الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد لبس النقاب وأهلي يمنعونني، ما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم

أنا يتيمة الأب والأم منذ أن كنت رضيعة، وقبل أن يتزوج أبي بأمي، كان متزوجًا بامرأة أخرى، وأنجب منها أربع بنات واثنين من الأبناء، ثم توفيت أمهم، وبعد ذلك تزوج أمي، وأنجب منها ابناً وبنتًا، وأنا بنته الثالثة، ثم توفي هو وأمي، منذ وفاة والديّ لم أذق يومًا جميلًا، وعانيتُ كثيرًا، وتعرضتُ للظلم من إخوتي، وحرموني من التواصل مع عائلتي -أخوالي، خالاتي، وجدتي من جهة أمي- وعندما حصلتُ على مبلغ مالي -إرث من والدتي-، أخذوه مني بالكامل، ولم يعطوني منه شيئًا، بحجة أنني ما زلتُ صغيرة، رغم أنني الآن أبلغ من العمر 20 عامًا.

أريد الالتزام بديني واتباع سنة الرسول ﷺ، لكن إخوتي يعارضونني بشدة، لأنهم من أنصار حرية المرأة، ويحاربون طريقة تفكيري.

عندما أعبّر عن رغبتي في التدين، يقولون لي كلامًا غير لائق، ويسخرون مني، وأمي كانت متدينة ومنتقبة، والآن أريد أن أرتدي اللباس الشرعي والنقاب، لكنهم يمنعونني تمامًا، يقولون لي: نحن نرتدي البناطيل، فكيف ترتدين هذا اللباس؟ الناس سيضحكون علينا!

حاولتُ إقناعهم مرارًا، لكن لا حياة لمن تنادي، قالوا لي بوضوح: لن نعطيكِ قرشاً واحداً لشراء اللباس الشرعي، ولن نصطحبكِ لشرائه أبدًا، وسنحرمكِ من كل شيء!

هل آثم بسبب عدم قدرتي على ارتداء اللباس الشرعي، أم أن إخوتي هم الذين يأثمون بمنعي من ذلك؟ علماً بأني أبكي كل يوم بسبب هذا الظلم، وأصلي قيام الليل، وأدعو الله يوميًا أن ييسر لي ارتداء اللباس الشرعي، أرجوكم أفيدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رحمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - ابنتنا الفاضلة - في الموقع، وشُكرًا على هذا الحرص، ورحم الله الوالدة، ورحم الله الوالد، وأعانك على الصبر، ونسأل الله أن يهدي إخوانك والأخوات إلى أحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.

نتمنّى أن يأتي مَن يُنقذك ويُخرجك من هذا الوضع، واستمري في الحرص على الصلاة والطاعة، وتعلُّم العلوم الشرعية، وحاولي أن تُغيّري طريقة التعامل معهم، ونتمنّى أن تجدي مَن حولك من الدّاعيات الفاضلات، والخالات والعمّات، مَن يمكن أن تتبنّى وجهة نظرك وتكون إلى جوارك، وأعتقد أنه إذا منعوك من الأهل وأنت صغيرة، فقد يصعب عليهم منعك من التواصل معهم الآن، واستمري على ما أنت عليه، والإثم عليهم، والعظيم الكريم الرحيم العدل يقول: (لا يُكلِّف الله نفسًا إلَّا وسعها).

عليك أن تجتهدي في التستّر، وفي الصلاة وفي السجود والالتزام بقدر طاقتك، وما كان فوق الطاقة، وما كانوا هم سبباً فيه فالإثم عليهم، والله سيُسائلهم، ولذلك ننصحك أيضًا بأن تنفردي بأعقل أخواتك، وتحاولي أن تحاوريها، وتُذكّريها بالله تبارك وتعالى، يعني: لعلّك تجدين مَن يُناصرك.

بلا شك الوضع صعب، لكن أنت من بين إخوانك وأخواتك ستجدين مَن به بذرة من الخير، حاولي أن تقتربي منه، حاولي أن تكسري تواطأهم وتعاونهم على الإثم والعدوان، بأن تُبرزي لهم أهمية أن تلتزم الفتاة، وأهمية أن تُترك في اتخاذ قرارها، ونتمنّى ألَّا يكون لذلك مردود نفسي، طالما أنت -ولله الحمد- تُصلين وتقومين الليل وتدعين، فاستمري في الدعاء وفي الصلاة، وفيما تستطيعينه (لا يُكلِّف الله نفسًا إلَّا وسعها) (فاتقوا الله ما استطعتم).

أنت على خير، ونحن سعداء بهذه الرغبة في الخير، ونبشرك بأن مصيرك إلى الخير (ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورًا)، (إن هذا كان لكم جزاءً وكان سعيكم مشكورًا).

نسأل الله أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً