السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أتقدم إليكم باستشارتي راجيا من الله التوفيق، تعرفت على فتاة منذ شهرين ونصف، وأخبرتها بالزواج منها، ثم حددت لها ميعادا للرد حتى أتمكن من الوصول إلى أهلها ووالدها، ولكنها لم تعطني ردا، وكررت عليها أن تعطيني ميعادا للرد، لكنها لم تعطني ردا واضحا، حيث لم تستجب لمكالمتي عند تحديد زمن الرد، مع العلم أنني أعطيتها عنواني وعنوان أسرتي لكي تسال عني وعن أهلي، آخر رد كان منها أنها قالت: إن الموضوع ليس فيه نصيب، بسبب أنها كلما تسأل عني لم توفق, وكان ردي لها أنه ليس بسبب، وأعطيتها فرصة أخرى، هل أرجع لها مرة أخرى أم أتخلى عنها؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نرحب بك ابننا الكريم في الموقع، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على كل أمر يرضيه، هو ولي ذلك والقادر عليه، ونشكر لك هذه الثقة في الموقع، ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.
وكم تمنينا بعد أن تعرفت على الفتاة وأخذت عنوانها أن تبدأ في الإجراءات الرسمية، فإن الفتاة لا تخطب إلى نفسها، نحن دائما نتمنى أن نأتي البيوت من أبوابها، ولا حرج في هذا، فالإنسان يرسل عما أو خالا من أجل أن يبدأ ويتكلم في الموضوع، ويمكن أن تذهب الوالدة، ونفضل نحن دائما إشراك الأسرة منذ البداية؛ لأن الزوجة حتى وإن كانت جيدة ومناسبة والأسرة شعرت أنها مغيبة، وأنك لم تشاورهم في اختيار المخطوبة، وفي اختيار الفتاة، فإن هذا قد يدفعهم للعناد وللرفض للفتاة دون ما سبب وجيه، ولذلك أيضا ينبغي أن تبدأ من النقطة الأولى ومن المربع الأول.
والأمر أيضا عند الفتاة وأهلها، فإن بعض الأسر إذا شعرت أن الرجل يكلم الفتاة، ويريد أن يطلبها، فإنه قد يصعب عليها الرد، ويصعب على الأسرة القبول بذلك، بل قد يصعب عليها عرض الفكرة أصلا على أهلها، فالإنسان لا بد أن يحترم مثل هذه الجوانب، والناس يختلفون في نظرتهم لهذه الأمور، لكننا في كل الأحوال – مع احترامنا للأعراف التي لا تصادم شرع الله – إلا أننا نقول: إن المدخل الرئيس والباب الصحيح هو أن نأتي البيوت من أبوابها؛ لأن هذا من أسباب قبول الشاب، وهذا هو العدل المطلوب، يأتي إلى بيت الفتاة ويطرق بابها ويقابل أهلها الأحباب، ويعرض رغبته في الارتباط بها، ثم بعد ذلك يعطي الأسرة فرصة؛ لأن الزواج ليس رابطا بين شاب وفتاة فحسب، بل هو رباط بين أسرتين، قد يكون بين قبيلتين، بين مدينتين، فهي مسألة أكبر مما تتصور.
ولذلك نتمنى أن تتواصل مع أسرتها، ولا مانع أيضا من إدخال بعض محارمك إذا كان هذا صعبا، وإذا لم تتضح الصورة، فيمكن أن تتواصل أخت من أخواتك – أو واحدة من محارمك – هي التي تتواصل مع الفتاة لتعرف وجهة نظرها، ليكون الأمر نسائي بحت، أما أن تتصل أنت عليها وتتصل هي عليك، وبعد ذلك الأمور لا تسير في مجراها الصحيح – وهذا متوقع؛ لأن أهلها قد يرفضون الزواج بهذه الطريقة، كما أن أهلك قد يرفضون أيضا الزواج بهذه الطريقة – ولذلك نختصر الموضوع فنقول:
أنت بين خيارين: إما أن تعطي الهاتف لواحدة من شقيقاتك أو إحدى محارمك لتواصل السؤال عن الفتاة، ومعرفة رأيها الصحيح ومعرفة رأي أسرتها، وإما أن تذهب إلى أهلها فتقابل خالها أو عمها أو والدها، وتعلن رغبتها في الارتباط بها، وتعطيهم العناوين التي عندك، وتطلب منهم أن يسألوا عنك، كما أن من حقك أن تسأل عنهم، ثم بعد ذلك يخرج هذا المشروع إلى العلن؛ لأن الخطبة هي مقدمة للتعارف، وهي وعد بالزواج لا تبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته ولا الخروج بها ولا التوسع فيها بالكلام الذي لا يجوز في هذه المرحلة، ولكنها مفتاح للتعارف الذي يوصل بعد ذلك إلى التآلف.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، وأرجو ألا تتعلق بفتاة واحدة، فإن الأمر قد لا يسير في الطريق الذي تحب، والنساء غيرها كثير، والإنسان يبدأ فيخطب في الفتاة دينها وخلقها، وبعد ذلك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فاظفر بذات الدين) ولا مانع من الاهتمام بالجمال والحسب والنسب، فهذه أمور أيضا لها أهمية ولها وضع من الناحية الشرعية؛ لأن الإنسان إنما يريد بالزواج أن يعف نفسه وأن يستقر في حياته، وأن يستكمل نصف دينه، فهذه معاني ومقاصد كبيرة لا بد أن تتحقق، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير.
وننصحك بالدخول إلى هذا المشروع بخطوات مدروسة، بإشراك الأسرة، وسعيد في الناس من يجد فتاة صاحبة دينا وخلقا وترضاها الأسرة، ترضاها الوالدة والأخوات؛ لأن في هذا عون للإنسان على أداء الواجبات تجاه أسرته الصغيرة – التي هي الزوجة – وتجاه الأسرة الكبيرة (الأصل) التي فيها الوالدة والأخوات، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يقدر لك الخير ويرضيك به، هو ولي ذلك والقادر عليه.