إرشادات لفتاة في الإصلاح بين والديها

0 599

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

أعاني من وجود خلافات وشك بين أبي وأمي، وعدم ثقة بينهم، نشأت وأنا أقرب لأمي، وأنا الآن أجد الناس يحذرونني من أمي؛ لأنها تقول كلام سيئا على أبي، مع العلم بأنها هي التي تنفق علينا على الرغم من أنها ربة منزل، وأبي هو الذي يعمل وينفق، ولكنه إلى حد ما لم يراع الزمن في حساباته، فبعدما كنا ميسوري الحال أصبحنا مدينين، ومطلوب منا حاجات كثيرة، فكلنا -والحمد لله- تعليمنا عال، وأخي الأصغر متفوق، وسيدخل الثانوية مثلنا إن شاء الله.

وأريد أن أعرف كيف أصلح من أمي، وأجعلها ودودة مخلصة حافظة لأسرار زوجها، لا تسبه أمام الناس في غيبته، وكيف أصلح من حال أبي الذي ينفق بدون حساب إذا أتى معه فلوس، على العلم من أنه بدأ يسمع من الناس ما تقوله أمي عنه، لدرجة أن أمي أحيانا تقول: إني أعتبره ميتا.
أمي مدبرة جدا، وتعمل على تجهيزي بدون علم، والدي وأبي حنون للغاية، لكنه عندما يغضب يسب أمي ويضربها، وهي لا تمتص غضبه بل تزيده، ونحن لا حول لنا ولا قوة بينهم.

الاثنان بعيدان كل البعد عن الدين، وأنا أحاول معهم، فأنا محجبة وسأرتدي النقاب قريبا إن شاء الله، وأصلي، وأحاول أن أغير أمي، ولكني عندما أوضح لها خطأها أشعر منها بالعناد، وتقول لي: حتى لو علم أبي بما تقوله لا يهمها.

كنت أظن أن أمي دائما على صواب، ولكني بعدما سمعت من الناس، وشكواهم من أمي، ومواقف لم أكن أعلمها بحكم وجودي في المدينة الجامعية وبعدي عنهم؛ أحسست بأني لا أعلم أيهم على الصواب وأيهم على الخطأ.
مع العلم بأني أعمل في القاهرة، حتى في الإجازة أسكن عند خالتي، أي: لا أعيش معهم طويلا.

أتمنى من الله عز وجل أن يوفقكم في حل تنصحونني به، يريحني ويريح إخوتي.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة / هبة حسين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يبارك فيك، وأن يكثر من أمثالك، وأن يجعلك من عباده الصالحين، البررة بأهليهم وأرحامهم، وأن يوفقك في دراستك، وأن يثبتك على الحق، وأن يزيد إيمانك وصلاحك والتزامك.

الابنة العزيزة هبة! نعتذر بداية عن تأخر الرد لظروف الحج، ونعدك بأننا لن نتأخر في الرد عليك في المرات القادمة إن شاء الله، ويسرنا أن نستقبل رسائلك في أي موضوع وفي أي وقت.

وبالنسبة لموضوع والديك: فكما لا يخف عليك نحن أساسا لم يختر الواحد منا أباه أو أمه، وبالتالي يبتل بهم على الحال الذي هم عليه، فإن كانوا على صلاح وتقى واستقامة فذلك من إكرام الله للأبناء، وأن كانوا على خلاف ذلك فذلك امتحان واختبار من الله لهؤلاء الأبناء، ولذلك نجد أن مجال الإصلاح بينهما أو منهما أمامك مجالا محدودا ضيقا، خاصة وأنت طالبة وبعيدة عنهم غالب الأوقات، ولكن دعينا نحاول استغلال الفرص المتاحة، ولا نستسلم لهذا الواقع المر، عملا بقوله تعالى: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم [الرعد:11]، ولذلك إليك ما يلي:

1- عليك باستعمال سلاح الدعاء، والإلحاح على الله، خاصة في أوقات الإجابة المعروفة، أكثري من الدعاء لوالديك بالصلاح والوفاق والتراحم، والأفضل أن تجعلي لك من الليل وردا للصلاة، تسألي الله بعده أو فيه؛ لأن دعاء جوف الليل أسمع وأسرع في الإجابة، وأدعى للقبول، كذلك صيام شيء من النوافل كالإثنين والخميس، والدعاء أثناء الصوم.

2- ابدئي بالحديث مع أمك؛ لأن العادة أن الأم هي الأقرب، وحاولي معها على الأقل أن تتوقف عن الإساءة الظاهرة لدى الآخرين، وعدم ذكر والدك بسوء.

3- تخيري الأوقات المناسبة لذلك؛ حتى لا تحوليها إلى جبهة محاربة لا متعاونة.

4- استخدمي معهما كل وسائل التواضع واللين، والرجاء والإقناع، واستغلي عاطفة المودة التي بينك وبنيهما لتغيير سلوكها، واطلبي منها أن تكون هي البادئة بالتوقف عن الإساءة وسوء التفاهم، وذكريها بأن الزوجة دائما هي الطرف الذي يبدأ بالخير، والإسراع للإصلاح، والتواصل، وأن الرجل قد يدفعه كبرياؤه وغروره إلى عدم الاعتذار غالبا، وأننا لسنا في حاجة إلى أن نخبر الوالد على الاعتذار، وإنما نريده فقط أن تعطيه فرصة للإصلاح من سلوكه ونمط حياته وعلاقته بها.

5- وهنا يأتي دور الوالد: ذكريه بأنه العاقل الكامل القوامة، الذي جرت العادة بأن يضحي دائما لإسعاد غيره، وأنه لولا الله ثم هو ما كانت هذه الأسرة، وأن إصلاح السلوك نوع من العلاج، وليس ضعفا أو ذلا، وإنما هو شجاعة وإكرام وإقدام، وأنه قائد السفينة الذي عليه أن يصلحها، وأن يصبر على ذلك حتى يجني ثمار زرعه، إلى غير ذلك من الكلام العاطفي المؤثر على الطرفين.

6- احرصي أن تخاطبي كل طرف على حدة، فذلك أرجى في النفع وتحقيق الفائدة، وأفضل الاستعانة ببعض الأشرطة المفيدة في علاج الموضوع.

7- لا تستسلمي لليأس إن طالت فترة العلاج؛ لأن فترة المرض قد طالت وتحتاج إلى نوع من الصبر الجميل، وسعة الصدر، وعدم العجلة.

8- لا مانع من مشاركة إخوانك الكبار معك في هذه الحملة على الوالدين، مع الدعاء لهما بالصلاح والوئام، وعودة المياه إلى مجاريها.

9- وأخيرا: اعلمي أن علينا بالدعاء والأخذ بالأسباب، وترك النتائج إلى الله وحده، فإن قدر الله وكان الذي نريد فتلك رحمة الله العاجلة، وفضله العميم، وإن كانت الأخرى فعلينا بالرضا، ومواصلة عملية العلاج والإصلاح، حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.

ونحن بدورنا ندعو الله لك أن يوفقك في مهمتك، وأن يقر عينك برؤية السعادة والفرح والسرور والوئام يرفرف على ربوع أسرتكم الكريمة، وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات