بعد انتقالي لبلاد الغربة للدراسة تغيرت أحوالي للأسوأ

0 377

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيرا على هذا الموقع، فهو بالنسبة لي مرجع في الفتاوى، سأختصر وأدخل في الموضوع.

أنا طالب جامعي مبتعث، وفي خلال دراستي في الثانوية كنت من المتفوقين، وكنت الأعلى في صفي، -والحمد لله- الآن أنا في في الجامعة أعجز عن التركيز في الحصص، ولا أستطيع الدراسة إطلاقا، أو أن أحل واجباتي، ولا أعرف السبب!

قد أخصص يوما للمراجعة والدراسة، ويمر اليوم كاملا بدون أن أفتح كتابا واحدا، ولا أعرف السبب! هل هذا الأمر نفسي، وخصوصا أني كنت في جامعة أخرى قبل هذه، وأخفقت مع بذلي لمجهود كبير جدا فيها، فأثر علي نفسيا أم أنه عين أو حسد؟

بدأت أسمع لبعض الرقى على اليوتيوب، وأشعر بحركة لا إرادية بسيطة جدا في رقبتي، وألم خفيف جدا لا يكاد يذكر في الرأس، ولا توجد أي أعراض أخرى، فهل أنا معيون أو محسود أم أنه شيء نفسي؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فيصل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على التواصل معنا من أمريكا، وأعانك الله على الغربة، والصعوبات التي أنت فيها.

قد أحسنت التعبير عما في نفسك، وبشكل مختصر وفي غاية الوضوح، وإنما يشير هذا لقدر غير قليل من التأمل والتفكير والمراجعة، وأنا لست خبيرا بالعين والحسد، إلا أني أستطيع تحليل الحال الذي أنت فيه من الناحية النفسية، فأقول:

أرجو أن تنتبه أنه من الطبيعي، وبعد فترة من السفر والغربة، وبعد المرحلة الأولى من نشوة السفر والوصول والبدايات الجديدة، تأتي مرحلة افتقاد البيت والأسرة والبلد والصداقات، فمن المتوقع أن تشعر ببعض الهبوط أو الاكتئاب، إلا أنها أيضا مرحلة عابرة، ويمكنك من بعدها الاستقرار على حالة وسط بين النشوة الأولى، وبين معيشة الواقع الجديد.

هنا يمكن أن تظهر كل المهارات والإمكانات وخبرات الحياة التي عندك، ومن الواضح من خلال تحليلك المترابط، ومن خلال فهمك لنفسك، يمكن أن تظهر هذه المهارات والخبرات لتأسيس الحياة التي تحب.

هناك احتمال كبير أن الكثير مما تعانيه له علاقة بالتأقلم مع هذا التغيير بالانتقال من بلدك إلى بلاد الغربة، فأنت أيضا تشعر بالتحدي من محاولة التكيف مع تغيير طبيعة الدراسة والانتقال ليس فقط من جامعة لأخرى، وإنما من بلد لآخر، مع كل ما يفرضه هذا عليك من تحديات وضغوط.

أضف لذلك ما يمكن أن يجعلك تشعر من ابتعادك عن أمك وأسرتك وأصدقائك، فكل ما ذكر يمكن أن يجعل أي إنسان يشعر ببعض الحزن أو التشاؤم أو الوحدة والغربة أو النظرة السوداوية.

إنه من المهم أن ترفق بنفسك ولا تلومها على أنك شعرت بهذه المشاعر، فهي لا تشير إلى ضعف في الشخصية أو الصفات الشخصية، وإنما هي ردة فعل إنسانية طبيعية لأحداث مزعجة ومؤلمة وغير طبيعية، وليس العكس.

حاول في البداية أن تتكيف مع هذه الأوضاع وهذه التنقلات، وذلك من خلال المحافظة على الصلاة وتلاوة القرآن، وبعض الأنشطة كالرياضة والهوايات التي تستمتع بها.

إن طالت المعاناة، ولم تشعر بالتحسن خلال فترة بسيطة أن لا تتردد في مراجعة طبيب قريب منك، ليقوم بالفحص العام، ليستبعد بعض الأعراض البدنية، ومن ثم يصل إلى التشخيص الدقيق، ومن بعدها ننصح بالخطوة التالية، وهي أن تعطي نفسك بعض الوقت من محاولة التأقلم مع الحياة في بلاد الغربة، وإن طالت المعاناة، ولم يتغير الكثير، أنصح بأن لا تطيل الانتظار كثيرا، وبأن تراجع أحد الاختصاصيين النفسيين، وخاصة إذا كنت غير راغب بأخذ الأدوية النفسية، فهناك بعض العلاجات النفسية المتوفرة، ومنها العلاج المعرفي، والذي يمكن أن يعينك كثيرا على تجاوز هذه المظاهر والأعراض التي تعاني منها، وكحل أخير أيضا يمكن أن تراجع طبيبا نفسيا، وبعد التشخيص الدقيق والمناسب أن يضع لك الخطة العلاجية، سواء كان العلاج النفسي لوحده أو مع أحد الأدوية النفسية والذي يمكن أن يسرع مرحلة التعافي.

لا تنس وأنت في الغربة أن تتواصل مع الجالية المسلمة، والتعرف على بعض الإخوة المسلمين في مدينتك، والمسلمين ما شاء الله متواجدون في معظم المدن الأمريكية الكبيرة، فهذا التعارف والتواصل يمكن أن يخفف عنك الكثير من صعوبات الغربة والابتعاد عن بلد المنشأ.

وفقك الله، وإن شاء الله نسمع أخبارك الطيبة.

مواد ذات صلة

الاستشارات