السؤال
المستشار الفاضل: أود طرح مشكلتي مع خجلي الشديد من طرحها، فأنا فتاة مخطوبة من ثمانية أشهر, وبعد أقل من شهر زواجي - بإذن الله - مشكلتي هي مع زوجي – خطيبي – فكثيرا ما يتحدث عن الجنس بطريقة مبتذلة من وجهة نظري, ويستخدم بعض الألفاظ التي لا أستطيع تقبلها, ربما لأني أسمعها من الشباب الطائش في الشوارع والمعاكسين وغيرهم, وكنت أستمع لكلامه وأتظاهر بأن الأمر عادي, وبعدها كلمته بأسلوب هادئ, فقال: ماذا أفعل فهذه هي أسماؤها؟ ويطلب مني أن أتحدث معه بنفس الطريقة, فتجاوبت معه لكني أشعر أنها تخرج من وراء قلبي وإرادتي.
كما يطالبني ببعض الأمور في علاقتنا التي أتقزز منها, ولا أستطيع تقبلها, وحاولت لفت انتباهه إلى أن هذه الأمور قد لا تحبذ وتستحب, حتى وإن كانت مباحة, لكنه يرفض طالما أن الأمر من المباحات, وحاولت أيضا أن أضغط على نفسي وأتجاوب معه, ولكنه يشعر أن هذا ليس رغبة مني, ولا أقوم به بمتعة.
قد ينظر لي على أني عديمة الرومانسية, لكن اهتمامي في المقام الأول هو بالعاطفة, والحنان, والكلام العاطفي, واهتمامه الأول هو الجنس, وكثيرا ما يطلب أن أكون معه متحررة في هذه الأمور إلى أبعد درجة، وهو طيب وحنون, ولا يقصر معي, لكني أشعر أن الأمور التي يطلبها تقززني, ولا أستطيع تقبلها بسهولة, رغم أني لا أرفض العلاقة ذاتها, ولكن بعض التصرفات مثل الجنس الفموي, فما نصيحتكم - بارك الله فيكم -.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مرام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
نرحب بك - ابنتنا الفاضلة - في الموقع، ونسأل الله أن يجمع بينك وبين هذا الخطيب على خير، وأن يعينك على كل أمر يرضي الله تبارك وتعالى، ونؤكد لك أن الفتاة ينبغي أن تكون حيية غاية الحياء مع الآخرين، ولكنها تكون صريحة مع زوجها في مثل هذه الأمور، وقطعا نحن نريد أيضا من الرجل أن يراعي مشاعر الفتاة, وينتقل انتقالا تدريجيا، ولا يفعل الأمور التي - ربما يكون - فيها إشكالات من الناحية الشرعية، أو حتى لو كانت مقبولة من الناحية الشرعية، فإن النفوس تتقزز من بعض التصرفات ولا تقبلها.
هذه الأمور ينبغي أن يتفق عليها, ويدار فيها الأمر على الوجه الذي يرتضيه الطرفان؛ حتى تكون السعادة مشتركة، ونحن نفضل في مثل هذه الحالة ألا تجادليه ولا تناقشيه طويلا، ولكن اطلبي منه أن يسأل عن هذه الأمور، وكنا نفضل أن تأتي هذه الاستشارة بلسانه حتى يسمع التوجيه من الرجال، وحتى يدرك أن إسعاد الزوجة لا بد أن يكون أيضا بالأشياء التي ترضاها، وبالأشياء التي تطيقها، وبالأشياء التي تقبلها نفسيا؛ لأن هذا جانب مكمل للسعادة ومكمل لهذه الأمور، حتى في الأشياء المباحة – يعني في الأكل, وفي الشرب, وفي التصرفات – وهناك أشياء مباحة لكن بعض الناس يتضايق منها، لا نقول حراما، لكن نحن نريد الأشياء التي تدخل السرور وتدخل السعادة.
حبذا لو تواصل معنا، فنحن نستطيع أن نعطيه توجيهات نافعة وإشارات ستكون مفيدة في هذا الاتجاه، ومن حقه أن يسأل، وينبغي أن تكوني معه صريحة في منتهى الصراحة، فأنت أصبحت زوجة له، ونسأل الله أن يجمع بينكم على الخير، وإن كنا لا نفضل قبل الدخول إثارة مثل هذه الأمور، ولكن بعد أن يكتمل الزواج وبعد أن تكون الزوجة عند زوجها، فعند ذلك يأخذون راحتهم، ويتكلمون بما يريدون، ويتصرفون التصرفات التي تجلب لهم السعادة والعفاف، طالما كانت محكومة بآداب وأحكام هذا الدين العظيم الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.
نحن نتمنى ألا يطول الجدال في مثل هذه الأمور، ولكن نتمنى أيضا في المقابل أن يتفهم المعاناة التي تقابلينها، والأشياء التي تتقززين منها، والأشياء التي لا تطيقينها؛ لأن السعادة أصلا لا يمكن للإنسان أن يسعد وحده، وإنما يسعد بمن حوله، خاصة أن السعادة الزوجية لا يمكن أن تتحقق إلا إذا كانت الأمور بالوفاق والمحبة والمودة والرحمة، ولا يعني هذا أن استخدامه لهذه الألفاظ سيء، وأنت أشرت إلى هذا - والحمد لله - ولكن أيضا ينبغي أن نراعي الأشياء التي يمكن أن تقبل، وكان ينبغي أيضا أن ينتظر حتى تكوني عنده، وبعد ذلك تناقشون هذه الأمور بهدوء, وتمارسون هذه المتعة الحلال، وتظهرين سحرك الحلال، فإذا كانت المتبرجات يظهرن المفاتن بالحرام, فإن المتزوجة ينبغي أن تبالغ في التزين لزوجها؛ لتسعد نفسها وتسعد زوجها بآداب وأحكام هذا الدين العظيم، وبهذه المتعة الحلال الذي أبحاها الله تبارك وتعالى للزوجين.
طبعا هذا الكلام محمول على أنه تم عقد القران بينكم، فأنت لم تبيني لي ماذا تقصدين بالخطبة. فإن كنت تقصدين بالخطبة غير العقد فإن هذا لا يجوز، فالخطبة ما هي إلا وعد بالزواج ولا تبيح للمخطوبين الكلام في مثل هذه الأمور.
نسأل الله أن يسعدكم، وأن يلهمكم السداد والرشاد، ونتمنى أن تديروا هذه الأمور برفق وبهدوء وبتفاهم، فإن الحياة الزوجية تبدأ بالتعارف، ثم بالتأقلم، ثم بالتنازل، ثم بالتفاهم، ثم بالتعاون، وصولا إلى الوفاق التام والكامل.
نذكركم بأن خير ما يصلح البيوت هو طاعة ربنا صاحب العظمة والجبروت، قال تعالى: "وأصلحنا له زوجه" ماذا كانوا يفعلون؟ "إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين".
نكرر شكرنا لك على التواصل مع الموقع، وعلى الحرص على السؤال، وعلى هذه المشاعر النبيلة التي تدل على ما وهبك الله من حياء وخير, ونشكر لك الاهتمام والسؤال.