ابنتي تتحدث مع أشخاص غير مرئيين، فهل أرقيها أم آخذها لطبيب نفسي؟

0 581

السؤال

السلام عليكم

تتلخص مشكلتي مع ابنتي، حيث أنها تبلغ 11 عاما، وجدتها تحدث نفسها وتتكلم بطريقة غربية، فلما سألتها مع من تتحدثين؟ لم تخبرني بالأمر، حتى أصررت عليها، فقالت لي: بأنها تتحدث مع رجل، وقالت بأنها ترى أشياء تحدث لها وهي صغيرة، حيث سمعت الصوت لأول مرة في عمر السبع سنوات، وأنها كانت تشاهد أحيانا شعرها يقف، أو أن هناك من يلعب فيه، وعندما تستعيذ يسقط شعرها.

وللعلم فهي منذ أن كانت صغيرة شعرها طويل، وتحب العزلة، وتمكث في الحمام طويلا، وتبكي لأسباب تافهة، وتشعر بأن الجميع لا يرغب فيها لأنها قبيحة، ولأنها تلبس نظارة، مع أنها على قدر من الجمال، فأخذت أرقيها وأقرأ عليها سورة يوسف، فبدأت تبكي وتقول: أشعر بحرارة في جسدي، مع أن الجو بارد، فهل أرقي ابنتي أم آخذها إلى طبيب نفسي؟

وللعلم: فهناك شخص في العائلة مصاب بذهان اكتئابي، فهل هو مرض وراثي انتقل إلى ابنتي؟ وهل هناك أمل بعد الله بشفائها من المرض؟ وللعلم فأنا ووالدها منفصلان.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الفقيرة الى ربها حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله تعالى لابنتك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

قطعا -أيتها الفاضلة الكريمة- التغيرات النفسية والسلوكية والفكرية هي جزء من حياة اليافعين والأطفال خاصة في سن الطفولة المتأخرة، لكن إذا كانت هذه الأعراض جسيمة وواضحة للدرجة التي يشعر فيها الطفل بأفكار غريبة، أو تصدر منه سلوكيات كالتحدث بصورة ليست معهودة، وأن يشتكي الطفل بما يمكن أن نسميه بنوع من الهلاوس أو ما يشبه بالهلاوس الكاذبة، هنا أقول لك -أيتها الفاضلة الكريمة- الذهاب بالطفلة إلى الطبيب النفسي أمر ضروري وحتمي، وأرجو ألا يخيفك هذا الكلام ولا يزعجك، فالذي أقصده من هذه النصيحة هو أن الأبحاث النفسية العلمية الرصينة أشارت أن التدخل المبكر فيما يخص العلاج النفسي هو أفضل وسيلة للوقاية من الأمراض النفسية.

فاذهبي بابنتك الآن مباشرة إلى الطبيب النفسي، ويا حبذا لو كان المختص الذي ستذهبين إليه مختصا في الطب النفسي للأطفال واليافعين، وهم -الحمد لله تعالى- كثر في بلادك فاذهبي بها –حفظها الله– إلى الطبيب، وأنا أتوقع أن الأمر بسيط جدا، والطبيب سوف يقوم بفحصها بصورة دقيقة، ومن ثم يعطيكم التوجيه اللازم، وكذلك يصف لها العلاج الدوائي اللازم إن كانت هنالك حاجة لذلك.

معظم هذه الحالات تدخل تحت المراقبة، بمعنى أن الطفل يراجع الطبيب من وقت لآخر حتى تستقر الأمور على حالة واحدة، ومن ثم تسير الأمور -إن شاء الله تعالى– على خير.

بالنسبة للتاريخ المرضي لأمراض الذهان والاكتئاب، قطعا التاريخ العائلي نعتبره مهما، لكن لا نستطيع أن نقول: إن الأمراض النفسية هي أمراض وراثية، إنما هنالك نوع من الاستعداد الوراثي وليس أكثر من ذلك، لذا أعتقد أن الذهاب بابنتك إلى الطبيب أيضا أمر مهم، لأنه سوف يطمئنك أنت في المقام الأول، وكما ذكرت لك سلفا إذا كانت ابنتك بالفعل تعاني من أي شيء ذي أهمية نستطيع أن نعطيها فرصة التدخل العلاجي المبكر، وهذا قطعا سوف يؤدي -إن شاء الله تعالى– إلى شفائها ومعافاتها بإذن الحي القيوم الذي إذا مرضت فهو يشفين.

ارقي ابنتك الرقية الشرعية -أيتها الفاضلة الكريمة-، فالرقية الشرعية أمر عظيم ومطلوب، وكرري الرقية، ولا حد لها ولا عد لها، واسألي الله تعالى أن يشف ابنتك وأن يعافيها.

انفصال الوالدين يجب أن نتعايش معه، إلا أنه يكون له تبعات سلبية على الأطفال، إلا إذا كان الأب الذي -أو الأم التي- يقيم معه الطفل كان كيسا وحصيفا ومنصفا ومقتدرا من الناحية التربوية، هنا لا نرى أي مشكلة أبدا في ذلك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

******************************************
انتهت إجابة الدكتور: محمد عبد العليم، استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
وتليها إجابة الشيخ: موافي عزب، مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
******************************************

يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أختي الكريمة الفاضلة- فإنه مما لا شك في فيه أن هذه التصرفات التي تصدر عن ابنتك ليست تصرفات طبيعية، وأنها مما لا شك فيه تقتضي الانتباه واليقظة والحيطة أيضا؛ لأن هذه الحالة قد تتطور لتصل إلى ما هو أكبر وأشد من هذا، ولعله من توفيق الله تعالى أن ابنتك ما زالت في هذه السن التي -إن شاء الله تعالى- سيكون علاجها سهلا ميسورا، ولم تمكن هذه الحالة منها لمدة طويلة.

والذي أنصح به فعلا كما ذكرت فيما يتعلق بقضية الرقية، لأن الرقية هي أعظم حل لمثل هذه الأعراض التي وردت في رسالتك، مع ضرورة الاستفادة أيضا من أخي الاستشاري النفسي، ولكن أنصح بالتدرج، بمعنى أننا نبدأ بالرقية أولا، فإن قدر الله تبارك وتعالى وتم الشفاء فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وإذا لم تتحسن الحالة، فلا مانع من أن نذهب إلى أخصائي نفساني؛ لأن الرقية ليست علاجا يتناوله الإنسان، وليست دواء يشربه، ولا إبرا يحقن بها.

إذا: لنبدأ بالرقية، وهذا لا ينفي كما ذكرت أن تكون الحالة نفسية فتحتاج إلى أخصائي نفساني، إلا أن الأفضل أن نبدأ بالرقية الشرعية، وقد يكون الراقي الذي نستعين به غير موفق، فلا مانع من البحث عن راق ثان وثالث ورابع حتى يتيسر لنا الشفاء -بإذن الله تعالى-، لأن الرقاة شأنهم شأن الأطباء، قد يوفق طبيب لاكتشاف المرض وبالتالي تشخيصه تشخيصا دقيقا وصرف الدواء المناسب له، وقد لا يوفق الآخر.

لذا أرى -بارك الله فيك- البحث عن راق ثقة من ذوي العقيدة الصحيحة والخبرة الطويلة، وأن يستمر معها حتى تتضح الرؤيا، وحتى نستطيع أن نحدد ما تعاني منه البنت بدقة -بإذن الله تعالى-، فإن كان من عالم الجن فإنه مما لا شك فيه سوف ينتهي نهائيا، على أن يقوم الراقي بعمل تحصينات ما بعد الرقية حتى نضمن عدم عودة الأمر إلى ما كان عليه مرة أخرى، وهذا سهلا ميسورا.

أما إن استمرت الحالة على ما هي عليه رغم أنك قد قمت بتغيير الرقاة، فأرى في تلك الحالة أن تتوجهي إلى العلاج النفسي، وأنت تستطيعين أن تقومي برقية ابنتك بنفسك إذا كان لديك القوة والجلد، ومما لا شك فيه أن انفصالك عن والدها لعله ألقى بظلاله على نفسيتها، إلا أن هذا لا يلزم، فقد يكون قد حدث هذا، ولذلك أوصيك بالاعتدال في التربية وحسن المعاملة، وعدم التركيز على سلبيات والدها، وإنما إن تم ذكره فليذكر بخير، ما دام الأمر قد انتهى وكل قد ذهب إلى حال سبيله، فلا يوجد هناك داعي أن نشوه صورة الأب أمام الأبناء، لأن ذلك قد يؤثر في نفسيتهم، ويضعف من معنوياتهم.

وأنصح بالاستماع إلى شريط الرقية الشرعية للشيخ محمد جبريل –المقرئ المصري–، لأنها من أقوى الأشرطة التي تحوي الرقية الشرعية، ولها تأثير قوي جدا على مثل هذه الحالات، وهو يباع في المكتبات الإسلامية، فإذا لم يتيسر فمن الممكن أن تجديها على الإنترنت، لو كتبت (الرقية الشرعية الصوتية للشيخ محمد جبريل) وسوف تظهر أمامك، وتستطيعين أن تقومي بتشغيلها في البيت على مدار الساعة، لأنه سوف تستفيد منها ابنتك وسوف تستفيدين أنت منها، ويستفيد كل من في البيت.

عليك أيضا بالدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يشفي الله ابنتك، وأن يصرف عنها كل سوء، كما أوصيها بأن تكون دائما على طهارة، وألا تنام إلا على وضوء، مع أذكار النوم، وكذلك المحافظة على أذكار الصباح والمساء.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات