السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منذ أن كنت في الصف الأول الابتدائي حتى وصلت للصف الثالث الثانوي كنت مجتهدة ومتفوقة، وكنت أدرس دائما، والناس كانوا يقولون لي بأنني في المستقبل سأصبح دكتورة، ولكن بعد الصف الثالث الثانوي تغيرت كليا عندما قبلوني في مدرسة نموذجية، فقد كانت عيون الناس دائما علي، وبعد ذلك أصبحت أهمل في دراستي قليلا، حتى صرت كسولة.
والآن أنا في الصف السادس الإعدادي، ودائما أقول لنفسي أنا لست شاطرة، ولا أقدر أن أصل لحلمي، ودائما عندما أريد أن أدرس والكتاب بيدي أبدأ بالبكاء، ولا أقدر أن أدرس، ثم أنام، وليس عندي ثقة بنفسي أبدا، هل هذا يدل على أنني مصابة بالعين أو مسحورة؟
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ shanga حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقك لكل خير، وأن يرد عنك كيد الكائدين وحقد الحاقدين وحسد الحاسدين، واعتداء المعتدين، وأن يوفقك في دراستك، وأن يجعلك من الصالحات القانتات، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك - ابنتي الكريمة الفاضلة - فإنه مما لا شك فيه أن ما ورد برسالتك أمر يدعو إلى الإزعاج والغرابة، إذ أنك كنت من المتميزات المتفوقات حتى تحدث الجيران والأهل بما أكرمك الله تبارك وتعالى من عقل وفطنة وذكاء، وظل حالك كذلك إلى أن وصلت للمرحلة الثانوية، ثم إذ بك يحدث لك أمر قلب حياتك رأسا على عقب، فقدت الرغبة في المذاكرة والدراسة، وكلما حاولت القراءة إذ بك تبكين، ولا تقدرين على المراجعة، فتقومين إلى النوم، وفقدت الثقة في نفسك حتى أصبحت من الكسولات المتخلفات دراسيا عما كنت عليه. وتقولين: هذا الأمر ما سببه؟
أقول لك: إنه مما لا شك فيه أن ما ورد برسالتك قد يكون حقا، فقد يكون كلام الناس عنك ترك أثرا في بعض أصحاب النفوس المريضة مما دفعهم إلى أن وجهوا سهامهم السامة القاتلة إليك، فترتب على ذلك فقدانك لهذا التميز العلمي الذي اشتهر عنك بين أبناء حيك وأقربائك وأهلك، فهذا وارد جدا، والنبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرنا بأن العين حق، وأن العين تدخل الرجل القبر والجمل القدر، بمعنى أنها تقتل حتى تقتل الرجل وتميته، وتسقط الجمل ويضطر صاحبه إلى ذبحه وطبخه.
لذلك نقول: إن هذا الذي حدث لا يستبعد أبدا أن يكون هو نوع من الحسد أو نوع من العين أصابتك فأدت إلى هذا التردي، وهذا الكلام مشاهد وملحوظ، ولذلك أمرنا الله تبارك وتعالى أن نستعيذ به - سبحانه وتعالى - من شر حاسد إذا حسد، والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرقي نفسه، وكان يرقي أقاربه وأهله، وكان يرقي أبناء الصحابة، بل وأمرهم أن يرقوا وأن يسترقوا.
إذا هذا أمر وارد جدا ولا يستبعد.
الأمر الثاني: أيضا احتمال أن تكوني أنت أيضا قد دخلك الغرور، وشعرت بأنك لست في حاجة للمذاكرة، فبدأت تتكاسلين وتقصرين في المذاكرة والمراجعة، وهذا يقتضي منك إعادة النظر في طريقتك، عندما كنت متميزة ومتفوقة كيف كانت مذاكرتك؟ وكيف كانت محافظتك على وقتك؟ وكيف كانت محافظتك على صلاتك؟ فأنت الآن في حاجة إلى أن تعيدي النظر في وضعك الذي أنت عليه الآن، وعليك أن تبدئي من جديد، وأن تخرجي من رأسك أنك مسحورة أو ممسوسة أو معيونة أو محسودة، وإنما عليك بارك الله فيك أن تجتهدي في المذاكرة، وأن تضعي لنفسك جدول مذاكرة، وأن تجعلي المذاكرة عادة، بمعنى أنها تكون صفة دائمة لك يوميا في وقت محدد - في مكان محدد إذا أمكن - وتغلقي على نفسك باب غرفتك، وتذاكرين الدروس التي تأخذينها أولا بأول، كل يوم تنتهي فيه من مذاكرة جميع المواد التي تم شرحها في هذا اليوم.
وحافظي على الصلوات في أوقاتها، وحافظي على أذكار ما بعد الصلاة، وتجتهدي في الدعاء في أثناء السجود خاصة أن يفتح الله عليك وأن يوفقك، وحاولي القيام بالرقية الشرعية إذا استطعت، فإذا لم تستطيعي فليقم بها أحد أرحامك أو أقاربك، وإذا لم يتيسر ذلك فلا مانع من الذهاب إلى بعض الرقاة الثقات، شريطة أن يكون معك محرم، وأن يكون هذا الراقي معروف عنه صحة العقيدة وسلامة الطريقة.
اطلبي من والديك الدعاء لك برفع البلاء عنك؛ لأن دعاء الوالدين للأبناء لا يرد، كما أخبر النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - وحافظي على أذكار الصباح والمساء، والإكثار من الاستغفار، والصلاة على النبي المختار كثيرا، فإن بالصلاة عليه يكفى الهم ويغفر الذنب.
بذلك - إن شاء الله تعالى - أرى أنك ستكونين في أحسن حال، وستتحسن حالتك بإذن الله تعالى، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، إنه جواد كريم، هذا وبالله التوفيق.