أعاني من شد قوي في الأعصاب وارتباك وقلق وتوتر.

0 696

السؤال

السلام عليكم ..

أنا فتاة عمري 19 طالبة في كلية الطب، أعاني من شد قوي في الأعصاب وارتباك وقلق وتوتر وتسرع.

أنا ممتلئة الجسم، لدي انتفاخ في البطن بسبب عدم علاج مرض الكساح بالكامل في صغري، وأحس أن منطقة الصدر لدي كمن أخذ حبة دواء، ولم يشرب عليها ماء، وهذا يضايقني، خاصة عند النوم لأني كمن يحس بالشبع.

أنا سريعة الفهم، ويظهر لدي ذكاء عند التركيز الجيد مع من يشرح لي، وممتازة في الحفظ -والحمد لله-، مشكلتي أني عندما أريد التركيز أقطب حاجبي أو أرفعهما، وأشد أعصابي، وأغير من وضعية جلوسي كثيرا في المذاكرة، أو في المحاضرة أو حتى عند الكلام مع طفل.

أحيانا أعيد نفس السطر رغم سهولته! وما يقرأه الناس بساعة أقرأه ب 3، وقد أستمر بالنظر لحركات من يشرح لي ولوجهه رغم عدم وجود شيء يشغلني.

أنا دقيقة النظام، وألتزم بجداول صارمة حتى بالعطل، وأتعامل بالدقائق، وأحيانا أقول ما لا أريد دون قصد وانتباه، ولا أستطيع الجمع بين شيئين حتى لو كان لدي فراغ في أيام الدوام، فلا أستطيع الاستماع إلى القرآن أو الجلوس على التلفاز أو مع العائلة لأني لا أركز معهم، وأحس بشد عصبي وأخاف أن أنسى ما قرأت.

أحس أني لا زلت في أجواء الكلية والدراسة، رغم عودتي للبيت فلا أتمتع براحة، وأعتقد أن هذا بسبب خوفي الدائم من نفاد الوقت، وكأني في سباق مع الزمن عند القيام بأي عمل محدد بوقت، فأنا أتعرق ويصبح لدي أرق شديد عند الامتحانات، ولكنه يصبح أقل في نهاية الأسبوع.

إذا قلت إن هناك ساعتين لقراءة رواية فأقرأها بسرعة، ويشتد خفقان قلبي حتى إني أحسه في أذني، وتبدأ يدي بالارتعاش.

أحس أن عقلي لا يرتاح، حتى عندما أغسل الأطباق أسمع أصوات أغان، وأفكار سابقة، ولقطات من أفلام، ويحدث لي هذا حتى في الصلاة والدراسة، فإذا قلت لنفسي أبعدي الفكرة اشتدت وزادت!

لدي أرق شديد، خاصة إذا كان هناك شيء مهم غدا، ولو كان العيد، رغم عدم تفكيري به، فأتضايق من كل شيء، من عطف ملابسي، حتى وضعية نومي أغيرها، وأفزع فجأة، سواء كنت نائمة أم لا، وكأن بي الصرع، أو كأني أسقط عن السرير، وأستيقظ أثناء الليل فأبدأ بمناقشة موضوع حدث اليوم أو قبل أيام بدون إرادتي، وقد أستمر ساعة على هذه الحال قبل العودة للنوم!

أتضايق من صوت الساعة والضوء ولو كان خفيفا، أحيانا أجد نفسي ضاغطة على أسناني بقوة في الصباح.

أنا لا أستطيع الجمع بين السمع والتفكير، فمثلا قرأت سورة يوسف فما استطعت التركيز، ولو ركزت لتوقفت عن القراءة أو لقرأت كلمة كلمة ببطء.

كذلك عند قراءة المحاضرة أمام الطلبة لا أفهم ما أقول، وإذا رأيت برنامجا طبيا أعجبني فأنا أقرأ الترجمة، لكن رغم سهولة المعلومة، ولو على الزكام لا أفهمها، وإذا قرأت رواية أقرأ الأحداث بسرعة، وأندمج معها، وأستطيع أن أذكر كل تفاصيلها، حتى البسيطة للناس، ولكني بعد فترة أنساها.

لذا فأنا أعاني من النسيان الشديد جدا، فهو لا يقتصر على الأسماء ولكني أنسى حتى الآراء التي كونتها واستنتجتها بنفسي، فإذا أردت عرضه على أحد تذكرت الخلاصة دون التفاصيل.

أنا أنسى حتى البديهيات، مثل أجهزة الجسم، وعند الامتحان أعيد قراءة الكتاب كأني لم أره في حياتي، وأنسى الإجابة، ولو قال لي أحد: تعرفين ماذا أصاب فلانا؟ أظل صامتة لأني أعرف أن شيئا قد حدث له، لكن ما هو؟ لا أذكر! وإذا سألني الأستاذ فجأة وسط الدرس أبقى أنظر إليه وكأنه أخرجني من وضع الاستماع الذي كنت فيه، ولو كنت مركزة في الدرس، وأنسى كل شيء قرأته، وإذا قال لنا الاستاذ: امتحان 5 دقائق، قد تلم بي مصيبة فأجلس أبكي!

أسمع صوت موسيقى هزلية، أو أتذكر نكتة أو إذا غضب مني شخص أريد أن أبكي، ولكن فجأة يضحكني مظهره العصبي، فيختفي الإحساس بالحزن رغم ضرورة وجوده.

عندما أجلس مع الناس أستمع لما يقولون، ولكني أحس أني لا أفهم، أحس أن عقلي في مكان آخر رغم عدم تفكيري بشيء، وأستطيع إعادة كلامهم فور انتهائهم ولكني لم أفهمه فلا أستطيع الاسترسال في مناقشات مع الناس، ولا أستطيع الاستفادة منهم، ولا أستطيع أن أفيدهم رغم وجود الحل عندي في بعض الأحيان.

أحس أن عقلي مزدحم بأفكار عديدة لا تسمح لي أن أركز، ولكن عند جلوسي مع الناس أحس أن عقلي فارغ، وأحس أني شاردة الذهن، وإذا حاولت التركيز بدأت أستمع لهم كمن يجلس في الدرس، وكأني أستمع لمحاضرة ثمينة، وقد نبهتني أختي على تصرفي هذا.

أنا واثقة من نفسي، أتصرف كما أريد عندما أتكلم، وأنظر في عيون الناس، ولكن كأن عقلي لا يكون معي عند الكلام، فقد أقول أشياء لا أعرف كيف خرجت، وأحيانا عندما أتكلم فجأة أنسى أين وصلت في كلامي! وحين أتكلم أسمع أصواتا تخرجني عن تركيزي.

أنا متدينة، أقوم بالسنن والأذكار، وأنهض منذ صلاة الفجر، وأحتسي القهوة، وأنام باكرا، وأجلس بانتظام مع أسرتي، وأمارس الرياضة في بعض الأحيان، ولكني أنعس كثيرا، ويخرج لعاب من فمي أثناء النوم، وأحس بتعب حتى من ارتقاء السلم، وإذا كنت جالسة ونهضت أرى بقعا سوداء حتى تعود لي الرؤية بعد دقيقة، ونبض قلبي يؤلمني لأني أسمعه في أذني.

جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

إن كان هنالك وصف يوفي شخصيتك حقها فإني أقول لك إنك شخصية متوهجة، مثابرة، متطلعة، متفائلة، قلقة، لديها انضباط وسواسي، لا تقبل الفشل، وصارمة مع ذاتك.

هذه هي السمات التي تلمستها في شخصيتك، وقطعا لا أراك مريضة، لا يوجد عصاب نفسي حقيقي، لا يوجد اضطراب وجداني، أو غيره من الأعراض النفسية.

كل الذي بك هو هذه الطاقات النفسية القلقية، والتي تحمل جوانب إيجابية كثيرة جدا، لكن قطعا توجد أيضا بعض الارتدادات السلبية؛ لأن مستوى مراقبة الذات لديك عال جدا، ودرجة التحكم في النفس والانضباط مطلقة، وهذه قطعا سمة من سمات التطبع الوسواسي، والقلق والوساوس بدرجة معقولة هي مفتاح للنجاح للإنسان، ولا شك في ذلك، هذا كلام مثبت ومؤكد، لكن قطعا قد تتعب صاحبها في بعض الأحيان.

أتمنى أن تقتنعي بما ذكرته لك، وأنا متأكد أن أي مختص نفسي مقتدر إذا قام بتحليل شخصيتك أو إجراء أي نوع من الاختبارات الخاصة بالشخصية والمحكمة، سوف يصل لنفس النتيجة التي ذكرتها.

إذا لا توجد سلبيات حقيقية في حياتك، أو حتى في شخصيتك، الذي أنصحك به هو: أن تعرفي حقيقة ذاتك، وهي أنك ناجحة لكنك تسابقين الزمن وتسابقين ذاتك، فخففي على نفسك، واعرفي أنك يقظة، أنك منضبطة، أنك مرتبة، وليس هنالك حاجة لعمل المزيد، الذي أنت عليه الآن يكفيك تماما.

وجد أن الأشخاص الذين لديهم انضباط وسواسي وقلق شديد إذا عرفوا هذه الحقيقة حول ذواتهم، وظلوا على نفس النمط سوف يحدث لهم نوع من التطبع والتواؤم والتكيف، مما يقلل من مستوى القلق لديهم، لكن إذا لم يشعرهم أحد أو لم يخطرهم أحد بما يعانون منه، أو لم تفسر لهم سماتهم، ففي مثل هذه الحالة سوف يكون الإنسان منطلقا في طموحاته، ويرتفع سقف متطلباته، مما يزيد عليه القلق والتوتر.

إذا أنا أريدك أن تدركي أنك صاحبة ميزات عظيمة، أنك مقتدرة، وسيري على هذا المنهاج، هذا إن شاء الله سوف يكون صمام الأمان بالنسبة لك حتى لا ترفعي من مستوى الإجهاد على نفسك.

النصيحة الأخرى هي: حاولي أن تعبري عن ذاتك، ولا تحتقني، لا تكتمي.

النصيحة الثالثة هي: لا بد أن تصبري على نفسك وأن تحسني إدارة وقتك، وتخصصي وقتا للراحة، وأعجبني تماما أنك في بعض الأحيان تمارسين الرياضة، هذه مهمة جدا، اعتمدي أيضا على النوم المبكر، ومارسي تمارين الاسترخاء التي هي موضحة في استشارة تحت رقم (2136015) أرجو أن ترجعي إليها وتطلعي على ما بها من توجيهات وإرشاد، فهي إن شاء الله مفيدة لك جدا إذا ثابرت على ممارستها.

حاولي أيضا أن تتجنبي الميقظات كالشاي والقهوة والبيبسي والكولا والشكولاتة، لأن هذه قد ترفع من درجة اليقظة ومن ثم مراقبة الذات.

لا بد أن تدخلي في بعض البرامج الترفيهية مع الصالحات من صديقاتك من الفتيات، ونحن دائما ننصح ببر الوالدين، فهو ركيزة أساسية للسعادة والنجاح إن شاء الله تعالى.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأشكرك، وأنت لست في حاجة لأي علاج دوائي، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات