زميلاتي المعلمات يحتقرنني بسبب بنيتي الضئيلة، ما توجيهكم؟

0 414

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالبة إعداد تربوي أطبق في إحدى المدارس، لدي مشكلة في البنية الجسمية فبنيتي ضئيلة، نحيفة وقصيرة، طولي 148 سم، حقيقة كنت وما زالت لا أراها مشكلة، ولا أعتبرها عائقا بالنسبة لي، وراضية عن نفسي -ولله الحمد والمنة-، خصوصا أنني أرى كثير مثلي أو حتى أصغر بنية مني في المجتمع الجامعي، ولم أواجه هناك مشكلات بعينها، أما الآن وبعد أن أصبحت معلمة في المدرسة، حقيقة من أول يوم لي وأنا أرى نظرات الاحتقار تلاحقني من المعلمات، وذات مرة تحدثت معي إحدى المعلمات بأن ألبس كعبا عاليا على الأقل، لأنها دخلت فصلا كنت موجودة فيه ولم تنتبه لوجودي ظنا منها أني طالبة، لكني لا أفضل الكعب العالي عموما لسببين: مضر بصحة المرأة، ولا أعرف المشي به، وخصوصا أني في هذه الفترة لدي عدة أحذية -أكرمكم الله-، فلست بحاجة لأن أشتري غيرها فأكون مسرفة لأجل إرضائهن.

أنا أهتم بنفسي -ولله الحمد-، ملابسي مرتبة تليق بي ووجهي حسن -ولله الحمد-، أحترم الجميع، برأيي هي ليست مشكلة، فالإنسان قيمته في دينه أولا، ثم أدبه وأخلاقه ثم علمه، لا في جسده ووجهه، والله إني لا أمدح نفسي ولا أزكيها ولا أجزم بذلك، وأحاول أن لا أسيء الظن بهن، لكني أرى من مخالطتي لهن أنني أفضل من كثير منهن في الدين، وهن تركن الاهتمام بالأهم واهتممن بالمظهر، عندما أرى أغلب الناس ضدي أشعر أنني لست على صواب في حكمي، لذا أريد مشورتكم وتوجيهكم.

بارك الله فيكم وأنار بصائركم، وزادكم من فضله، و جزاكم عنا خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على التواصل معنا والكتابة إلينا.

كلام جميل ومفيد ورد في سؤالك عن أن قيمة الإنسان ليست بالمظهر، وإنما بالروح والجوهر، وإن كان هذا لا يتعارض ربما مع بعض الأمور التي يمكن للإنسان أن يقوم بها من أجل تحسين المظهر، وليس هناك مانع شرعي من الاهتمام بالمظهر، على أن لا يكون على حساب الجوهر، والله تعالى يقول لنا: {خذوا زينتكم عند كل مسجد} والرسول الكريم قال لذلك الشاب الذي اعتنى بمظهره وشعره: (إن فيك لخصلتين يحبهما الله، الحلم والأناة)، وربما أمامك خياران، والرأي الأخير لك:

الأول: أن لا تغيري شيئا وأن تستمري بعمل ما تقومين به، ولتتعرف المعلمات عليك كما أنت، وليعرفوا قيمتك الحقيقة بخلقك ومهاراتك في التدريس.

والثاني: أن تقومي ببعض الإجراءات ومنها الكعب المرتفع، إذا كان هذا يريحك نفسيا، وتبقى مهمة الاعتياد والتدريب عليه، حيث تلبسه الكثير من النساء، ولا تخفى عليك أهمية الراحة النفسية، وخاصة إذا كان طولك قريب من طول الطالبات، ولا أظن أن مبرر وجود العديد من الأحذية لديك مبرر قوي لعدم القيام بهذه الخطوة، والخيار لك.

وفقك الله، وكتب لك الخير والفلاح في الدارين، ونفع بعلمك الطالبات.

*******************************************

انتهت إجابة الدكتور مأمون مبيض استشاري الطب النفسي.

وتليها إجابة الشيخ محمد الفودعي مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.

*******************************************

مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد، وأن يعينك على الخير ويأخذ بيدك إليه.

لقد أصبت عين الحقيقة حين أدركت أن الإنسان إنما يقوم بعمله وخلقه ودينه، والمطلوب من كل واحد منا أن يسعى لاكتساب المزيد من خصال الخير، والأفعال والأقوال الحميدة حتى يعلو شأنه عند الله تعالى وعند خلقه، ولكن هذا الميزان لا يتنبه له كل أحد من الناس، وهو قد يوجد نظريا عند كثير من الناس، ومع ذلك عند التطبيق والواقع يتغافلون عنه، لذا فنحن بحاجة إلى مزيد من الصبر -أيتها البنت الكريمة– على من نعاشرهم ونلقاهم، ومما يعيننا على الصبر ثقة الإنسان في صحة تصرفاته وأقواله، ولا ينبغي أن يوهن من عزيمة الإنسان على ذلك كثرة من يخالفه، فإن أكثر الناس كما قال الله سبحانه وتعالى عنهم صادون عن سبيل الله: {وإن تطع أكثر من في الأرض يصدوك عن سبيل الله} فلا ينبغي أن يكون ذلك قلقا وهما، فإذا رزقك الله عز وجل العزيمة والصبر على فعل ما يرضيه سبحانه وتعالى، فلا تلتفتي بعد ذلك إلى كثرة من يخالك فيه.

أما الأخذ بأسباب الجمال والحسن مما أباحه الله سبحانه وتعالى فهذا أمر من المباحات لا حرج فيه، وينبغي للإنسان أن يعمل به ما دام خارج الإثم، فإن الله عز وجل جميل يحب الجمال كما قال عنه النبي -صلى الله عليه وسلم–، ولكن لا بد من أن تنضبط تصرفاتك، ومن ذلك ما تلبسينه وتتزينين به، لا بد أن ينطبق ذلك كله بالضوابط الشرعية، فلبس الحذاء يشترط ألا يكون فيه إذا مشت المرأة به ضربت على الأرض وأسمعت صوته، لقول الله سبحانه وتعالى: {ولا يضربن بأرجهن ليعلم ما يخفين من زينتهن} وما عدا ذلك فهو على الإباحة لك أن تفعلي منه ما شئت، ولك أن تتركي منه ما شئت.

نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يأخذ بيدك إلى الخير، ويعينك عليه.

مواد ذات صلة

الاستشارات