السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
أختي عمرها 22، دخل عليها أخي الأكبر في غرفتها بغتة، ووجدها تحادث شابا في الجوال، صفعها على وجهها وأخذ جميع أجهزتها، إلا اللابتوب رفضت أن تعطيه إياه، وناقشها وأفحمها في هذا الأمر.
واكتشف أن لها فترة طويلة وهي على علاقة معه، وأرسلت بعض الصور له، واتضح أن والدي كشفها سابقا وأخذ الجوال منها وتركت الشاب، ثم عادت -بعد عدة أشهر- إلى المحادثة والعلاقة عن طريق المواقع الاجتماعية.
المشكلة الأولى: أن والدي مريض قلب ولا يتحمل الضغوط، وأخي عصبي جدا، ويتعامل مع المواضيع بحدة وقمع وحرمان، ولديه حدة شديدة في التعاطي مع الأمر، فقد كاد أن يقتلها، ويبحث عن الشاب ويقتله، وهو يغار ويغضب جدا لمحارمه وأنا لا ألومه، لكن تعامله مع أخواتي ومع حل المشكلات قد يولد العناد عند أخواتي ويراوغن ويفعلن ما يردنه في الخفاء.
والدتي لا تعيش مع أخواتي (منفصلة)، المهم أنا الأخت الكبرى، وأشعر أني تقع علي مسؤولية كبرى في حل المشكلة، أخي الأكبر سينهار، وأختي ستنهار، وأود الحفاظ عليهما جميعا، لا أعلم كيف أتصرف معها؟
أنا مصدومة منها؛ حيث إني أحبها كثيرا، وهي محبوبة من الناس، وتخاف الله، فكثيرا ما تحافظ على صلواتها وقراءة القرآن، وهي مسؤولة عن أخواتي الأصغر منها، والقائمة على مسؤولياتهم؛ حيث أني الكبرى ومتزوجة، ووالدتي غير موجودة.
لا أعلم هل أواجهها؟ علما بأنها لم تحدثني، ولم تقل لي أي شيء، وكأن الأمر يدور بينها وبين أخي الأكبر فقط، وأخشى أن تبرر فعلها بتعلقها العاطفي، لوجود حاجة نفسية وفراغ عاطفي عندها، وحبها ووصولها إلى مرحلة عدم الانفكاك عنه، وهنا كيف أرد عليها؟
النصيحة العاجلة، جزيت خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاتن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك هذا الحرص، ونتمنى أن تسارعي بمفاتحة هذه الأخت ومصارحتها والثناء على إيجابياتها، وإذا كانت ولله الحمد ممن يحافظ على الصلاة ويقرأ كتاب الله تبارك وتعالى؛ فإن المعالجة معها لن تكون صعبة، حاولي أن تقتربي منها، وتدخلي إلى حياتها، وأن تؤمنيها حتى تحدثك ما في نفسها.
وخذي زمام المبادرة من هذا الأخ، ثم اطلبي من الأخ أن يحضر إليك، وحاوريه، وناقشيه في منتهى الهدوء، فكلنا يريد أن يصل إلى النتيجة الطيبة، لكن العنف والشدة والقسوة لا تزيد الأمور إلا تعقيدا، وهذا زمان يصعب فيه السيطرة على الأولاد أو على البنات، ولذلك لا بد من إقناع، ولا بد من حوار، والفتاة في هذه السن تحتاج إلى من يحاورها، إلى من يقبلها، إلى من يتقبلها، إلى من يقنعها، إلى من يستمع إليها، إلى من يثني على ما عندها من إيجابيات، إلى من يقول لها بلطف: (هذه الفعال لا تشبهك، أنت بنت الكرام، أنت الحافظة لكتاب الله، هذا ذئب يراوغ، إذا أراد فعليه أن يأتي البيوت من أبوابها، لو كان فيه خير لما جاءك في الخفاء، ولطرق الباب، وقابل أهلك الأحباب).
ثم يبين لها أن في الشباب ذئابا، بينوا لها ذلك، وأنها ينبغي أن تراعي مصلحتها وشرفها وسمعتها، وأن الفتاة ما ينبغي أن تعبث بمثل هذه الأمور، ثم استمعي إلى ما عندها، وهذا مهم جدا، ونتمنى أن تجلسي معها ثم تكتبي إلينا، نتمنى أن تحاوريها بهذا الهدوء، تثني على إيجابياتها، تعلني إعجابك بالدور الذي تقوم به، تهتمي بها أكثر وتقتربي منها أكثر، تحاوريها وتناقشيها، وتكلميها حول مخاطر مثل هذه الأمور.
وطالما كانت تقرأ لا مانع من أن تأتي لها بأشرطة أو سيديهات تتكلم عن الموضوع، أو كتب تتناول الضحايا الذين ضاعوا في هذا السبيل، ثم تبيني لها أن الكلام المعسول يجيده كل أحد، وأن الفتاة لا ينبغي أن تغامر في مثل هذه الأمور، وأن الفتاة كالثوب الأبيض، والبياض لا يحتمل الدنس، وحدثيها أيضا عن صحة الوالدة والوالد وضرورة معاناة هذا الجانب، حتى لا نفجع ويندم الإنسان بعد ذلك إذا تأثر الوالد أو تأثرت الوالدة حتى وهي على البعد بهذا الذي يحدث.
والأخ نتمنى أيضا أن يتواصل معنا، شجعيه على أن يتواصل معنا، حتى نعرفه على الأسلوب الصحيح في التعامل مع مثل هذه الحالات، وقد يكون أيضا الأخ بعده عن أخواته أيضا سبب من هذه الأسباب، فعليه أن يحتفي بأخواته، وأن يهتم بهن، وأن يوفر لهن ما يحتجن إليه من عطف واهتمام ورعاية، فهن في مقام الأم، وهو كذلك بالنسبة لهن في مقام الأب.
عليه أن يرعى هذه الجوانب، وباستماعك لها ومحاورتك لها وقربك منها ستكتشفين الكثير، وهذا ما سنبني عليه في رحلة العلاج، فنتمنى أن تديري معها هذا الحوار الحميمي الهام، ثم تكتبي إلينا بالنتائج التي توصلتم إليها، ودعيها أن تقول كل ما في نفسها، ثم بعد ذلك نناقش المسألة بعد أن ننظر إلى زواياها، والجوانب الخفية منها.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، ونشكر لك هذا الحرص على التواصل وطلب المساعدة والمشورة، ولن يندم من يستشير إخوانه، من يستشير المختصين، وشرف لنا في هذا الموقع أن نكون في خدمة أمثالكم من الطيبين والطيبات، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.