علاقتي غير ناجحة مع الأصدقاء.. فهل المشكلة مني؟

0 404

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالب جامعي، عمري 18 سنة، مشكلتي هي كالتالي: لا أنجح في علاقاتي أبدا, دوما أجد خللا فيها, أي أنني لست حلو المعشر، ولا أدري ما السبب! أنظر إلى أصدقاء مقربين، وأرى كيف علاقاتهم تنجح دوما مع الجميع، وهذا أمر يقتلني؛ لأنه لا ينقصني شيء, وأتساءل دوما لم شخصيتي غير جذابة؟!

بدأت بالبحث عن مشكلتي هذه منذ سنين، وأول مرة جربت فيها حل المشكلة، وهي بناء على استشارة أعطيتموني إياها أنني أعاني من الرهاب الاجتماعي ونصحتموني بدواء التفرانيل, وبدأت آخذه على مدى أسبوعين، لكنني قطعته من أجل التغلب على الرهاب عن طريق المواجهة، وبالفعل تغلبت عليها, والآن لدي جرأة واسعة في الحديث مع الناس، والوقوف أمام المئات حيث إنني ممثل مسرحي هاو, لكن لاحظت أنه ما زال لدي مشاكل مع الناس في العلاقات! لماذا ذلك يحبه الناس ويحبون الجلوس معه؟ ألن يؤذيني هذا، وأنا أتحدث جميع الثقافات، ولي آراء فيها، ألست ناضجا لدرجة فهم المحيط من حولي؟ ألا أريد أن يتم احترامي كوني ناضجا؟!

بدأت أبحث عن مشاكل أخرى فوجدت أنني أحيانا أمزج المزاح بالجد، وهذا يقلل الهيبة إلى حد ما، وبدأت أكون جديا في الجد، ومازحا في المزح, لكن ما زال لي مشاكل حتى في العلاقات الطازجة, ولكني لم أستسلم، وبدأت في البحث مطولا في تفاصيل صغيرة وأحلها، وكانت تؤدي إلى فشلي في العلاقات دوما، إلى أن توصلت أنني فاشل اجتماعي, لكني لا أحبط أبدا، وأمارس كل شيء لأثبت أنني اجتماعي, ومع هذا كل علاقة أقوم بها مع إنسان تأتي بنفس النتيجة وهي الفشل.

والفشل كالتالي: أصبحت شخصية ثانوية, لا تأثير لآرائي عليهم، لا يهمهم وجودي، أتعرض لإهانات أحيانا, أقوم بالرد عليها بشكل جيد، لكنني حساس ويضايقني الأمر أياما، والآن بدأت أحبط قليلا، وبدأ الأمر يؤثر على قراراتي الحياتية كشاب, وأتساءل كيف سأكون صاحب مسؤولية يوما، وعندما أتزوج -إن شاء الله-؟

توصلت في النهاية إلى أن مشكلتي هي أسلوبي في الكلام، أو النمط الإيقاعي في صوتي غير جذاب، وهذه لا يوجد لها حل؛ لأن الأسلوب من الصعب أن يتغير فقد تربيت عليه منذ الصغر.

تحليل شخصيتي المبسط كالتالي لفهم طباعي:
البعد المادي: طويل, شكل عادي, البس نظارات.
البعد النفسي: حساس, الخوف من المشاكل.
البعد الاجتماعي: الطيبة في المعاملة, الخوف من خسارة الأصدقاء , الاهتمام بكل ما يقوله لي الناس.

أرجوكم إخوتي الأعزاء, أعلم أن ما بي معقد، لكن أرجو منكم أن تساعدوني قدر استطاعتكم، شكرا لكم، وجزاكم الله كل الخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ شريف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الذي بك ليس أمرا معقدا، ولكنه ضخم من جانبك، وأنت جعلت التفسير السلبي التشاؤمي هو الذي يسيطر عليك، ومن خلاله بدأت تقيم ذاتك، وعدم قناعتك بمقدراتك هو علتك الأساسية.

أيها الفاضل الكريم: من الجميل أن يكون لك طموحات وآمال وأهداف تريد أن تصل إليها، والذي ألاحظه بالفعل أنك تحاول أن تقفز قفزة تفوق عمرك، وهذا ليس بالأمر المرفوض أبدا، لكن يجب ألا يكون على حساب تحليل الواقع والقناعة به، واقعك جيد، مقدراتك من الواضح أنها ممتازة، لكن مشكلتك الأساسية هي التأويل الخاطئ والتفسير الوسواسي غير الدقيق، إذن مشكلتك هي مشاعر سلبية، وتفكير سلبي، الحل والعلاج ليس بالصعب، لكن يتطلب منك الجدية والتدرج والقناعة بأن التغيير ممكن.

أولا: لا تحكم على نفسك بمشاعرك، الإنسان إذا حكم على نفسه من خلال مشاعره، فهذا ليس صحيحا، خاصة إذا كانت هذه المشاعر مشاعر سلبية، احكم على نفسك من خلال أفعالك، وحتى إن كنت ترى أن أفعالك ليست ذات جدوى، ابدأ الآن بداية جديدة مع نفسك، وأفعالك وإنجازاتك سوف تستشعرها من خلال تنظيم وقتك، اجعل لكل شيء حقه في الوقت (دراسة – الراحة – الترفيه عن النفس – التواصل الاجتماعي) هنا سوف تجني ثمرات أفعالك، والثمار التي سوف تقطفها هي تحول شعورك السلبي إلى شعور إيجابي.

ثانيا: عليك بالقدوة الحسنة الطيبة والنماذج الناجحة والجميلة في الحياة، وعليك بمرافقة وإخاء الصالحين من الشباب.

ثالثا: بر الوالدين، بر الوالدين أمر عظيم، وقد تستغرب ما علاقة بر الوالدين ببناء الشخصية؟ أنا أرى أن بر الوالدين هو الطاعة الذاتية التي تجعل الإنسان متوازنا في تفكيره، متفائلا في مشاعره، وفاعلا في حياته.

رابعا: يجب أن تفهم نفسك على وضعها الحالي وتحللها التحليل الصحيح، تنظر إلى نقاط قوتك ونقاط ضعفك، بشرط أن تكون منطقيا وموضوعيا وشفافا ومنصفا في تحليل نفسك، لا تظلمها ولا تعطيها فوق حقها، هذا التحليل لذاتك سوف يوصلك إلى مرحلة تسمى بـ (فهم الذات) بعد ذلك سوف تنتقل إلى ما يسمى بـ (تطوير الذات) ويقصد به: أن ما هو سلبي سوف تتخلص منه، وما هو إيجابي سوف تبنيه وسوف تدعمه بصورة أفضل، هذا هو المطلوب منك وليس أكثر من ذلك.

من القراءات التي سوف تساعدك كتاب الدكتور بشير الرشيدي الذي يسمى (التعامل مع الذات) كما أن كتاب دانيال جولمان، والذي يسمى (الذكاء العاطفي) أراه أيضا مفيدا جدا لمن مثلك من الشباب الذين يقدرون ذواتهم بصورة سلبية مخالفة للواقع.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.

مواد ذات صلة

الاستشارات