السؤال
السلام عليكم..
أنا سيدة عمري 31 سنة، متزوجة وأم لطفلتين، التزمت منذ أن كنت في ( 18 ) من العمر -والحمد لله- رغم بعد بيئتي عن الدين، كنت سعيدة وأشعر بالقرب الشديد من ربي، أما بعد مضي أكثر من عشر سنوات على ذلك، ومع مسؤوليات الزواج، وتربية طفلتين، صرت لا أؤدي إلا الواجبات، ولم يعد لدي رصيد من قيام الليل والأوراد في القرآن والأذكار، وأريد أن أشعر بقربي من الله مجددا، فكيف ذلك؟ علما أن لدي فراغا، لكن لا أحسن تنظيم وقتي بوجود الأطفال، فلا تسير الأمور كما أريد دوما.
زوجي من أحسن الناس خلقا ودينا، لكنه أيضا بات لديه فتور في مسالة النوافل، وبسبب ظروف عمله الضاغطة أصبح مدخنا، وأنا خائفة عليه من مساوئ التدخين، ودوما أنصحه باللين، لكنه يستمر، مع علمه بضرر ذلك.
نحن نسعى لتحفيظ ابنتنا كتاب الله، لكننا لا زلنا في بداية المشوار، هي تحفظ حوالي (12) سورة قصيرة، وهي في الرابعة والنصف من عمرها، فكيف نستمر معها؟ علما أنها أحيانا تكون متحمسة وأحيانا تتململ، وأنا أستعمل معها أسلوب التحفيز والمكافأة، وأتركها على راحتها حين أجد منها تململا، وطفلتي الصغيرة عمرها (14) شهرا، ومتعلقة بالرضاعة، وقد استطعت منعها عن رضاعة الليل بجهد كبير، فكيف أتدرج في فطمها نهائيا؟
وشكرا، وجزاكم الله أحسن الجزاء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ غادة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات إسلام ويب، ونشكر لك حرصك على الارتقاء في سلم الإيمان بالإكثار من النوافل، وشعورك بالنقص والتقصير في هذا الجانب أمر حسن، وسيدفعك -بإذن الله تعالى- إلى الاجتهاد والزيادة بقدر الاستطاعة، لكننا نحذرك من أن يطغى عليك هذا الشعور حتى يصيبك بالإحباط أو اليأس، فإن الخوف ونقد الذات وما شاكلها من المعاني مطلوبة محبوبة، ما دامت تدفع إلى العمل والإنجاز.
أما إذا تسلط على الإنسان بحيث ييئسه من فضل الله ورحمته، أو يقعده عن العمل ويثبطه عنه، فهو من الشيطان، ينبغي دفعه عن النفس بكل وسيلة، والنوافل كما تعلمين -أختنا الكريمة– شرعها الله -تعالى- لرفعة الدرجات وزيادة المثوبات، كما شرعها -سبحانه وتعالى- لتكميل النقص الذي يكون في الفرائض، وهي أعظم باب يتقرب به العبد إلى الله -تعالى-، كما قال -سبحانه وتعالى- في الحديث القدسي الذي رواه البخاري: (وما تقرب إلي عبدي بأفضل مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه).
ومعلوم أن الإنسان يتردد حاله بين النشاط والفتور، والإقدام على الخير والرغبة فيه والإحجام في بعض الساعات والكسل عنها، فهذه أحوال تعتري الإنسان، ولذلك قال نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم-: (إن لكل عمل شرة ولكل شرة فترة، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى)، فإذا كان الإنسان في وقت فتوره وكسله، ينزل إلى حد الاعتناء بالفرائض والقيام بها على الوجه الذي أمره الله -تعالى- بها، فإنه لا يزال ماضيا وماشيا على السنة التي شرعها لنا رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-.
وفي بعض الأحيان يجد الإنسان من قلبه الرغبة والإقبال على الخير، فينبغي أن يغتنم تلك الساعات واللحظات فيكثر من النوافل والأعمال، ولذلك قال سلفنا الصالح ومنهم الإمام علي –رضي الله تعالى عنه-: (إن للقلوب إقبالا وإدبارا، فإذا أقبلت فخذوها بالنوافل، وإذا أدبرت فألزموها الفرائض)، فينبغي للإنسان أن يكون حذرا وقت كسله، وقلة رغبته في الخير، أن يكون حذرا من أن يقصر في فرائض الله -تعالى-، سواء فرائض الفعل –أي التي كلفنا الله بفعلها؛ كالصلاة والزكاة والصوم، وصلة الرحم وصدق الحديث وما شاكلها من الفرائض الفعلية –، أو الفرائض التي كلفنا الله -تعالى- فيها بالترك –أي باجتناب ما نهانا عنه وحرمه علينا–، فمن كان فتوره يسوقه إلى الاقتصار على هذا فهو لا يزال على الخير.
فأنت حاولي أن تتخذي من الأسباب ما يعينك على الاستزادة من النوافل، كالارتباط بالنساء الصالحات الطيبات اللاتي يذكرنك وقت الغفلة، ويساعدنك وقت العجز، وينشطنك وقت الكسل، فإن الصاحب من أعظم الأسباب التي تعين الإنسان على الإكثار من النوافل، كما قال الله -تعالى- في سورة طه، وهو يتحدث عن نبيه موسى -عليه السلام-، يقول: {واجعل لي وزيرا من أهلي*هارون أخي*اشدد به أزري*وأشركه في أمري*كي نسبحك كثيرا*وذكرك كثيرا}.
وحاولي أن تستمعي في بعض الأحيان إلى المواعظ التي تذكرك بالآخرة والجنان، وفضل الأعمال والثواب الذي أعده الله -تعالى- عليها، فإن هذا كله يدفعك إلى الاستزادة منها، وإذا شغلت بتربية أطفالك، فإنه لا ينبغي لك أن تنشغلي عن ذكر الله -تعالى-، فإنها عبادة سهلة الفعل كثيرة الأجر، فلا ينبغي أبدا أن تنشغلي عنها، وهي عبادة باللسان، فأكثري من التسبيح والتهليل والتحميد، ولا تستهيني بها، فإنها من أعظم الأعمال التي توصلك إلى الله -تعالى-، وتكسبك حبه، وقد جاءت الأحاديث الكثيرة في بيان الثواب الجزيل الذي رتبه الله -تعالى- على الأذكار، وإن كانت سهلة يسيرة، فداومي عليها بقدر الاستطاعة، واغتنمي من الكتب ما يعينك على تخير الأذكار؛ ككتاب (الوابل الصيب) لابن القيم –رحمه الله تعالى -.
نسأل الله -بأسمائه وصفاته- أن يأخذ بيدك إلى كل خير.
--------------------------------------------------------------
انتهت إجابة: الشيخ/ أحمد الفودعي -مستشار الشؤون الأسرية والتربوية-،
وتليها إجابة: د. رغدة عكاشة -استشارية أمراض النساء والولادة وأمراض العقم-.
لقد خطوت الخطوة الأولى بشكل صحيح؛ لأن الفطام يجب أن يتم بشكل تدريجي وليس بشكل مفاجئ، وكونك قد فطمت طفلك في فترة الليل، فعليك الآن التدرج في فطمها خلال النهار، وابدئي برضعة واحدة أولا، والأفضل أن تبدئي برضعة الظهيرة مثلا، ورتبي أمورك على أن تكوني متفرغة تماما لقضاء هذا الوقت مع طفلتك، فأغلب الأطفال يكون سبب تمسكهم بالرضاعة من الثدي في هذا العمر، هو شعورهم بأنها الطريقة الوحيدة التي يحظون من خلالها باهتمام الأم، وتفرغها التام لهم، فإن تم تعويضهم أو تخصيص أوقات أخرى، تتم خلالها مشاركتهم اللعب بطرق محببة لهم، فإنهم سيتقبلون فكرة الفطام بسهولة.
وأقترح عليك مثلا، اصطحاب طفلتك إلى غرفة الألعاب، أو إلى الحديقة، أو أي مكان محبب لها لتلهو فيه وشاركيها اللعب، ثم عندما تشعر بالجوع الشديد قدمي لها طعاما، أو كوبا من الحليب الصناعي بدلا من الرضعة من الثدي، فإن قبلت الطعام فهذا هو المطلوب، وإن رفضت وأصرت على الرضاعة من الثدي، فعاودي اللعب معها ثانية، وشتتي فكرة الرضاعة من ذهنها، فيزداد جوعها، ثم كرري المحاولة بعد عشر دقائق أو ربع ساعة، وهكذا إلى أن تقبل الطعام أو الحليب الصناعي، وهي غالبا ستفعل، لأنه وجودك بقربها ومشاركتها اللعب، سيجعلها تشعر بنوع من الطمأنينة والرضا، وهو ما تبحث عنه في مصها للثدي، وستصبح الأولوية في ذهنها هي استمرار اللهو واللعب معك، وستتناول أي طعام تقدمينه لها عندما يشتد جوعها.
وبعد أن تنجحي في فطامها عن رضعة الظهر، كرري الأمر نفسه مع رضعة العصر، وهكذا إلى أن يتم فطامها كاملا خلال النهار، وأهم خطوة هي أن تتحلي بالصبر، وأن لا تتراجعي بعد أن تنجحي معها في أول مرة.
نسأل الله -العلي القدير- أن يمن عليك وعلى طفلتك بثوب الصحة والعافية دائما.