كيف أنصح صديقتي بترك عملها المختلط؟

0 428

السؤال

السلام عليكم إخوتي وأخواتي في الله.

أتمنى أن تتسع لي صدوركم لإرشادي في مسألة تتعلق بإحدى أخواتي في الله، حيث تقول إنها في مرحلة المراهقة كانت تسرق من والديها المال لشراء الكماليات والروايات المحرمة، واستمرت كذلك حتى تخرجت مهندسة مدنية، وبدأت في العمل في اختصاصها، منذ ذلك حين توقفت عن السرقة وانتقلت إلى مدينة تبعد عن أهلها 500 كيلومتر، اعتمدت على نفسها ماليا.

كانت تواجه بعض الصعوبات في عملها، ولكن ذلك حال كل الناس في هذه الدنيا، ولكن سبحان الله قد شاء الله تعالى أن تهتم هذه الأخت أكثر بشؤون دينها، وتسعى إلى مرضاته قدر ما تستطيع، ومن خلال بحثها انتهت إلى بعض الآراء التي ترى بعدم جواز عمل المرأة مهندسة مدنية، بسبب أن العمل يتماشى أكثر مع طبيعة الرجل، وبسبب الاختلاط.

اقتنعت الأخت بهذا الرأي، ولكن حتى لا تعود إلى منزل أهلها صفر اليدين قررت مواصلة عملها مدة عامين كي تصرف من أجرها ما يمكنها من تعلم مهنة الخياطة التي ستكون لها مورد رزق في حال امتنع أهلها عن الإنفاق عليها بسبب قرارها ترك العمل، أو أنها احتاجت أكثر مما يمكنهم إعطاؤها.

وفعلت ذلك، ولكنها في نفس الوقت تعاني عذابا داخليا؛ لأنها لا تطبق ما تعلم أنه الحق، ولأنها تعتقد في نفسها ضعف العقيدة لعدم توكلها على الله والاستقالة من العمل بمجرد معرفتها بحكمه.

تقول الأخت أنها تزداد كل يوم يقينا بضرورة الاستقالة من خلال ما يحصل لها في العمل من مشاكل، ومن خلال ما تسمع وتقرأ من ذلك أن الله هو الرزاق والمعطي، وهو الغني، وأنه من ترك أمرا لوجه الله أغناه الله من فضله.

وأخيرا قررت الاستقالة وأخبرت عائلتها بذلك، ولم تجد منهم تفهما لموقفها، بل يبدو أنهم لم يأخذوا ذلك على محمل الجد، وظنوها ستتراجع عن ذلك، أنا في حيرة من أمري إذا نصحت الأخت بالاستقالة فورا قد يكون ذلك تواكلا لا توكلا فهي لم توفق إلى الادخار من عملها شيئا من النقود، وليس لها مهنة أخرى تصرف منها حتى تدرس العلوم الشرعية، وتحفظ القرآن الكريم، وتشتري من الكتب التي تحتوي على ما لا يسع المسلم جهله من أمور الدين.

إن استقالت بدون موافقة أهلها فلن يصرفوا عليها إلا المأكل والمشرب وقد لا يأتي أحد من محارمها ليصحبها في سفر العودة إلى البيت، أنا نصحتها بالانتظار حتى تنهي دراسة الخياطة، أخاف أن تقع في أحد شراك الشيطان، وهو طول الأمل، فالله تعالى وحده أعلم بأجل الانسان كما أني أخشى أن يكون قرارها متأثرا بمشاكلها في العمل، وليس نتيجة رغبة حقيقية في طاعة الله سبحانه وتعالى، فرجاء أعينوني على نصيحة هذه الأخت بارك الله فيكم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاتن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك ابنتنا الفاضلة، ونشكر لك الاهتمام والاغتمام لأمر هذه الصديقة التي هداها الله بعد غفلة، ونسأل الله لها التوفيق والسداد والثبات، ونحب أن نؤكد لك أن المرأة لعملها شروط وضوابط، وهناك أعمال تناسب المرأة، ولكننا نؤكد أن المرأة العاملة المحتشمة المؤدبة الملتزمة بأحكام الشرع يحترمها الجميع، لذلك المهم هو الخطوة الأولى أن تبدأ في الالتزام الكامل، والحجاب الكامل، وأن تجعل علاقتها بالرجال – إن وجدوا – محدودة جدا، وفي حدود العمل.

وينبغي أن يعلم الجميع أن جميع الناس كل الناس يحترمون المحجبة ويفسحون لها الطريق، ويقدموها على غيرها، لا يمكن أن يتجرأ عليها إنسان، ولذلك قال الله في تشريع الحجاب: {ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين} يعرفن بأنهن العفيفات، يعرفن بأنهن الطاهرات، يعرفن بأنهن الخيرات، وتظل بعد ذلك مكان الاحترام.

وهذه قصة فتاة يهودية مرت على مجموعة من الشباب فاعترضوها وتحرشوا بها، جاءت في اليوم الثاني، وقد حلقت شعرها كحلاقة الشباب – يعني لم تترك شعرة – فسخروا منها وتحرشوا بها، فجاءت في اليوم الثالث بحجابها ونقابها الكامل فأفسحوا لها الطريق، فدخلت في دين الله تبارك وتعالى.

لذلك نحن نريد أن نقول: قطعا هذه الأعمال فيها أعمال لا تليق بالمرأة، وفيها أعمال يمكن أن تليق، كأعمال مكتبية، ورسم خرائط وإعدادها، أو إشراف على بعض الأشياء، فهي عليها أن تلتزم بهذه الضوابط، ولا مانع أن تبحث وهي مرتاحة عن عمل بديل، ولكننا لا نستطيع أن نطالبها بالاستقالة الفورية دون أن يكون لها بديلا، ونحب أن نؤكد لك أن المطلوب ليس مجرد الاستقالة، بل المطلوب هو الالتزام في العمل، حتى العمل الجديد وأي عمل تدخل فيه لا بد أن تدرك أن من ضوابط العمل ألا يترتب عليه ضياع واجبات أخرى، ألا يترتب عليه ضياع حق الأولاد والأسرة - إن شاء الله تعالى – في مستقبل أيامها، ألا يكون في العمل مخالفات، أن تتمكن من طاعة رب الأرض والسموات، إلى غير ذلك من الضوابط الشرعية المعروفة.

ونحب أن نؤكد لك أن المرأة الملتزمة المنقبة المحجبة دخلت في كثير من الميادين وهي محل احترام وتقدير.

فإذا المهم هو أن تكون قد التزمت، ونتمنى أن تفصح عن نوعية المشاكل التي تتعرض لها؛ لأن هذا أيضا له علاقة في الإجابة التي ستصل إليها، فاسأليها عن التفصيل والمعاناة التي تواجهها، وطبيعة العمل الذي تقوم به، ثم بعد ذلك – حتى تتضح أمامنا الصورة – نحن في انتظار هذه التوضيحات، ونكرر شكرنا لك، ونسأل الله الهداية والثبات والتوفيق للجميع.

مواد ذات صلة

الاستشارات