نظرتي سوداوية للحياة رغم مؤهلاتي الكثيرة!

0 675

السؤال

السلام عليكم...

أنا فتاة عمري 24 سنة، تخرجت في الجامعة منذ سنة ونصف، ودرست الهندسة المعمارية -والحمد لله- كنت متفوقة جدا وموهوبة في تخصصي، أنا جميلة -الحمد لله- واجتماعية جدا، والجميع يحبني.

لكن مشكلتي بدأت عندما تخرجت في الجامعة، أصبحت أعاني من تغيير كبير في شخصيتي ونفسيتي لا أستطيع فهمه، لم أعد أستطع السيطرة على نفسي، أصبحت منعزلة بشكل لا يوصف، لا أطيق أن استمر في مكالمة أحد أو حتى أجيب على مكالمات أو رسائل صديقاتي وأصدقائي على الفيسبوك أو الجوال أو غيره، حتى لو كانوا أعز أصدقائي، أتجاهلهم تماما، ولا أعرف لماذا؟ أشعر دائما أنني متضايقة ودائما لدي مشاكل في العمل، أشعر بضعف التركيز بشكل غير طبيعي، خاصة أن عملي يتطلب الإبداع والتركيز، لكنني أشعر أن روحي انطفأت ولا أستطيع أن أركز في عملي أو أبدع أي شيء، ولا أرغب في ذلك.

مشكلتي عويصة جدا، فعندما يكون لدي مشروع ما، لا أستطيع أن أبدأ فيه مباشرة، أستغرق يومين أو ثلاثة حتى أستطيع التركيز فيه، وهذا يضعني في مشاكل كبيرة في عملي، ومع نفسي ويضيع وقتي، أجلس وحدي أغلب الوقت ولا أشعر بالرغبة في الرد على أحد، ولا أعرف ما بي، لا أشعر بالرغبة في العمل.

أنا خائفة جدا من تدمير مستقبلي، إذا ما استمر لدي عدم التركيز والخوف الداخلي من العمل، دائما لا شيء يعجبني، فقد غيرت الشركات التي أعمل فيها ثلاث مرات في أقل من سنة ونصف، وهذا غير طبيعي، لقد كنت طموحة جدا، والجميع يتأمل فيني خيرا، كنت أحب الرسم وأقرأ دائما، الآن يدي ترتجف قبل أن أبدأ برسم أي شيء، وأخاف وأمزق الورقة.

لا أعرف ما بي، أنا غير طبيعية، وقد تعبت من هذه الحالة، سنة ونصف لم أنجز شيئا في حياتي، ولم أرح نفسي، حتى لدي برود شديد جدا في المشاعر، كأنني جثة لا توجد فيها روح، أنا لا أشعر بشيء، لا أستطيع الراحة وأنا أشعر بالفشل، ماذا أفعل لكي يرجع الشغف لدي بالحياة؟ فأنا لم تعد تعني لي الدنيا بما فيها، ولا أجد فيها أية متعة، لم تعد لدي أية هوايات.

كنت أعشق الموضة والأزياء، الآن فقدت اهتماماتي ولا أشعر بأية متعة، حتى وأنا أرتدي أغلى الثياب، أشعر أنني لم أعد جميلة، حتى وجهي اختفى منه التألق والجمال، وحتى شعري مقصف وحالته متردية، وسمنت كثيرا لأنني لا أفعل شيئا إلا الأكل أو النوم حتى أرضي نفسي، فقد أصبحت فتاة كئيبة وسمينة، وخسرت جمالي وصحتي وتركيزي وشغفي بالحياة، وحياتي الاجتماعية والعملية والسبب مجهول، أريد الرجوع إلى نفسي القديمة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بيسان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى من الله الشافي الكافي المعافي أن يعافيك.

الأعراض التي ذكرتها تشابه أعراض اضطرابات المزاج، وبالتحديد أعراض اكتئابية، ولكن لا يمكن تشخيص ذلك بدقة إلا إذا علمت الظروف المحيطة بك والفترة الزمنية لهذه الأعراض، وأيضا معرفة عوامل أخرى مثل التاريخ الشخصي والأسري، وحتى طريقة جلستك ونبرات صوتك وطريق كلامك وغيرها من العوامل التي تساعد في التشخيص، لذلك الأفضل مقابلة المختصين في مجال الطب النفسي للتأكد من ذلك، والعلاج الدوائي ربما يفيدك ويكون أسرع في رجوعك إلى حالتك الأولى.

ولحين حدوث هذه المقابلة نوصيك بالإكثار من الاستغفار، فمن واظب عليه يجعل الله له من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا.

وحاولي تغيير نمط حياتك بقدر ماتستطيعين، فربما تكون هذه الحالة حالة عارضة ويمكن تجاوزها بممارسة نشاطات جسمية واجتماعية وعقلية معرفية.

وربما يكون هذا التغيير نتيجة لعدم توافق مع بيئة العمل، أو نتيجة احباطات متكررة في الفترة السابقة، أو فقدان لبعض الاهتمام الذي كنت تتمتعين به سابقا.

فرج الله همك وغمك.
-------------------------------------------------------------------------
انتهت إجابة: د. علي أحمد التهامي -استشاري نفسي إكلينيكي-
ويليها إجابة: الشيخ/ موافي عزب -مستشار الشؤون الأسرية والتربوية-.
-------------------------------------------------------------------------
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أختي الكريمة الفاضلة- فمما لا شك فيه أن هذه التغيرات لها أثرها الواضح والبين على شخصيتك، وهي تشكل خطورة على مستقبلك ولا شك، إذ أنه بعد هذه الحيوية وهذا النشاط وهذا التميز تطفئ هذه الشمعة مرة واحدة، فهذا أمر يدعو إلى الغرابة فعلا، وأتمنى أن تأخذي بنصيحة الأخ الاستشاري النفساني، لاحتمال أن يكون هناك شيء، إلا أنه قبل هذه الخطوة هناك خطوات أتمنى أن تقومي بها؛ لأنها لن تكلفك درهما ولا دينارا ولا أي شيء.

يبدو من رسالتك أنك لم تتكلمي عن الجانب الإيماني، وأنت تعلمين أن الله -تبارك وتعالى- قال: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب} فأعظم شحنة للتميز والتحفز ولحب الحياة وللإنجاز والإبداع إنما هي علاقة العبد بالله -تبارك وتعالى-، وأن يكون قلبه مطمئنا مستقرا، ولا توجد هناك وسيلة إلى اليوم تؤدي إلى الاستقرار النفسي والاطمئنان القلبي إلا الطاعة، ولذلك أتمنى بداية أن تعيدي النظر في موقفك من الله -تعالى- ومعه أيضا -جل جلاله سبحانه وتعالى-، لذا أنصح بالآتي:

أولا: المحافظة على الصلاة في أوقاتها، حتى وإن كنت متكاسلة، حتى وإن كان لديك قدر من الخمول وعدم الرغبة في الصلاة، صلي، وبإذن الله -تعالى- بالصلاة سيشرح الله صدرك وييسر الله أمرك.

كذلك حاولي ألا تجمعي الصلاة، وألا تهمليها، وحاولي كذلك أيضا ألا تصليها بأي طريقة، وإنما لا بد أن تكون فيها قدر كبير من الخشوع والاطمئنان حتى تشعري بحلاوتها.

كذلك المحافظة على أذكار ما بعد الصلوات، وأنصحك بالمحافظة على أذكار الصباح والمساء، لأن هذه الأذكار ستحفظك من كيد شياطين الإنس والجن من الصباح حتى المساء، ومن المساء حتى الصباح، وبذلك ستعيشين في عناية الله وحفظه ورعايته، وهذا أمر في غاية الأهمية.

أنصحك -بارك الله فيك- بالإكثار من الأعمال الصالحات، وكم أتمنى أن يكون لك ورد من القرآن الكريم يوميا، لأن هذه -بارك الله فيك- عبارة عن شحنات إيمانية ترفع معنوياتك إلى السحاب، الصحابة -رضي الله تعالى- عنهم كما تعلمين كانوا رعاة إبل وبقر وغنم ولم يكونوا شيئا مذكورا، كانوا عرب همل يعيشون في عمق الجزيرة لا يعلم عن أحد شيء، فما أن من الله -عز وجل- عليهم بالإسلام إلا أصبحوا شعلة من الإنجاز والطاقة والإبداع، وغيروا وجه التاريخ.

فأعظم عامل من عوامل مقاومة السلبية إنما هو التدين والطاعة، لذا أوصيك بالمحافظة – كما ذكرت لك – على الصلوات في أوقاتها، وأن تكون باطمئنان، كذلك أذكار ما بعد الصلوات، كذلك أذكار الصباح والمساء بانتظام، كذلك ورد من القرآن الكريم يوميا ولو بمعدل صفحة، إذا لم تستطيعي أن تقرئي أكثر من ذلك، كذلك الإكثار من الاستغفار، والصلاة على النبي محمد - صلى الله عليه وسلم – والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم.

كما أتمنى -بارك الله فيك- أن تقومي بعمل رقية شرعية، لأن الرقية الشرعية هي عبارة عن نوع من المقاومة الجبارة، التي توفرها الآيات والأحاديث في وجه المعتدين الظالمين من الشياطين وأعوانهم، ولذلك عليك بالرقية الشرعية، إن استطعت أن تقومي بذلك بنفسك فذلك حسن، وإن لم تستطيعي فلا مانع من الاستعانة بأحد الرقاة الشرعيين الثقات، وهم كثر في بلادنا العربية والإسلامية -ولله الحمد والمنة-، فعليك بالاستعانة بعد الله -تعالى- بأحد هؤلاء الرقاة ليقرأ عليك الرقية الشرعية، وهي مجموعة آيات من كلام الله -تعالى-، ومجموعة أحاديث من هدي النبي محمد - عليه الصلاة والسلام – إلا أنها ستغير حياتك بنسبة مائة بالمائة.

عليك بالدعاء والإلحاح على الله -تعالى- أن يفرج الله كربتك، وأن يقضي الله حاجتك.

مسألة المحافظة على الموضة والأزياء: هذا أمر يتعارض (حقيقة) مع الإسلام، لأن المرأة المسلمة لها حجاب شرعي معروف، فينبغي أن تحافظي عليه، لا مانع أن يكون غاليا، ولا مانع أن يكون رائعا، ولكن لا بد أن يكون شرعيا؛ لأنا أمرنا أن نلتزم الشرع في كل أمر من أمور حياتنا، لأن الله ما خلقنا إلا لأجل الدين ولن يكرمنا إلا بالدين.

أسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يشرح صدرك لكل خير، وأن يعيد إليك ما فقدته، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات