السؤال
السلام عليكم..
لدي مشكلة اجتماعية، أتمنى مساعدتي للتخلص منها، هي قديمة منذ الصغر، عندما طلق خالي عمتي بدأت المشاكل بين أعمامي وأخوالي، وبدأ كرهنا بحكم أن والدتي أخوها طلق عمتي.
كان والدي يدافع عنا أمام ظلم أعمامي فترة، ثم بدأ بالتحول وكره أخوالي من تأثير إخوانه، وحاول كثيرا أن يمنعنا من الذهاب لزيارة أخوالي، ولم يفلح كثيرا، فبدأ بالتقصير بالنفقة علينا، وإهمالنا، ثم اتجه لظلم والدتي، وبعض الأحيان يقوم بسب وشتم أهلها، ومارس الظلم علينا جميعا، وخاصة والدتي من ناحية نفسية وجسدية.
حاولت جاهدا أن أشرح لوالدي أن مشاكلهم مع أخوالي لا دخل لنا بها، ولابد أن يجنب أسرتنا هذه المشاكل، زاد من ظلمه، وبعض الأحيان يقوم بضرب والدتي.
هذا الحال بشكل مستمر، ويختلق المشاكل، تحملت والدتي ظلما امتد إلى 15 سنة، من أجلنا نحن أطفالها، وكنا نقوم من النوم على الصراخ والضرب، ونبدأ في فك الشجار بينهم، والوقوف بوجه والدي، ونتعرض لضرب حينها.
منذ شهر حصلت المشكلة الكبرى، وهي أننا قمنا على أصوات الصراخ وقت الفجر، وإذا بوالدي يضرب والدتي، وقمنا بمنعه وضربنا بعنف، حتى إنه شج رأس أخي بواسطة آلة حادة، وحينها منعناه من التمادي وحماية والدتي، وساعة الغضب قمنا برفع الصوت عليه ودفعه بالقوة خارج الغرفة فطرد والدتي من البيت حينها.
خرجنا مع والدتي نحن الذكور فقط، أما أخواتي فأجبرهن بالجلوس عنده، ونحن الآن نسكن في شقق مفروشة منذ شهر.
جدي من أبي وبعض أعمامي ساندوه ووقفوا معه ضدنا، فهم هذا ما يتمنونه، وخاصة أننا -لله الحمد- ناجحون في دنيانا ودراستنا، وأنا موظف -لله الحمد- ووالدتي موظفة.
أفيدوني وأشيروا علي، جزاكم الله خيرا، وأنا جاهز لأي استفسار.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فهد الفهد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ييسر أمرك، وأن يصلح ما بينكم وبين والدكم، وأن يصرف عنكم كيد شياطين الإنس والجن، وأن يحفظكم بما يحفظ به عباده الصالحين، إنه جواد كريم.
أخي الكريم الفاضل: إنه مما لا شك فيه أن هذه الخلافات الأسرية ألقت بظلالها على العلاقة بينكم وبين والدكم، وكان آخر ما حدث هذا الطرد وهذا الضرب والإهانة، ولذلك أحسنت صنعا عندما أخذتم والدتكم وذهبتم بعيدا عن الأسرة، وهذا تصرف حسن، لأن وجودكم دائما في وجه بعض قد يسبب مشاكل أكثر وأشد، ومن هنا فإني أقول: إن ما فعلتموه هو الأوفق وهو الأصوب.
إلا أني أنصحك (حقيقة) بعدم التواصل الآن، وترك الأمور حتى تهدأ، لأن المشكلة في أولها عادة ما تكون مستعرة، والقلوب تكون متغيرة، والعقول تكون مغلقة أو غائبة، ولذلك أرى – بارك الله فيك – أن تكرموا والدتكم، وأن تظلوا بعيدا عن الوالد، ولا ترسلوا أحدا يتكلم معه، ولا يتكلم مع غيره، ولا تدخلوا أحدا بينكم، ولا تتكلموا عن هذا الموضوع مع أي أحد من الناس.
اجعلوا الأمر بينكم فقط وبين والدكم، وإذا ما أراد أحد أن يتدخل فقولوا له (هذا والدنا والخلاف - إن شاء الله تعالى – خلاف بسيط، وعما قريب ستعود المياه إلى مجاريها، ولا يمكن أن نستغني أبدا عن والدنا ولا عن أهلينا).
حاولوا دائما أن تقدموا الكلمات الطيبة، وأن تقدموا العبارات التي لا تجعل أحدا يكون له مدخل للإفساد بينك وبين والدك أو بينكم وبين والدكم أو بين أقاربكم.
أقول: إن هذه مسألة وقت، عليكم الآن أن تتفرغوا لأنفسكم، وأن تحاولوا أن تعكفوا على لملمة جراحاتكم وعلاج مشاكلكم، واتركوا أمر الوالد هذا فترة من الزمن، لأنه مهما كانت الخلافات فإن وجود الأبناء وسط الزوجين خاصة وأنكم - الحمد لله تعالى – من الناجحين المتميزين، وكل أب يتباهى بأبنائه عندما يكونون كذلك، فأنا واثق - إن شاء الله تعالى – أن المسألة مسألة وقت، وأنت عليك وعلى إخوانك التوجه إلى الله بالدعاء أن يذهب الله تبارك وتعالى عنكم كيد شياطين الإنس والجن، وأن يصرف عنكم هذا الكيد، وأن يجمع شمل الأسرة على خير بأسرع وقت ممكن.
لكن الذي أنصح به ألا تتكلموا مع أحد في شيء، وكلما حاول أن يتدخل أحد بينكم لمعرفة سبب الخلاف اتركوا هذا الأمر، وقولوا له: (هذه مسألة وقت، وبإذن الله تعالى سوف تهدأ الأحوال، وسوف تعود المياه إلى مجاريها بإذن الله تعالى).
أنا أتمنى فقط أن تمسكوا ألسنتكم تماما، وألا تتكلم الوالدة مع أي أحد عما دار من خلاف، وأنتم كذلك أيضا، حتى إن الوالد سيجد نفسه أنه قد أخطأ، وأنكم ما قابلتم الإساءة بالإساءة، ولا حاولتم تشويه صورته، حتى مع أقرب الناس، يعني عندما يتقدم أحد حتى وإن كان أقرب الناس إليكم قولوا له: (هذه مسألة بيننا وبين الوالد، ومع الأيام سوف تحل بإذن الله تعالى، ونحن نشكر لكم صنيعكم، وبإذن الله تعالى سوف نعود إلى والدنا ويعود إلينا، لأننا لا يمكن أن يستغني بعضنا عن بعض، وهذا والدنا وإن كان حدث خلاف بينه وبين الوالدة، فالبيوت كلها خلافات، ونحن نؤمن بذلك، وكل مسألة - إن شاء الله تعالى – قابلة للحل، لأن الله ما خلق داء إلا خلق له دواء، ولا وجدت مشكلة في الكون إلا أوجد الله لها ألف علاج وعلاج، ولكن هي مسألة وقت.
قولوا: نحن نريد فقط أن تستريح الأعصاب وأن تهدأ الأنفس، وبإذن الله تعالى سوف نعود إلى والدنا وسوف يرجع إلينا بإذن الله تعالى.
أتمنى كما ذكرت ألا تذكروا كلمة تحسب عليكم في العلاقة بينكم وبين الوالد مهما كانت إساءته، لأنه يبقى هو والدك كما هي والدتك، ويبقى هو باب من أبواب الجنة، كما أنها باب من أبواب الجنة، حتى وإن كان قد ظلم أو بغى أو طغى، فإنه يبقى أباك ولا تستطيع أن تواجهه بشيء من سيئاته إلا من باب النصيحة والرغبة في الإصلاح.
أسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقكم لكل خير، وأن يعينكم على طاعته ورضاه، وأن يصلح ما بينكم وبين والدكم، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق .