تساؤلات كثيرة حول واقعنا مقارنة بتعاليم ديننا، أثارت حيرتي واضطرابي!!

0 497

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

لماذا الإسلام شيء والواقع شيء آخر، وما الفائدة من وجود تعليمات دينية لا يقوم أحد بتنفيذها؟ أم أنها غير قابلة للتنفيذ؟

على سبيل المثال: هل البنوك ربوية؟ الإجابة نعم؟
من منا لا يتعامل مع البنوك؟!

هل التأمينات حرام؟ الإجابة نعم.
جميع الشركات الكبيرة مؤمن عليها!

هل التشبه بالغرب غير جائز؟ الإجابة نعم.
كل المسلمين متشبهون بالغرب، إن لم يكن في الملبس ففي أسلوب الحياة من سيارات، وطائرات، ومكيفات، ومساكن وغيرها!

هل توجد عنصريه بين المسلمين؟ الإجابة نعم.
جميع الدول الإسلامية تتعامل مع المواطنين حسب جنسياتهم.

هل الاختلاط بين الرجال والنساء حرام؟ الإجابة نعم.
أغلبية الدول الإسلامية مختلطة!

هل صلاة الفجر واجبة؟ الإجابة نعم.
أغلبية المسلمين لا يصلون الفجر في وقتها!

هل الرجال وأغلبية النساء قد مارسوا العادة السرية قبل الزواج؟ الإجابة نعم.
والدليل على ذلك كثرة الأسئلة في هذا الموضوع في موقعكم الكريم، وذلك لأن معظم الشباب في البلاد الإسلامية لا يتزوج إلا بعد التخرج من الجامعة، والعمل لعدة سنوات في أحد المؤسسات حتى يكون نفسه ماديا، وفي هذه المرحلة يتحتم عليه ممارسة العادة السرية بسبب أن الجنس من الحاجات الفسيولوجية الأساسية مثل التنفس، الطعام، النوم كما ذكر ذلك ماسلو (عالم النفس الشهير)، وبعد كل هذه المخالفات يذهب ليتزوج من أحد بنات الناس على كتاب الله وسنة رسوله!

الرجل الذي لا ينجب يطلب منه الطبيب الاستمناء لتحليل السائل المنوي، أو لعملية الحقن المجهري! لا يستطيع الإنسان أن يعيش بمفرده بعيدا عن الواقع، بل يجب أن يكون متعاملا مع الواقع، وبالتالي سيقع في المحظورات، أو سيصبح مريضا نفسيا منعزلا عن العالم.

السؤال الذي يطرح نفسه: ما الفائدة من وجود تعليمات لا ينفذها أحد؟ ولماذا ندعي الإسلام للحصول على بعض الأغراض الشخصية مثل: الزواج: حيث أنه في فترة الزواج نجد الرجل الخاطب يصلي كل الصلوات في المساجد وخلافه، وبعد أن يتم الزواج نجده لا يصلي في المسجد.

شركات الحج والعمرة تستغل مواسم الحج والعمرة لأكل أموال الناس بالباطل، وغيرها الكثير الكثير....

كما أننا نلعن الغرب الكافر، وفي نفس الوقت نتمنى العيش في بلادهم، ونتفاخر بالعمل في شركاتهم، ونثمن أعمالهم، ومنتجاتهم، وشخصياتهم، ونكره بعضنا!

السؤال مرة أخرى: ما الفائدة من وجود تعليمات دينية غير قابلة للتنفيذ؟ ولماذا المجتمع الإسلامي مجتمع منافق (يقول شيء ويفعل شيئا آخر) كما قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون - كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون)؟

أرجو الإجابة الشافية، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ياسر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك أيها الأخ الحبيب في استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا.

ونأمل أن يكون التساؤل من باب الغيرة على تعاليم هذا الدين العظيم، الدين الحنيف الذي ارتضاه الله سبحانه وتعالى لنا دينا، فقد كمله وأحسنه وأتمه، وجعله أعظم نعمة أنعم بها علينا، فنرجو أن يكون التساؤل والباعث عليه هو الغيرة على عدم امتثال الناس بهذه التعاليم والعمل بها حتى يسعدوا في دنياهم وآخراهم.

نأمل ألا يكون الباعث على التساؤل هو الاعتراض على ما شرعه الله سبحانه وتعالى وحكم به، فهو أحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين، وهو العالم سبحانه وتعالى بما يصلح الخلق وما يفسدهم، فدلهم على ما فيه صلاحهم، وحذرهم مما فيه فسادهم وهلاكهم، وقد قال جل شأنه: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير}.

ما ذكرته كثير منه صحيح من أن كثيرا من المسلمين لا يطبقون الإسلام على الوجه الذي يريده الله تعالى منهم، ولكن هذا التعميم خطأ واضح بين، فإنك عممت هذا الحكم على جميع المسلمين، وليس لديك من الاستقراء وتتبع أحوالهم ما تستطيع أن تثبت به هذه الدعوى العريضة التي سودت بها كل هذه السطور، هذا الحكم مخالف أولا للمنهجية العلمية في الحكم على الواقع، فأنت لم تستقرأ الواقع كله وتتبع أحوال المسلمين فردا فردا حتى تحكم عليهم بما حكمت، فهذا فيه تجاوز واضح.

نحن ندعوك إلى كثير من التأمل والتريث قبل إصدار مثل هذه الأحكام العامة وظلم الأمة بمجموعها، ثم إنك أدخلت كثيرا من الأحكام في بعضها وخلطت مسائل عديدة يطول الحديث عنها، فهناك كثير مما ذكرته المسلمون مأمورون باجتنابه فعلا، أو المسلمون مأمورون بفعله، وهم مع ذلك كثير منهم لا يفعلون، ومن أمثلة مما ذكرت البنوك الربوية، فهي كثيرة في بلاد المسلمين، وكثير من المسلمين يتعامل معها، وانتقادك في هذا صحيح، ولكن يبقى كثير من المسلمين لا يتعاملون مع البنوك الربوية، فمن أين لك أن كل المسلمين يتعاملون معها، وكذلك الحال في التأمينات المحرمة كثير من المسلمين لا يتعاملون مع التأمينات المحرمة.

والتشبه بالغرب ليس المقصود به ما فهمته أنت من أن نتجنب كل ما لديهم، إنما التشبه المنهي عنه هو التشبه بهم في الأشياء التي هي من خصائصهم يتميزون بها عن غيرهم من البشر، بحيث أن من فعل فعلهم يظن من رآه أنه منهم، أما الأشياء المشتركة بينهم وبين غيرهم من الناس، ففعله لا يقال عنهم تشبه بهم، وهذا يبين لك أنك في كثير من الأحيان يقع الخلط لديك بسبب عدم فهمك الدقيق للمراد الشرعي، أو الحكم الشرعي على الواقعة.

وقوع كثير من الناس في العادة السرية من الرجال أو النساء أمر منهي عنه في الشرع، ولكنه لا يحرم عليهم الزواج بعد ذلك، فمن أين فهمت أن هذا تناقض كبير؟ وأنه لا يجوز للواحد أن يذهب فيتزوج بنات الناس على كتاب الله وسنة رسوله بعد أن يفعل ما يفعل؟

المهم – أيها الحبيب – إن هناك مسائل كثيرة بحاجة إلى إعادة النظر فيها، ولكن السؤال الرئيسي في كلامك هو: ما الفائدة من وجود تعليمات دينية غير قابلة للتنفيذ؟ وهذه الدعوى غير صحيحة بالإطلاق، فإن كل ما كلفنا الله تعالى به قابل للتنفيذ في الجملة يقدر عليه كثير من الناس، أما آحاد الناس فإذا عجز عن تكليف من التكاليف الشرعية، فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، فهناك استثناءات وهناك حالات الضرورة التي تسقط فيها بعض التكاليف، فالضرورات تبيح المحظورات كما تقرر عند فقهاء الإسلام، ونقاش هذا يطول جدا، ولذا فنصيحتنا لك أن تأخذ العلم عن أهله، وأن تكثر من مجالسة الصالحين والعلماء لتفهم ما يريده الدين منا، وما يرخص فيه ونحو ذلك.

أسأل الله بأسمائه وصفاته أن يأخذ بيدك لكل خير، ونسعد بتواصلك معنا، ونتمنى -إن شاء الله تعالى- أن نرى لك استشارات أخرى تبشرنا فيها بحسن أحوالك.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات