السؤال
السلام عليكم..
زوجي عقد علي ثم سافر، وحدث خلاف بيني وبينه، وكنت أنا المخطئة، واعتذرت في وقتها ولم يقبل اعتذاري، وقمت بالاعتذار كثيرا، مع العلم أنه ردا على خطئي قام بإهانتي لفظيا إهانة كبيرة جدا لم أتوقعها، وكررت اعتذاري كثيرا لأني أحبه كثيرا، وأحرص على عدم إغضابه، ولم يتقبل، حتى شعرت بالذل، وهو لم يعترف بأنه أخطأ في حقي وأهانني.
والآن أشعر بجرح كبير منه، فهو يتعامل معي بأسلوب جاف جدا منذ 4 أيام، ولا يتكلم معي إلا برسائل قليلة جدا، وأحيانا لا يرد على رسائلي، فهل علي إثم إن ضغطت على قلبي، وعاملته بنفس طريقته، وهي الجفاء حفاظا على جزء من كرامتي؟
أريد الحل الشرعي في مثل هذا الأمر، مع العلم أننا لا نحكم أحدا من أهلينا، ونحل خلافاتنا دون تدخل أحد.
وجزاكم الله كل الخير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ساجدة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك - ابنتنا الفاضلة - في الموقع، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يغفر ذنبنا وذنبك، وأن يعينك على الخير.
وقد أعجبني وأسعدني أنكم لا تدخلون أحدا في حل مشكلاتكم، وأرجو أن تستمروا على هذا النمط وعلى هذه الطريقة، فإذا أدخلتم أحدا فليكن هذا الموقع الاستشاري، لأن الخطأ الذي يقع فيه الشباب هو أنه يذهب إلى أهله أو إلى أهلها، أو تذهب هي إلى أهلها أو أهله، وفي كل الأحوال هذا يعتبر خطأ؛ لأن إدخال الأهل يعقد المشاكل ولا يحلها، ونحن في زمان قل أن يجد فيه الإنسان ناصحا، لكننا في هذا الموقع لسنا أخوالا لك، ولسنا أعماما للزوج، ولن نجامل أحدا منكم، ولكن سنحكم بما يرضي الله تبارك وتعالى.
هذه نقطة أولى أرجو أن تكون واضحة، وأتمنى أن تستمروا على هذا التميز وهذا الحرص، وعلى ألا تدخلوا أحدا ممن يعرفكم ممن حولكم في مثل هذه المشاكل، فإذا تدخل أحد فليكن موقع مستشار شرعي يتكلم معكم ليضع الأمور في وضعها الصحيح، ويقول للمخطئ أنت مخطئ، ويطلب من المخطئ أن يعتذر، وكل هذا وفق ضوابط وقواعد تحكمنا جميعا في هذه الشريعة وهي على رؤوس الجميع.
المسألة الثانية: أتمنى أن تستمري في الاعتذار، ونؤكد لك أن كرامة الزوجة في طاعتها لزوجها، وفي طاعتها قبل ذلك لله تبارك وتعالى، وما يسمى (كرامة) فهذا لفظ مطاط، يستخدمه بكل أسف الشيطان، ويملأ به النفوس من أجل أن يخرب هذه العلاقة، فأكثر من يحرص على خراب البيوت هو الشيطان، والشيطان هو الذي يدفع بهذا الاتجاه.
كرامتك في الاعتذار لزوجك، كرامتك في أن تأتي فتقولين: (لا أذوق غمضا حتى ترضى)، هذه هي الكرامة، وهذا فيه أيضا جانب نفسي، لأن الرجل يريد هذا الاعتذار، وليس معنى ذلك أنك تتنازلين عن حقك.
نحن دائما نقول اعتذري اليوم واعتذري غدا، فإذا رجع الرجل إلى صوابه، بعد ذلك تقولين: (بصراحة أنا خاطري مكسور من واحد اثنين ثلاثة)، وقتها يقبل رأسك ويعتذر، لأنك سرت على الطرق الصحيحة، وليكن هذا بعد الزواج، وبعد إكمال المراسيم، عندها تقولين: (أنا معجبة بك وأعجبني فيك، وأنا أحب – إلى آخره – ولكن الموقف الفلاني أثر في)، عند ذلك يعتذر لك بلطف، وتنتقين الكلمات، وتختارين الوقت، وتقدمين ذلك بثناء وكلام عن إيجابياته.
ونحذرك من أن تجاريه في هذا الجفاء، أو تجاريه في الرسائل القصيرة، كوني أنت دائما الأفضل، ونحن نريدك أن تكوني الأفضل، لأنك من تواصلت معنا، ونريد لك أن تدفعي بالتي هي أحسن، أن تقابلي إساءته بالإحسان، وتقصيره بالوصال، وقيامك بواجباتك الشرعية، ونذكرك بأن خير الأزواج عند الله خيرهم لصاحبه، وأن المرأة التي تصبر على زوجها وتطيعه وتحتمله تؤجر، إذا كانت الصلاة فيها أجر، والنوافل فيها أجر، ففي هذا أجر عظيم، لأنه واجب أيضا من واجبات هذه الشريعة التي شرفنا الله تبارك وتعالى بها.
فاستمري على هذا التميز، ولا تدخلوا أحدا في مشاكلكم، وواصلي الاعتذار لزوجك حتى يرضى، وقولي: (لا أذوق غمضا حتى ترضى)، فإذا رضي بعد ذلك وعادت الأمور إلى صوابها، عند ذلك طالبي بحقك، وبيني له أن هناك كلمات جارحة مؤثرة تألمت لها، وعندها سيقول: (أنا آسف، وما كنت أقصد)، وسيرضيك، فلذلك أتمنى أن تستمري في التواصل معه، وإن قصر وجفا، لأن الحياة الزوجية من طبيعتها أن تحصل مشاكل، ولو أنا في كل مشكلة نقف، ونعاند بعضنا، ونضخم المسألة، فإن الحياة بيننا لن تستمر، ولا يوجد بيت ليس فيه إشكالات أو خلافات، ولكن الفرق كيف تدار هذه الخلافات؟ كيف نحتويها؟ كيف نعطيها حجمها المناسب؟ كيف نحصرها في إطارها الزماني والمكاني؟
ولذلك أنت عاقلة، وهذا ما يدل عليه هذه الاستشارة، فتعوذي بالله من الشيطان الذي يريد أن يوقعك في الهاوية، وكرامتك في طاعتك للزوج، وكرامتنا قبل ذلك في طاعتنا لله تبارك وتعالى، فكوني أنت الأفضل، وكوني أنت الأحسن لتنالي الأجر والثواب عند الله تبارك وتعالى، واجعلي معاملتك الحسنة سببا في أن يعود هذا الرجل إلى صوابه، ويعتذر عن أخطائه، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.