أقع في الشهوات مع تأثري بالقرآن عند سماعه، فهل أنا منافق؟

0 473

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كلما ذهبت للصلوات الجهرية كالمغرب والعشاء، وسمعت آيات العذاب وآيات النعيم بكيت وتمنيت، لكني ما زلت أعاني من بعض المعاصي، خاصة نار الشهوة، فقد جربت الصوم، ولم أفلح في قتل تلك الشهوة مما يعذبني، وكلما عقدت العزم رجعت، الآن: هل أنا منافق؟ هل سأصلى عذاب الجحيم؟

أقول في نفسي لو مت سأرتاح من ذلك العذاب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نكرر الترحاب بك في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يصلح لنا ولك النية والأحوال، وأن يلهمنا جميعا رشدنا، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا، وندعوك إلى الاستعانة بالله الذي قلبك وقلب العباد بين أصبعين من أصابعه يقلبها كيف يشاء، والجأ إليه لجوء المضطر وأبشر، فإنه سبحانه يجيب المضطر إذا دعاه، فكيف إذا كان هذا المضطر مصليا، يخشع في صلاته ويبكي ويتأثر عندما يسمع كتاب الله تبارك وتعالى.

إن في نفسك بذرة للخير كبيرة، فاجتهد في تنميتها وصيانتها، واعلم أن الله تبارك وتعالى ما سمى نفسه غفورا إلا ليغفر لنا، فاطلب مغفرة الغفور، ورحمة الرحيم، وتب إلى الله توبة صادقة، وحاول أن تتخلص من روافد بحيرة الشهوات، فإن الإنسان إذا غض بصره واجتهد في البعد عن مواطن النسا، وشغل نفسه بالخير، وتجنب الخلوة بالنساء، وحرص على ألا يأتي لفراشه، أو يأتي لمكان إلا عندما يكون جاهزا للنوم، واستخدم الأوقات في رضا رب الأرض والسموات، واسأل الله تبارك وتعالى المعونة والعصمة والتأييد، فإن هذا هو أنجع علاج لكل شهوة يمكن أن تجر صاحبها إلى الهواية.

كما أرجو أن تخطط لنفسك في مسألة الزواج، وتجتهد في أن تستكمل هذا الجانب الذي عندك، ولا يحملك هذا الذي يحدث لك على اليأس؛ لأن هذا مما يريده الشيطان، يريد أن تيأس وتقول (ما في فائدة، ما في خير، الله غاضب علي) ثم تنهمك في المعاصي، ولكن فوت الفرصة على هذا العدو، وكرر التوبة والرجوع إلى الله تبارك وتعالى، واعلم أن ذنوبنا لو بلغت عنان السماء، ثم لقي الواحد منا ربه لا يشرك به شيئا غفر الله له ذلك كله، يسامحه في ذلك كله، بل إذا تاب إلى الله تبارك وتعالى وأخلص في توبته وأوبته فأولئك الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات، وقد قال: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم} بالمعاصي والموبقات {لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا} وهو القائل: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}.

فلا تيأس من رحمة الرحيم؛ لأن هذا مما يريده الشيطان، واجتهد في البعد عن أسباب فوران الشهوة وثوران الشهوة؛ فإنها لا تثور إلا بأسباب، فهنا منافذ إذا قام الإنسان بسدها: إذا شغل نفسه بالخير، إذا تجنب الوحدة – لأن الشيطان مع الواحد – إذا حرص على أن يعيش حياته منشغلا بأمر يفيده في الدنيا أو في الآخرة، هذا كله مما يعين الإنسان بعد توفيق الله وتأييده على محاصرة الشهوة ووضعها في إطارها المناسب.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمك السداد والرشاد، ونحن نشكرك على خشوعك في الصلاة، ونبشرك بأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، فواظب على الصلاة، واظب على الطاعات، واجتهد في تحويل نصوص الشريعة، وابحث عن الصلاة وآثار هذه العبادات، واجتهد في الصوم وفي غيره، واجتهد أيضا في استفراغ طاقات البدن في رياضات مفيدة، وهوايات نافعة، أو قراءات مرشدة، واجعل كتاب الله جليسا، فإنه جليس لا يمل وصاحب لا يغش.

نسأل الله لك التوفيق والسداد والهداية، ونكرر ترحيبنا بك، ونحن على ثقة - إن شاء الله تعالى – أنك ستنتصر على الشيطان وعلى هذه الشهوة، فاستعن بالله وتوكل عليه، واعلم أن كيد الشيطان ضعيفا، وأن الشهوات أمرها محدود، وأن هذه الشهوات والنزوات لا توصل للإشباع ولكنها توصل للسعار، فتجنب الدخول في درب المعصية، ونسأل الله لك العصمة والتأييد والثبات، ونشكر لك هذا التواصل مع الموقع.

مواد ذات صلة

الاستشارات