لدي خوفٌ من الأماكن المظلمة والأشخاص وأغضب بسرعة!

0 307

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة في العشرين من عمري، أشعر كثيرا بأنني مصابة بمرض نفسي، مما يفقدني صوابي فأبكي بشدة، فأنا أخاف من الأماكن المظلمة أو المغلقة أو المرتفعة، وسريعة الغضب، وأفقد أعصابي عندما أغضب، وأبدأ بالبكاء والصراخ، وربما أضرب وجهي بقوة لتفريغ الغضب.

أمارس العادة السرية منذ أكثر من 14 عاما، ولم أستطع تركها، فأنا أجد بها الوسيلة الوحيدة للتقليل من الحزن والغضب، رغم علمي التام بأنها تزيد من الاكتئاب والحزن، فأشعر بأنني إنسانة سيئة عديمة الأخلاق.

أخاف من فكرة الموت، ولا أستطيع استعيابها، فأضطرب وأتوتر عند معرفتي بموت أحد الأشخاص الذين ربما أكون قد رأيتهم ولو لمرة واحدة في حياتي، وأشعر بالحزن الشديد وأبكي.

أخاف عندما يقترب مني بعض الأشخاص، وأشعر بأنهم يخترقونني، وأحيانا أنظر للمستقبل نظرة سوداء، فأرى أنني لو تزوجت سأكون عاقرا ولن أنجب، أو أنني سأكون تعيسة، وزوجي سيتزوج من أخرى!

وأشعر في كثير من الأحيان أنني بحاجة إلى شخص ما يحتضنني بقوة ويربت على كتفي بطريقة هادئة كالأطفال، حتى أستطيع النوم أو أشعر بالأمان، ففي بعض الأحيان أشعر بأنني ما زلت طفلة بعمر 3 سنوات.

مررت في الماضي بظروف صعبة أتذكرها عندما أكون وحدي، وأشعر بالحزن الشديد والاضطراب، وأبدأ بالبكاء بشدة، فقد تعرضت للتحرش الجنسي مرتين في الطفولة، مرة عندما كنت صغيرة جدا، ولا أذكر تفاصيلها جيدا، ومرة عندما كنت في 11 من عمري، ورأيت في طفولتي العديد من حالات القتل أمامي، ولا تؤذيني الصور التي أتذكرها لمشاهد القتل بقدر ما تؤذيني الأصوات التي أذكرها من أصوات الصراخ أو الاستغاثة، فعندما أتذكرها أشعر بالعجز والانهيار.

تعرضت للحبس في مكان مغلق ضيق في طفولتي، كنت أسمع وأنا صغيرة أصواتا لأشخاص في داخلي يكلمونني، أو أشخاص ينادونني باسمي، ورأيت مرة يدا تمتد لي من النافذة، ولكنني لم أعد أسمع هذه الأصوات، ولكنني أخاف كثيرا من عودتها.

لم أكن سابقا أشعر بأنني مريضة، ولكن بعض الأشخاص قالوا لي ذلك، فأصبحت فكرة المرض تطاردني بشدة وتبكيني، علما بأنني لا أستطيع زيارة طبيب نفسي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عائشة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله تعالى لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

أنت محتقنة وجدانيا، لذا تحسين بسرعة الغضب والتوتر والميل للبكاء والصراخ، والتعبير جسديا وانفعاليا عن مشاعرك دون أن يكون عندك المنافذ والمحابس التي تفتح من أجل التعبير النفسي اللفظي الوجداني الصحيح، وهذا يجعلني أن أبدأ بنصحك علاجيا، وهو:
أن تفرغي عما بذاتك، وذلك من خلال التعبير عن نفسك، عبري عن ذاتك أولا بأول، واعرفي أيتها -الفاضلة الكريمة- أن كل من تغضبين في وجهه سوف يبني عنك صورة سلبية جدا، وبما أنك لا تقبلين أن يتوتر أمامك أحد، أو أن يغضب عليك أحد، فيكف تقبلين ذلك للآخرين؟!

التواصل الاجتماعي والذكاء الوجداني هو من أهم ما هو مطلوب في زماننا هذا، والذكاء العاطفي هو الوسيلة الوحيدة التي تعلمنا كيف ندرك ذواتنا، ونتعامل معها إيجابيا، وكيف نفهم مشاعر الآخرين ونتعامل معها إيجابيا، وهذه قواعد سلوكية لا بد أن تأخذين بها، وأعتقد أن علاقتك سوف تتحسن كثيرا بالآخرين.

نصيحة مهمة جدا، وهي: بر الوالدين والرفق بهما، فبر الوالدين يزيل الغضب، ويبسط النفس، ويريحها، ويزيل الضجر، وهذا الكلام نحن الآن نبحث فيه علميا، ولدينا مؤشرات قوية جدا أن بر الوالدين سيكون علاجا نفسيا عظيما لمن يقتفي هذا الأثر لمن يؤمن بذلك ويطبق، ولم لا وهو من شرعنا الحنيف، ومن أمر ربنا القدير ونبينا الكريم؟! فاحرصي على ذلك.

بالنسبة لموضوع العادة السرية: لا شك أنها قبيحة، وقبيحة جدا في حق فتاة مثلك من فتيات الإسلام، فهذا تمزيق للذات، وعقوبة لها، فافهمي الأمور على هذا السياق.

أنت ذكرت بأنك تشعرين بأنك إنسانة سيئة عديمة الأخلاق، وأنا أقول لك إنك إنسانة ممتازة، وإنسانة فاضلة، ولكن بعض أفعالك خاطئة، فرقي ما بين نفسك وشخصيتك كإنسان وما بين أفعالك، لأن تغيير الأفعال سهل وليس بالصعب، أما تغيير الشخصية فهو شبه مستحيل، وتغيير أفعالك سوف يعود عليك بإيجابيات كثيرة.

انظري للحياة بتفاؤل، ما حدث لك من تحرشات ومشاكل تعرض لها الكثير من الأطفال، أنا لا أقلل من أهميتها، ولكن لا أراها سببا يعتمد عليه الإنسان من أجل أن ينطلق بحياته، فهذه تجارب والتجارب لا تكرر، خاصة إذا كانت مثل هذه النوعية، وأنت الآن لديك الإدراك التام، المهم هو أن تتوقفي عن العادة السرية، وأن تتخذي القرار الصحيح.

عليك بالصحبة الطيبة، وعليك بالاجتهاد في الدراسة، وتوزيع وقتك بصورة صحيحة، وأعتقد أن تناول أحد الأدوية المحسنة للمزاج سيكون أمرا جيدا ومفيدا، وعقار فافرين -هذا اسمه التجاري، ويعرف علميا باسم فلوفكسمين- من الأدوية الطيبة والفاعلة، إن استطعت أن تذهبي إلى طبيب نفسي ليقدم لك المزيد من الإرشاد، ويصف لك الدواء، فهذا أمر جيد، والجرعة في حالتك بسيطة جدا، وهي خمسون مليجراما كجرعة يبدأ بها، تتناولينها ليلا بعد الأكل لمدة أسبوعين، بعد ذلك تجعليها مائة مليجرام ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضينها إلى خمسين مليجراما ليلا لمدة أسبوعين، ثم خمسين مليجراما يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقفي عن تناول الدواء.

أنا متفائل جدا ومصر على أنك إنسانة ممتازة، ومن هنا نستطيع أن نقول: ما دام الجوهر سليما -إن شاء الله تعالى- فالجزئيات والفروع تكون أيضا قويمة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.

مواد ذات صلة

الاستشارات