أريد حلولاً عملية واعتقادية كي أتخلص من الكبر

0 426

السؤال

السلام عليكم

أشعر دائما أني متكبرة، حتى أني قد أكره نفسي بسبب هذا التكبر، وأكره هذه الصفة جدا، وكثير من الناس أخبروني أني متكبرة ونصحوني، بفضل ربي قل التكبر بشكل كبير، لكن هناك أيضا من قال لي مرة أخرى أني متكبرة، أخاف أنا من ذرة الكبر، لأن الرسول -عليه صلاة والسلام- قال: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر)، فماذا أفعل؟ إني أحزن إذا تذكرت هذه الصفة، لماذا يقولون لي أني متكبرة؟

وأنا أيضا أشعر بهذا، وبالذات أني أصبت بالوسواس القهري، وبفضل ربي شافاني، وتقريبا لا أعاني منه الآن، لكن هذا دليل على أني كنت متكبرة، لأن من يصاب بالوسواس من صفاته التكبر -والعياذ بالله-، رغم أني أشعر أنه قل كثيرا، ولا أدري أحيانا أشعر أنه اختفى، تعبت من التفكير بهذا الموضوع، لا أحب هذه الصفة، أريد حلولا عملية واعتقادية كي أتخلص منها.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ محبتكم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا، كما نشكر لك حرصك على التخلق بالأخلاق الفاضلة، والتخلص من سيئ الأخلاق ورديئها، وهذا دليل على رجاحة في عقلك وحسن في إسلامك، ونسأل الله تعالى أن يتم عليك نعمته، ويصرف عنك كل سوء ومكروه.

أما الوساوس –أيتها البنت الكريمة–، فنصيحتنا لك أن تجاهدي نفسك للتخلص منها، وخير علاج لها وأنفعه بتجربة المجربين، ونصيحة العقلاء والعلماء العاملين، أفضل علاج هو الإعراض عنها بالكلية وعدم الاستجابة لها أو الاسترسال معها، ونحن على ثقة من أنك إذا سلكت هذا المسلك، فإنك ستشفين -بإذن الله تعالى– مما بقي من آثار لهذه الوساوس.

وشعورك بأنك متكبرة، نحن نظن أنه أثر من آثار الوسوسة وجزء من أجزائها، ولذا فنصيحتنا أن تعرضي عن هذا بالكلية، ويعينك على ذلك أن تعرفي حقيقة الكبر، فقد فسر النبي –صلى الله عليه وسلم– الكبر فقال: (الكبر بطر الحق وغمض الناس)، بطر الحق: يعني رده ودفعه، فإذا نصح الإنسان وبين له الحق، فرد هذا الحق وأبى أن يقبله فهذا كبر، وغمض الناس: أي احتقارهم وازدراؤهم وتنقصهم، فإذا شعر الإنسان من نفسه أنه يحتقر الآخرين ويزدريهم، ويشعر بأنهم أنقص منه وأقل قدرا منه، فهذا كبر، ولا نظن أبدا أنك تعانين من أحد هذين الوصفين، ومن ثم فإن ما يحاول الشيطان أن يحزنك ويقلقك بسببه، إنما هو مجرد وساوس، فلا تلتفتي إليها.

ولا بأس من أن تأخذي بالأسباب التي تبعدك عن الكبر، وتجنبك الوقوع فيه، ومن أعظم ذلك: أن تتذكري ما أعده الله تعالى من جزاء للمتكبرين، فإن الله عز وجل أخبر بأنه لا يحبهم، فأخبر بهذا الخبر في أكثر من موضع من كتابه الكريم، وأخبرنا نبينا –صلى الله عليه وسلم– عن جزاء المتكبرين يوم القيامة، وأن الله عز وجل يحشرهم على هيئة من الذل والصغار، يطؤهم الناس بأقدامهم ليذلهم كما كانوا يتكبرون في الدنيا، كما أن من عقوبة الكبر العاجلة في هذه الدنيا، ما يجعله الله عز وجل من البغض للمتكبر في قلوب الناس، فإنه يراهم صغارا فيتكبر عليهم، ويرونه هم كذلك صغيرا فيحتقرونه ويزدرونه ويبغضونه، فإن الناس يبادلون الإنسان ما يعطيهم.

وإن من الأسباب التي تدعو الإنسان إلى مجانبة الكبر والتخلي عنه، أن يستعمل عقله للنظر في حقائق الأمور، مجردة عن بعض مظاهر الغرور التي قد يصاب بها، فإنه ليس في هذا الإنسان ما يدعوه إلى أن يتكبر على الآخرين، لأن ما يتكبر بسببه ويزهو به ويترفع عن الآخرين، إنما هو شيء خارج عنه، ليس بفعله ولا كسبه، بل بتفضل الله تعالى عليه به، فإن كان يزهو على الآخرين بجمال هيأته وخلقته، فإن هذا ليس من كسبه، وإن كان يزهو على الآخرين بعلمه، فعليه أن يتذكر بأن الله تعالى هو الذي وهبه هذه الآلات، وأعطاه هذا الفهم والحفظ، ولو شاء أن يسلبه منه لسلبه، وإن كان يزهو على الآخرين بماله فعليه أن يعلم بأن الله عز وجل هو الذي رزقه، وهكذا عليه أن يتفكر في أحواله، سيجد أنه ليس ثم شيء يستحق أن يتكئ عليه ليتكبر على الآخرين، فإن كل شيء فيه إنما هو بفضل ومنة الله تعالى عليه.

لكننا نعود –أيتها البنت الكريمة–، ونؤكد أننا لا نجد فيما وصفت أدنى دليل يدل على أنك مصابة بالكبر، وإنما هو مجرد آثار للوساوس التي كنت تعانين منها، فإذا أعرضت عنها واستعذت بالله تعالى من شر الشيطان، فإن ذلك سيذهب عنك بإذن الله تعالى ومشيئته.

نسأل الله تعالى أن يهدينا وإياك لأحسن الأخلاق والأعمال، وأن يصرف عنا سيئها، فإنه لا يهدي لحسنها ولا يصرف سيئها إلا هو.

مواد ذات صلة

الاستشارات