أعاني من الرهاب وضعف المواجهة، ما نصيحتكم؟

0 461

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

لدي مشكلة، ولا أعلم إن كنت أستطيع وصفها تماما؟! لدي عسر في التعبير عن الذات، ومن المضحك أنني شاعر، ومن المفترض أني أكثر الناس قدرة على التعبير.

لدي علم ومعرفة وأرفض كثيرا جهل من حولي، ولكن المشكلة أني لا أملك الشجاعة خصوصا في الاجتماعات! وعند التواصل مع الآخرين لا أستطيع النظر في وجوه الناس، ويسبب لي هذا ارتباكا وتعرقا، وأنا الآن أتناول علاج (فلوزاك) جرعة 40 مليجرام منذ تقريبا أسبوع، والعلاج كأنه استجاب معي بالنسبة للوسواس القهري، لأني أعاني منه، لكن الارتباك والخوف في المجالس
لم يذهب إلى الأن.

أستشيركم هل هناك علاج استخدمه مساعد للفلوزاك للقضاء على المخاوف، أو أرفع الجرعة؟ علما أني قبل سنة ونصف جاءني رهاب اجتماعي، فانعزلت عن الناس، والحمد لله أنني ملتزم واتجهت إلى الله، فهذا أحسن شيء، وندمت على ما مضى من عمري.

لا شك أن علي واجبات بالنسبة لديني في توجيه الناس، وأعلم أن هذا لن يحصل إلا بالبدء بنفسي وتقويمها.

ما هي الأفكار التي أبدأ بها لإصلاح نفسي وتطوريها حتى أغير غيري؟ فأنا أحب الأمر بالمعروف والنهي عن النكر، لأنه واجب شرعي، وأحيانا في مجلس لا أستطيع أن أنكر حياء أو خوفا من إجراء محادثة وسط نظرات الآخرين!

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت صاحب مقدرات معرفية، لديك رصيد كبير جدا من المعرفة - بفضل الله تعالى – لكن مشكلتك هي ضعف تقييم الذات لديك، وهذا قد يكون ناتجا من درجة بسيطة إلى متوسطة مما يسمى بالرهاب الاجتماعي أو الخوف الاجتماعي، والخوف الاجتماعي كثيرا ما يكون مرتبطا بالوسواس القهري، وكلاهما يأتيان تحت دائرة القلق النفسي.

حالتك - إن شاء الله تعالى – بسيطة جدا، وقبل أن نتحدث في موضوع العلاج الدوائي، عليك أن تفهم أن الحالة بسيطة، أن الحالة ليست خطيرة، وأن تقيم ذاتك تقييما صحيحا، وتتفهم ذاتك، وتقبل ذاتك، ثم بعد ذلك تسعى لتطوير ذاتك.

رفع كفاءة الذات مهم جدا، وذلك من خلال إنصافها وعدم تحقيرها، وأنت - بفضل الله تعالى – لديك الرصيد القوي من المعرفة التي تجعلك فخورا بمقدراتك، وأن تستفيد منها استفادة عملية فيما يخص التواصل الاجتماعي.

بمناسبة التواصل الاجتماعي: هنالك أنوع من التواصل الاجتماعي التي نراها ضرورية لرفع الكفاءة النفسية لدى الإنسان:

- صلاة الجماعة من أفضل أنواع التواصل الاجتماعي الخاص جدا والجميل جدا والمفيد جدا، والذي تثاب عليه - بإذن الله تعالى - .
- ممارسة الرياضة الجماعة أيضا لها وقع إيجابي جدا على النفس البشرية من حيث رفع الكفاءة الذاتية، ومشاركة الناس في أفراحهم وأتراحهم ومناسباتهم.

أنت بما أنك شاعر لديك فرصة كبيرة جدا للتفاعل الاجتماعي أيها الأخ الكريم.

بالنسبة للعلاج الدوائي: عقار (بروزاك Prozac) ويسمى علميا باسم (فلوكسيتين Fluoxetine) والذي يعرف في مصر باسم (فلوزاك Fluozac) هو من الأدوية الجيدة، لكن لا نستطيع أن نقول أنه الأفضل لعلاج الوساوس القهرية المصحوبة بالمخاوف، أفضل دواء لعلاج الوساوس القهرية المرتبطة بالخوف الاجتماعي هو عقار (زولفت Zoloft) أو يسمى تجاريا (لوسترال Lustral) والذي يعرف تجاريا في مصر باسم (مودابكس Moodapex) ويسمى علميا باسم (سيرترالين Sertraline).

عموما لا أريدك أن تنتقل مباشرة لتناول هذا الدواء، وذكرته لك فقط من قبيل المعرفة، والذي أريدك هو أن تستمر على الفلوزاك لتعطيه فرصة كاملة.

أنت على جرعة أربعين مليجراما منذ أسبوع واحد فقط، وهذه المدة غير كافية أبدا لأن يتم البناء الكيميائي الكامل لهذا الدواء.

فترة ستة أسابيع هي المدة المطلوبة لنحكم على الدواء من حيث نجاحه أو فشله في علاج الخوف والرهاب وكذلك الوساوس، فاصبر على الدواء مع التدعيمات السلوكية المطلوبة، وإن لم تستفد منه بعد ستة أسابيع فبعد ذلك يمكن أن يستبدل بالسيرترالين.

بالنسبة للجزء الثاني من سؤالك سوف يجيبك أحد الأخوة المشايخ، ومن جانبي أقول لك - أيها الفاضل الكريم - : من أهم الأشياء أن تزود نفسك بالمعرفة، معرفة الدين، ومعرفة العلوم الدنيوية، والتطبيق، وأن يكون الإنسان قدوة ونموذجا للآخرين هو من أفضل وسائل الدعوة ولا شك في ذلك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

______________________________


انتهت إجابة د. محمد عبد العليم. استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان
تبدأ إجابة الشيخ / موافي عزب. مستشار الشؤون الأسرية والتربوية:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يجعلك من صالح المؤمنين، وأن يعيننا وإياك على ذكره وشكره وحسن عبادته، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل – فإنه إضافة إلى ما ذكره الأخ الاستشاري النفسي أتمنى أن تكثر من الدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يعافي الله من هذه الأمور، فإن الله تبارك وتعالى كما لا يخفى عليك أمرنا بالدعاء ووعدنا بالإجابة، وعليك كذلك أيضا أن تحاول فيما بينك وبين نفسك - إذا كنت وحدك أو إذا كنت في بيئة تألفها وقد اعتدت عليها كأسرتك المصغرة أو غيرها أو أصدقاء – أن تتكلم في قضايا وفي موضوعات كثيرة، حتى تكسر هذا الحاجز.

الحاجز النفسي - بارك الله فيك – يحتاج إلى نوع من المقاومة، وأعتقد أننا بهذه الطريقة كونك تتكلم في محافل صغيرة هذا - إن شاء الله تعالى – سوف يعينك بجوار الدواء الذي ذكره لك الأخ الدكتور محمد، إن شاء الله تعالى سوف تتحسن حالتك بإذن الله تعالى.

من الممكن أن تقرأ أيضا عن الخطباء وعن هؤلاء المعبرين الذين هزوا الدنيا بكلامهم، أيضا لعل ذلك أن يكون دافعا ومحفزا إلى ما لديك من الخير والفضل.

فيما يتعلق بالجانب الشرعي: كما ذكرت أنت أنك - الحمد لله تعالى – ملتزم، وأنك اتجهت إلى الله تبارك وتعالى، ولكن ترى أن عليك واجبات تجاه ربك سبحانه وتعالى وتجاه دينك في توجيه الناس، وأن هذا لن يحصل إلا بالبدء بنفسك وتقويمها، وتقول ما هي الأفكار التي أبدأ بها لإصلاح نفسي؟

أقول لك أولا – أخي الكريم – أنت تحتاج إلى تحديد مستوى، ومعنى تحديد المستوى أن تعرف ما الذي قرأته من كلام أهل العلم أو الكتب، والذي لم تقرأه، لأنك تعلم أن تعلم العلم يحتاج إلى تدرج في تلقي العلوم.

بعض الناس عندما لا يستشير أو عندما لا يستنير بآراء العلماء والمشايخ والدعاة فإنه قد يبدأ بكتاب كبير فيتعثر فيصاب نوع من الصدمة ويصرف عن القراءة تماما، ولذا أنصح أن تذهب لأحد الدعاة المربين الذين يعرف عنهم الموسوعية، ويعرف عنهم أيضا الاهتمام بقضايا التربية وقضايا الشباب، وتعرض عليه نفسك، والمستوى الذي أنت عليه هل ما زلت في بداية مراحل الطلب؟ هل سبق أن قرأت عدة كتب؟ ما هي الكتب التي قرأتها؟ وما هي الكتب التي لم تقرأها؟

أرى أنك في حاجة إلى موجه يأخذ بيدك ويضع لك قدما على أول الطريق الصحيح، حتى لا تصاب - كما ذكرت لك – بردة فعل بعد أن تبدأ، لأن الإخوة عادة عندما لا يستنير بالمشايخ والعلماء وأصحاب الخبرة يحدث أنهم يقرؤون كتبا كبيرة كالذي يبني بيتا على الماء، لأنه ليس عنده أساس، ولذلك يظل علمه قاصرا ومبتورا، وقد يكون كلامه ممجوج ومنبوذ؛ لأنه لا يتفق مع الواقع ولا يتناسب مع الفطرة.

أما لو أنك بدأت – بارك الله فيك – بعرض نفسك على أحد الإخوة المشايخ أو العلماء المربين الذين يعرفون الكتب ويطلعون عليها بانتظام، فإنه - بإذن الله تعالى – يستطيع أن يضع يدك على الشيء المناسب بالنسبة لمستواك، ومن هذا المستوى تنطلق - بإذن الله تعالى – لأنك تعلم أن العلم له مجالات متعددة متنوعة.

ويأتي على رأس طلب العلم العيني العلوم المتعلقة بذات الله تعالى – أقصد علوم العقيدة – فأنت في حاجة إلى أن تأخذ بنصيب من علم التوحيد ومعرفة رب العبيد، كذلك أيضا علم العبادة، وهذا فرض عين عليك، أن تتعلم أحكام العبادة خاصة ما يتعلق بالطهارة والصلاة، فهذه فروض عين تطلب كل يوم مرات ومرات ومرات.

كذلك أيضا تحتاج إلى أن تتعلم علوم المحرمات، حتى تعرف الحرام من الحلال، وما الذي حرمه الله تبارك وتعالى وما هو المحرم المتفق عليه والمختلف عليه، حتى لا تضيق على نفسك ولا تضيق على غيرك.

كذلك أيضا أنت في حاجة إلى تعلم شيء من علم الأخلاق، لأن بعض الناس يظن أن الأخلاق عادات، ولكن الأخلاق عندنا عبادة، ولذلك جعل الله تبارك وتعالى للصادقين جزاؤهم الجنة، وكذلك بر الوالدين، وصلة الأرحام وغيرها، فهذه فروض عينية بارك الله فيك، لذا أنصح بأن تتوجه إلى أحد المشايخ - كما ذكرت – الثقات المربين الذين يعرف عنهم سلامة المعتقد ومعرفة الواقع، ليبدأ معك خطوة خطوة، لا يلزم أن يشرح لك الكتب، وإنما على الأقل أن يحدد لك منهجا وأنت بما أتاك الله من علم وخبرة ومعرفة سوف تواصل المسيرة - بإذن الله تعالى - .

بعد أن تصل لهذا الحد وأن يتوفر لديك قدرا من العلم الشرعي تستطيع - بإذن الله تعالى – أن تكون على قدم راسخة وثابتة في التوجيه وفي الدعوة وفي النصح، إلا أن هذا ليس معناه أنك تتوقف عن النصح حتى تنتهي من هذه العلوم كلها، فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حسب الحالة، لا يلزم أن يكون الإنسان عالما بكل العلوم ولا ينبغي له أن يتوقف أيضا حتى يعلم العلوم، وإنما إذا وجد منكرا كرجل يترك الصلاة فهذا لا يحتاج إلى علم كبير، عندما تقول له (لماذا لا تصلي وقد فرض الله الصلاة؟) فإذا النهي عن المنكر أو الأمر بالمعروف حسب الحالة التي أمامي، فقد لا أكون في حاجة إلى كبير علم، فينبغي ألا أعطل هذه الفريضة الغائبة نتيجة أني أقول سوف أتعلم، لأني قد أموت قبل أن أحقق هدفي، وقد يحدث لي شيء يحول بيني وبين الأمر أو النهي.

فعليك بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا في الاجتهاد في ذلك، وحاول قدر الاستطاعة أن تستغل الجلسات القريبة منك في تقوية نفسك ودعم ذاتك، حتى يمن الله تبارك وتعالى عليك بتقوية ثقتك في نفسك لتكون أهلا للقيام بدور قيادي وريادي في خدمة الدعوة، سواء كان في مجال الدعوة بالشعر أو بالتوجيهات المباشرة كتلك التي يلقيها المشايخ والدعاة والخطباء وفي المحافل العلمية.

أسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقنا وإياك لكل خير، وأن يعننا وإياك على طاعته ورضاه، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات