السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا حاصلة على بكالوريوس هندسة، وزوجي يبلغ من العمر 42 سنة، وأحبه جدا وهو أيضا يبادلني الشعور نفسه، لكن عندما نواجه مشكلة ما أو اختلافا في الرأي، أجد العناد يؤثر علينا ولا نتحدث نهائيا مع بعضنا بالشهور، أحيانا لدرجة أني أكره أن يكون بالمنزل، دائما ما يعلق على كل تصرفاتي أنا والأولاد، وتحدث بيننا مشاكل مرة أخرى، وفي الإجازة يمر بيوم سيء وإن خرجنا سويا نرجع متخاصمين، أنا لا أعرف سببا لكن أشعر أني أحبه من بعيد.
بصراحة أنا لا أحب في زوجي تشدده في أفكاره، وطريقة تعامله مع أولاده، حاولت أكثر من مرة التفاهم معه لكنه لا يريد أن يسمع، أرجو أن تعرفوني كيف أقترب منه وأساير أفكاره وآراءه؟ فأنا أحبه ولا أريد سواه.
وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مروة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نرحب بك في الموقع، ونشكر لك التواصل، ونشكر لك إعلان هذه المشاعر النبيلة تجاه الزوج، ونؤكد لك أنه يبادلك المشاعر، ونتمنى أن تزيدوا القواسم المشتركة بينكم ونقاط الاتفاق، وأن تسلطوا الأضواء عليها، وأن تتجنبي الدخول في كل صغيرة وكبيرة، فإن الإنسان إذا أراد أن يساير إنسانا فعليه أن يعرف النقاط التي تهمه، كما فعلت زوجة شريح القاضي، قالت له في بداية حياتهما الزوجية: (ماذا تحب فآتيه؟ وماذا تكره فأجتنبه؟)، كذلك هو يقول لزوجته: (ماذا تحبين فآتيه؟ وماذا تكرهين فأجتنبه؟)، بهذه الطريقة إذا عرفنا نقاط الوفاق ونقاط الخلاف، فإن تسليط الأضواء على نقاط الوفاق التي يحبها الشريك، وتفادي نقاط الخصام والخلاف التي تضايق الشريك، هذا من أكبر قواعد السعادة والوئام.
كما أرجو أن تشاركيه الاهتمامات، واعلمي أن العاقلة تقدم هوى زوجها على هواها، ورضاه على رضاها، والمرأة لابد أن تدرك طبيعة الرجل، فأنت بحاجة إلى معرفة نفسية الرجل، وكيف أنه يحتاج إلى التقدير ويشعر أنه صاحب مكانة، وهذا ما فعلته أمنا عائشة –رضي الله تعالى عنها– عندما أراد النبي -صلى الله عليه وسلم– أن يخرج من فراشها، وهي ليلة غالية، لأنها تاسع الزوجات، يأتيها بعد مدة، ومع ذلك استأذنها في أن يخرج من فراشها، كان من الممكن أن تكون سلبية وتقول: (في ليلتي! وأنت تحتقرني، ولماذا؟) لكن العاقلة الفاضلة الصديقة بنت الصديق قالت كلمات أحلى من الدرر والذهب، قالت: (والله يا نبي الله إني أحب قربك لكني أؤثر هواك)، وهذا معنى لطيف ومعنى كبير جدا، (أحب قربك) سعادتي أن تكون عندي، ولكني (أؤثر هواك) فإذا كنت تهوى السجود والركوع لله والصلاة، فأنا أؤثر هواك.
ومن هنا قلنا لا تفوز المرأة بقلب زوجها حتى تقدم هواه على هواها، ورضاه على رضاها، فكوني لزوجك أمة يكون لك عبدا، وكوني له أرضا يكن لك سماء، كوني له دائما كالبنت الرؤوم، والتلميذة النجيبة المطيعة، وحاولي دائما أن تتفقي معه على خطة موحدة في التربية، فلا تنتقديه إذا أخطأ في حق أولاده أمامهم، ولكن اختاري الوقت المناسب والألفاظ المناسبة، وتقدمي بين ذلك ثناء حتى لا يحصل التوتر، نتمنى عند التوتر أن تخرجي من أمامه، وإذا غضب عليك أن تتذكري الوصفة النبوية، فتتعوذي بالله من الشيطان، وتذكري الرحمن، تمسكي اللسان، تهدئي الأركان، تهجري المكان، تتوضئي، تصلي، هذه وصفة نبوية لمن يغضب، وفيها إعجاز عظيم كما أثبتت ذلك الدراسات الحديثة، ونحن لسنا في حاجة إلى دراسات بعد كلام نبي لا ينطق عن الهوى -عليه صلاة الله وسلامه-.
كذلك أيضا ندعوك إلى إعطاء الأمور حجمها من الاهتمام، وإلى تقديم تنازلات، وكل مشكلة لابد أن تأخذ حجمها المناسب، فما بينكما من حب ووفاق وذرية هذه أشياء كبيرة، بل قبلها ما بينكما من إيمان، هناك روابط كبيرة، والمشكلات هذه طائرة، ويجب أن نختار الوقت المناسب لمناقشة المشكلة.
ونحن دائما نقول: إذا خاصمت زوجك صباح الجمعة، فصالحيه ظهر الجمعة، وحاوريه يوم الأحد أو الاثنين، عندما تهدأ النفوس وتتهيأ، واعلمي أن الزوج له نفسية، وعليه أن يفهم نفسيتك، وأن الرجل يخطئ لكنه يعتذر، واعتذار الرجل لا يكون مباشرا، والعاقلة لابد أن تعرف كيفية اعتذار الرجل، فإن سؤال الرجل عن الأولاد والطعام، والأحوال وعن من زارنا في البيت، هذا كله دليل على أنه يعتذر، فاقبلي ذلك الاعتذار، وحاولي أن تناقشي الأمور بهدوء، واجتهدي دائما في أن تجعلي رضى الزوج من أهدافك الكبرى.
وتجنبي الخصام معه أمام الأبناء، لأن ذلك له أضرارا كبيرة وخطيرة، وإذا غضب وبدأ يخرج عن طوره فانسحبي من أمامه بهدوء، ثم بعد ذلك سيشعر أن ثمة خلل حدث، واختاري الوقت المناسب لمحاورته، وانتقي الكلمات المناسبة، وكما قلنا قدمي بين يدي ذلك إعلان عن المشاعر والحب وإيجابياته، لأن هذا مهم لأي إنسان يقبل نصحنا، لابد أن يعرف أننا نقدره، وأن فيه ميزات وإيجابيات، وأن هذه الإيجابيات تحتاج إلى كذا وكذا حتى يكتمل هذا العقد الفريد من الفضائل، ونحو هذا الكلام من الأهمية بمكان.
ونتمنى أن تتواصلوا معنا حتى نضع لكم أيضا قواعد للحوار والنقاش، فإن الحوار الناجح والذي يبدأ بدون قناعات معلبة، يستحضر فيه كل إنسان المشاعر النبيلة، ونحمل كلام الشريك على أحسن المحامل، لا تظني بكلمة صدرت منه شرا، وأنت تجدين له في الكلام من الخير محملا، والتمسي له الأعذار، وعليه كذلك أن يلتمس الأعذار، ونحن وجهنا الكلام إليك لأنك من تواصلت مع الموقع، ومن المفيد أن تشجعيه على التواصل مع الموقع حتى نستمع إلى وجهة نظره، وعندها سيسهل علينا وعليكم الوصول إلى العلاج، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.