السؤال
السلام عليكم.
سؤالي بكل اختصار:
ما هو السبيل في إقناع الوالدين المعارضين للزواج بمن هو ذي خلق ودين، وبالأحرى حافظ القرآن؟
وبجميع الأحوال سبب الرفض يشمل كل من يتقدم فقط لأسباب وهمية، مردها تفضيل اختيار ذا المال والجاه بغض النظر عن الدين، عن صاحب الدين، والنظر لصاحب الدين بأنه شر ولا حل إلا بقتلهم! وإلى غيره من الكلمات السيئة للدين..
وسؤالي الآخر: ما حكم مقاطعة الوالدين بعد الزواج في حال وقع الظلم منهم بالزواج من شخص آخر غير مناسب، علما أن أذاهما سابقا تعدى السب والشتم، وأحيانا الضرب وكافة أنواع الإهانة الغير مبررة؟
أرجو الرد، وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الفقيرة إلى الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك ابنتنا الفاضلة في الموقع، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يلهم أهلك السداد والرشاد، وأن يعينك على طاعة رب العباد، ونؤكد لك أن فتياتنا المتعلمات بحاجة إلى أن يصبرن على ما يحدث من الآباء والأمهات الذين يزعمون أنهم يريدون الخير، والخير فيما شرعه الله تبارك وتعالى من تقديم صاحب الدين، فاحرصي على إرضاء الله تبارك وتعالى أولا، وحاولي أن تكوني لطيفة مع والديك، فإن الإنسان مطالب بالإحسان إلى والديه حتى ولو أمروه بالمعصية، حتى ولو أمروه بالكفر، لكنه لا يطيع، كما قال الله: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما} ولم يقل بعدها: وخاصمهم، وقاطعهم، ولا تزورهم ولا تهتم بهم، وإنما قال: {وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي} والمفاهيم الخاطئة عند الآباء والأمهات من المشكلات الكبيرة التي ينبغي أن يكون لنا نحن معشر المتعلمين والمتعلمات دور كبير في تصحيحها.
والفتاة ينبغي أن تختار الدين والأخلاق، وصاحب المال إذا كان خاليا من الدين فلا خير فيه، وصاحب الشهادات إذا كان بلا دين فلا خير فيه، فإذا يسر الله لك الأمر وتزوجت فينبغي أن تنسي هذه الصفحة، وإن قصروا في حقك أيضا ينبغي أن لا تحاكميهم بما حصل منهم، وتستعيني بالله تبارك وتعالى على تحسين الوضع، وعلى الاقتراب من الزوج، ودعوته إلى الله تبارك وتعالى، وكوني عونا له على الطاعة، وابتغ بكل ذلك وجه الله تبارك وتعالى.
واعلمي أن هذه الحياة لا تخلو من الجراح، ولا تخلو من الأتراح، لكن المؤمن يجعل مصائب الدنيا صبرا، ونعم الدنيا شكرا، نسأل الله أن يجعلنا ممن ابتلي صبر، وإذا أعطي شكر، وإذا أذنب استغفر، وعجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، أو أصابته ضراء صبر فكان خيرا له.
ولا خير في القطيعة مع الأهل، فإنها تجلب لك الأتعاب، وتجلب لهم كذلك الأتعاب، وتؤدي إلى مزيد من القطيعة والشر، لكن من الضروري أن ينسى الإنسان جراحات الماضي، ويحسن إلى والديه، ويقترب منهم، ويجتهد في إرضائهم، ولا يضع رأسه مع رأسهم - كما يقال - يعني مسألة العناد، لا يقابل إساءتهم بالإساءة، وإنما بالإحسان والصبر والاحتمال والغفران والدعاء لهم، وتفويت الأمور الصغيرة، وعدم الوقوف عند كل صغيرة وكبيرة؛ لأن الإنسان ينبغي أن يدرك أن للوالد وللوالدة مقام، وأن طاعتهم والإحسان إليهم واجب، طاعتهم إذا أمروا بالمعروف أو أمروا بأمر مباح، طاعتهم إذا أمروا بأمر لا يغضب الله واجب، ثم بعد ذلك الإحسان إليهم والصبر عليهم.
نسأل الله لك التوفيق والسداد، ونؤكد لك أنك لست وحدك، فالإنسان إذا تذكر جراحات الآخرين هانت عليه ما عنده من مصائب، ونسأل الله أن يرفع الجهل والشر عن أمة النبي - عليه الصلاة والسلام - وأن يجعل الآباء يدركوا دورهم ومسؤولياتهم في تزويج بناتهم من الصالحين الأكفاء.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.