجول وأستحي، وعندما انتقلت إلى مدينة أخرى بعد انتهاء العمل معه وفور وصولي؛ أحسست أن كل شيء أراه هو جديد وغريب، وارتابني شعور بالهلع والخوف، وبعد فترة بدأت أحس بصداع غريب في منطقة الصدغين أمام وفوق الأذن، وأحس أن شيئا ما يتحرك داخل رأسي، وضيق شديد في الصدر؛ حتى أني لا أستطيع احتمال الإصغاء لحديث أي شخص حتى ولو دقيقة.

وبدأت تخرج من صدري تنهدات؛ وكأن جبلا فوق صدري، وزاد الصداع حتى كنت اضطر لهز رأسي، وأحس بحركة داخله وأجبر على تحريك رقبتي بشكل لا إرادي، وخف عندي السمع، وزاد الشرود، وأصبح هناك صعوبة في النطق؛ حتى أنه في أحد المرات تشنج رأسي بالكامل.

راجعت طبيب عصبية فورا وحولني لطبيب نفسي، وشرحت له كل ما سبق، وكيف انعزلت عن الناس؛ نتيجة التهميش الذي تعرضت له.

وأفيدكم علما: أن موضوع الخجل، وضعف الشخصية والإحساس بالذنب هو وراثي في عائلتي، مع وجود رعشة في اليدين لكن خفيفة، وسألني الطبيب بعض الأسئلة منها: هل أنا شخص أقوم بالتدقيق الزائد في أي شيء، وبالترتيب والنظافة الزائدة، وهي فعلا صفاتي، وكذلك ذاكرتي القوية جدا جدا، وقدرتي على تذكر أدق التفاصيل، ووصف لي دواء (سيبراليكس 10 مج) مع (ريدون) (ريسبيردون امج) حبة كل يوم، (سيبراليكس الأسبوع الأول نصف حبة) وبعد شهرين من العلاج أوقف ريدون، ورفع جرعة سيبراليكس إلى 20 مج، وطلب مني الاستمرار بالعلاج لمدة أربعة أشهر إضافية.

وعندها بدأت أرى نقطة سوداء تتحرك في مجال صغير أمام عيني اليسرى، وخطوطا ضوئية، وأخيلة تتحرك أمام عيني أيضا، وزاد عندي التشنج في الفك الأيسر؛ حيث إني أسمع طقطقة قوية عندما أحركه، وكل هذا موجود إلى الآن، وضيق الصدر موجود، وأحس أن هموما داخلي، وأريد الصراخ بصوت عال لإخراجها.

وبعد المراجعة أوقف العلاج بالتدريج حيث طلب مني أن أعود لسيبراليكس عيار 10 مج لمدة عشرين يوما، وأن أتوقف بعدها بشكل كامل، ومضى من العشرين يوما عشرة أيام وإلى الآن يوجد لدي خمول ووهن وصداع، وعندما أهز رأسي أحس بآلام وبشيء يتحرك، وأحرك رقبتي بشكل لا إرادي وأسمع طقطقة، ولكن ضيق الصدر خف بنسبة 50 بالمئة، وأنا شخص مقبل على الزواج، أريد أن أعرف ما هو تشخيصكم لحالتي؟ وهل ما أعانيه من خمول وصداع ووهن وقلة التركيز وضعف الإدراك هو نتيجة تأثير الدواء؟ وهل يمكن زوال هذا بعد إيقاف العلاج؟ وهل هناك مشكلة في الزواج؟

أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الواثق بالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

موضوع الخمول والصداع والوهن وقلة التركيز وضعف الإدراك الذي تشتكي منه الآن ربما يكون مرتبطا بانسحاب السبرالكس، لكن هذا الاحتمال لا يمكن أن نعتمد عليه لوحده، حيث إن التأكد من الجوانب العضوية مطلوب، فأرجو أن تقوم بعمل فحوصات عامة، تتأكد من مستوى السكر لديك، مستوى الدم، وظائف الغدة الدرقية، مستوى فيتامين (د)... هذه الفحوصات الأساسية مهمة وضرورية لئن يعرف الإنسان وضعه الصحي.

وإذا اتضح أن كل شيء سليم –وهذا هو الذي نتمناه– ففي هذه الحالة ربما يكون الأمر مرتبطا -كما ذكرنا– بالانسحاب من عقار سبرالكس، بالرغم من أن الانسحاب الذي وضعه لك الطبيب هو تدريجي وسليم ومنطقي جدا، لكن الناس تختلف في تفاعلها مع الأدوية حين تتناولها وكذلك حين تسحب هذه الأدوية. هذا من ناحية.

من ناحية أخرى: فيما يتعلق بتشخيص حالتك: أنا أعتقد أن الذي تعاني منه هو نوع من قلق المخاوف، وربما تكون هنالك جوانب وسواسية بسيطة، لكن الشيء الأساسي هو القلق وشيء من المخاوف، ومخاوفك قطعا فيها الجانب الاجتماعي.

موضوع علاقتك مع المدير وأنه لم يشجعك، وسعى لإبعادك أو تهميشك: هذا تصور من جانبك، وأنا طبعا أقدر تقديرك لهذا الأمر بالصورة التي تراها، لكن أود أن أذكرك بشيء مهم وضروري جدا: أن التجارب في الحياة مهما كانت، حتى وإن كانت فاشلة من منظورنا ففيها أيضا فوائد وفيها عبر، والتجربة السابقة لك في محيط العمل أرجو ألا تنظر إليها نظرة سلبية بالكامل، المدراء يتفاوتون في منهجيتهم وفي طريقة إدارتهم، المهم أنت ينبغي أن تستفيد منها كتجربة وليس أكثر من ذلك، ولا تجعلها حقيقية بالنسبة لك؛ لأن ذلك سوف يعطل مسيرتك.

وأنت الآن -الحمد لله تعالى– بعيد عن سطوة هذا المسؤول، واسأل الله تعالى أن يوفقك في وضع جديد وفي عمل جديد، وتحت إدارة جديدة.

وهنالك بعض الإشكاليات التي تحدث للناس في محيط العمل؛ لأن كل إنسان لديه منظومته القيمية وطريقة تعامله، والإنسان قد يتصادم من خلال بحثه عن واقع جديد، أو حين يريد الإنسان أن يكون الوضع وضعا مثاليا، والمثاليات دائما تتصادم مع الواقع.

الذي أريد أن أصل إليه: أرجو ألا يكون الذي حدث مؤثرا لك أبدا، لا تعتبره كله سلبيا، هي تجربة، استفد -إن شاء الله تعالى– من عبرها، وعش حياتك بقوة وأنت -الحمد لله تعالى– مقدم على الزواج، وهذا أمر طيب وجميل، نسأل الله تعالى أن يجعله زواجا سعيدا.

وأنا أريدك أن تواصل مع طبيبك النفسي، قد يستبدل لك السبرالكس بدواء آخر، وفي ذات الوقت يجب أن تكون مهتما جدا بالجانب الرياضي، الكسل والخمول والتوترات النفسية والشعور بالضيق في الصدر، تساعد الرياضة في علاجه بصورة أكيدة.

فثق في مقدراتك، وحاول أن تستفيد من وقتك بصورة صحيحة، ولا تكثر من التردد على الأطباء، ولا أعتقد أبدا أنه لديك مشكلة كبيرة، كل الذي تشتكي منه هو نوع من قلق المخاوف -كما ذكرت لك– وإن شاء الله تعالى بتجاهله وبالسعي وبالتفاؤل وبالإصرار على التحسن سوف تجد أن أمورك أصبحت طيبة جدا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.

مواد ذات صلة

الاستشارات