السؤال
أنا تائب من ذنوب ومعاص منذ سنة تقريبا، أقلعت عنها -والحمد لله-، والمشكلة أنني قليلا ما أخشع في الصلاة، وقليلا ما أتدبر القرآن، وقليلا ما يكون قلبي حاضرا؛ وذلك بسبب السرحان والشرود الذهني، علما بأنني منذ أن تبت وقد كثرت علي الخواطر والوساوس، وأحلام اليقظة، فما الحل؟
أريد أن أعرف كيف أجدد توبتي؟ وكيف أعالج القصور والكسل والفتور في الطاعة؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mido حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يتقبل توبتك، وأن يثبتك عليها، وأن يزيدك صلاحا وهدى وتقى واستقامة، وأن يحبب إليك الإيمان، وأن يزينه في قلبك، وأن يكره إليك الكفر والفسوق والعصيان، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك –أخي الفاضل–؛ فإني أحمد الله تعالى أن وفقك للتوبة، فهنيئا لك –أخي الحبيب–، هنيئا لك ثم هنيئا أن من الله تبارك وتعالى عليك بالتوبة من المعاصي والإقلاع عنها من أجله سبحانه وتعالى، وحياء منه جل جلاله، وأبشرك بقوله جل وعلا: {إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين} فهنيئا لك محبة الله تبارك وتعالى لك.
والذي أتمناه فعلا أن تكون هذه التوبة أولا خالصة لله تبارك وتعالى، وابتغاء مرضاته، ليس خوفا من أي شيء آخر، وليس هناك دفع أعظم من أن تكون لله تعالى، حتى تكون هذه لمحبة الله تعالى لك.
أتمنى أن تجتهد، وأن تحرص على أن تحافظ على هذه التوبة، وألا تفتح أي باب من أبواب الفتن على نفسك، حتى وإن كانت من الصغائر؛ لأن الشيطان قعد لك بكل طريق، والشيطان الآن قد خسرك كجندي من جنوده، فهو يركز عليك تركيزا غير عادي حتى يستميلك للعودة مرة أخرى إلى المعاصي والذنوب التي عافاك الله تبارك وتعالى منها، فانتبه غاية الانتباه لنفسك.
فيما يتعلق بأنك قليلا ما تخشع في الصلاة، وقليلا ما تتدبر القرآن، وتعاني من قلة حضور القلب؛ أقول لك: هذه آثار طبيعية للمعاصي التي كنت فيها؛ فإن المعاصي قد تركت آثارها في قلبك، كالأمراض التي كانت في بدن الإنسان، ثم عافاه الله منها ولكن ما زالت بعض الآثار، فهذه من آثار المعاصي القديمة، ولكن الحمد لله تستطيع التخلص منها باتباع ما يلي:
أول أمر: أن تحافظ على الصلاة في أوقاتها، وأن تجتهد أن تكون في جماعة، وأن تحافظ على أذكار ما بعد الصلاة.
ثانيا: أن تحافظ على أذكار الصباح والمساء بانتظام.
ثالثا: اجتهد أن تكون على طهارة معظم وقتك.
رابعا: عليك بورد قرآني يومي تقرأه، حتى وإن كنت لا تخشع، ولكن لابد أن يكون لك يوميا مقدار معين تقرأه من القرآن ولو بمعدل جزء يوميا، حتى تختم القرآن كل شهر مرة كما هي السنة.
كذلك عليك بالإكثار من الاستغفار (أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله)، (أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه) (رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم) إلى آخر صيغ الاستغفار المعروفة.
كذلك المحافظة على سيد الاستغفار صباحا ومساء: (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استعطت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت).
كما أوصيك أخي الحبيب بالإكثار من الصلاة على النبي محمد -عليه الصلاة والسلام– بنية أن يشرح الله صدرك للحق، وأن يعينك على الخشوع، وأن يحيي قلبك بالإيمان وأعمال الدين.
كذلك أوصيك بالحرص على حضور المحاضرات والندوات الشرعية التي بها يزيد الإيمان، وحاول أن تجالس العلماء والدعاة والعلماء إذا كان ذلك متوفرا لديك، أو أن تستمع أيضا إلى بعض المواعظ والمحاضرات الإيمانية التي توجد بكثرة على الإنترنت وغيره، وهي في أشرطة كثيرة مسجلة، تستطيع أن تستمع إليها بسهولة ويسر بإذن الله جل وعلا.
اطلب من والديك الدعاء لك أن يشرح الله صدرك للحق، وأن يملأ الله قلبك إيمانا، ابحث لك عن صحبة صالحة تقضي معها معظم وقت فراغك، فإنك بذلك ستجعل لك عونا على الطاعة، وهذا سيساعدك بإذن الله تعالى في استعادة حلاوة الإيمان التي كانت سابقا قبل هذه المعاصي.
عليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن الله يغير حالك، وأن الله يذهب عنك هذه القسوة والجفوة، وأن يملأ قلبك إيمانا وحبا لله تعالى.
أنا واثق أنك لو التزمت بهذا الكلام سوف يفتح الله عليك، وستكون حالتك من أطيب الحالات، وستشعر فعلا بأن قلبك أحياه الله تبارك وتعالى، وأصبح خاشعا في الصلاة وقراءة القرآن، وغير ذلك.
هذا وبالله التوفيق.