السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاة عمري 17 سنة، قبل شهر ونصف تقريبا استيقظت من النوم بسبب سرعة خفقان قلبي، وبعد الخفقان بدأت هذه الأعراض تظهر، حيث أعاني من صداع وألم في الرأس مستمر طوال الوقت، ومستمر منذ شهر، حيث أحيانا أشعر بأن رأسي ثقيل ولا يمكنني حمله، وأحيانا أشعر أنني لا أحس برأسي أبدا، فإذا ضغطت على جهة منه فإنني لا أشعر به، وأشعر كأن رأسي منتفخ وسينفجر من شدة الانتفاخ،
والصداع يبدأ من مؤخرة الحواجب وينتهي أسفل الرأس، أي تقريبا كل رأسي إلى الوسط، ويشتد الألم خلف الأذن وأعلى الأذن، وأحيانا يأتيني ألم لا أشعر به إلا عند الضغط، وألم يأتي في جهة لمدة ثوان فقط ويزول، هذا أتاني قبل عدة أشهر عندما كانت نفسيتي سيئة، لكنه نادر الحدوث.
وتأتيني دوخة وكأن الدنيا تدور، وشعور بالغثيان أحيانا، وأشعر أن رأسي ينبض أحيانا، وعيناي تؤلماني أيضا، وأشعر بإرهاق شديد بهما، وأشعر أنني أريد أن أنام طوال الوقت، مع العلم أيضا أنني أرى نقاطا صفراء صغيرة، وأحيانا أشعر كأن شيئا يغطي نصف العدسة، وأحيانا النظر يرتبك لدي كأنني أنظر إلى نار، وتزعجني رؤية الأنوار الساطعة، وأنا خائفة أن تكون هذه أعراض ورم.
وشيء آخر: أشعر برعشة داخل جسدي، وألم في العظام، وكأنني مارست جهودا كثيرة، مع أنني لا أعمل شيئا شاقا، ربما لأنني لا أمارس الرياضة، وخفقان في قلبي يزداد عن المعتاد بكثير، وصعوبة في البلع وأيضا أحيانا أستيقظ من النوم وأنا أشعر بدوخة، وأرى الدنيا تدور وأشعر بالاختناق.
وأشعر أن يدي حارتان، وكأنهما محترقتان، وحبوب حمراء تظهر في يدي تشبه قرصة البعوضة، ودورتي الشهرية نزلت في وقت مبكر عن العادة وقليلة، وأيضا رائحتها كريهة جدا -أعزكم الله-، وأحيانا عروق جسمي جميعها تنبض كنبض القلب، لكنها لا تنبض جميعها معا، فأحيانا ينبض عرق رجلي، وأحيانا عرق يدي وهكذا.
وأيضا بعد خفقان القلب ساءت نفسيتي جدا، وأصبحت أخاف من الموت، وكل يوم أستيقظ بشيء جديد، وتزداد نفسيتي سوءا عندما لا أحد يلقي بالا لما أشعر به، ويخبرونني أنني مصابة بالعين لا أكثر ولا أقل.
لا أعلم إن كانت هذه الأعراض نفسية أم جسدية؟ في هذه الفترة أمر بحالات غريبة، لذا قرأت عن أعراض سرطان المخ وسرطان الدم، لذلك خفت كثيرا، لأن بعض الأعراض توجد لدي، وأيضا أصبحت حالتي النفسية سيئة أكثر، وأفكر دائما بالأمراض، وأخاف أنني مصابة بها، مع علمي أن من يخاف دائما يكون عرضة للإصابة بهذه الأمراض، والخوف من الموت يرعبني كثيرا، وشخصيتي تغيرت أيضا لذا أنا مستغربة، مع العلم أنني كشفت على عيني، وعملت فحوصات فقر الدم والضغط، وعملت تخطيطا للقلب، وكل هذه الفحوصات جيدة -والحمد لله-.
إذا كان شكي خطئا، فما الفحوصات التي يجب أن أعملها؟ هل يجب أن أعمل تصويرا طبقيا، أم أنني مبالغة في خوفي؟ أخبرني البعض أن أكشف على الجيوب الأنفية أو الغدة، هل هذا ممكن بالنسبة لهذه الأعراض؟
وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله أن التحاليل الطبية من تحاليل لنسبة الدم وفحص العين والقلب كانت طبيعية، ولابد وأن الأطباء قد طمأنوك أنه لا يوجد في الفحص الطبي والاستقصاءات التشخيصية التي أجريت أي دلالة على وجود مرض عضوي، والصداع الذي تعانين منه هو صداع التوتر وليس بسبب ورم في الدماغ، وصداع التوتر هو أكثر أشكال الصداع، ويعاني منه أغلب الناس في وقت ما من حياتهم، يكون الألم عادة ثابتا، شاملا الرأس، وقد ينتشر من الخلف إلى الأمام، أي إلى الجبهة، ويصفه المريض بأنه غامض، شاد، أو ضاغط، مع الإحساس وكأن شريطا يلف الرأس أو شيئا ما يضغط على قمته، وقد يستمر أسابيع أو شهورا دون توقف، وتتفاوت شدته من خفيف إلى شديد، ويتميز بأنه أقل شدة في بداية اليوم، ويزداد إزعاجه للمريض بتقدم الوقت، وقد يصاحبه الغثيان والقيء واضطراب الرؤية وسوء المزاج.
وهناك أسباب كثيرة لهذا النوع من الصداع، وهي الإجهاد والاكتئاب والقلق، وقد يكون لكثرة العمل أو قلة النوم أو الأكل وتناول مادة tyramine بالشيكولاتة والجبن والمكسرات والمواد الحافظة التي توضع باللحوم المحفوظة، كلها مواد قد تولد الصداع، والأشخاص الذين يتناولون مادة الكافيين في الشاي والقهوة والكولا يمكنهم الشعور بالصداع لو لم يتناولوا جرعاتهم اليومية التي اعتادوا عليها، إلا أنه واضح عندك أنه مرتبط بالقلق النفسي الذي تعانين منه.
أما صداع التهاب الجيوب الأنفية فيسبب ألما في مقدمة الرأس والوجه، بينما الألم عندك في كل الرأس، وسبب هذا الصداع هو التهابات في ممرات الجيوب الأنفية التي تقع خلف الخدين والأنف والعينين، فيكون الشعور بالألم أشد عند الانحناء للأمام أو عند الاستيقاظ من النوم صباحا، أو في حالة الرشح الأنفي، أو التهاب الحلق، وهذا الصداع يظهر على شكل الإحساس بثقل أو ألم يزداد أثناء ساعات النهار، وكما ذكرت فإن معظم الأعراض هي من القلق.
والقلق هو شعور مزعج وغير مريح ومبالغ فيه بالخوف من أن مكروها سيحدث، والتأهب لذلك المكروه، ولو أنه شعور طبيعي، خاصة بعد الضغوط النفسية، لكن إذا كان القلق والتوتر زائدا لدرجة أنه يؤثر على نمط الحياة الطبيعية، فإنه يصبح قلقا مرضيا.
وللقلق أعراض كثيرة، والكثير منها جسدية، مما يجعل المصاب بالقلق يظن أن ما به هو مرض عضوي (جسدي)، وكثير من هذه الأعراض هي ما تعانين منها: التعب والإرهاق، والتأهب كأن مكروها سوف يحدث، والتوتر، وعدم القدرة على تحمل الآخرين، وفقد الأعصاب، والغضب الشديد عند الانزعاج حتى من الأمور الصغيرة، وضعف التركيز، والدوخة أو الدوار، واضطراب النوم والأحلام المزعجة، وجفاف الفم وصعوبة البلع والغصة أو الشرقة بكثرة، والشد العضلي وآلام في العضلات، والرعشة، والتعرق الزائد، وصعوبة أخذ النفس وسرعة التنفس، والغثيان، والإسهال، وكثرة الغازات، وازدياد ضربات القلب -وقد يشك بعض المرضى من أنهم يسمعون صوت ضربات القلب-.
وأهم خطوة في العلاج هي إدراك أن لديك مشكلة القلق، وأنها بحاجة إلى علاج.
- عليك البحث عن الأمور التي تسبب لك التوتر والقلق وحاولي تعديلها، وابحثي عن حلول متعددة للأمور التي تؤدي إلى توترك، وتجنبي الأشخاص والمواقف التي تسبب لك التوتر الشديد، وحاولي التعايش مع ما لا يمكنك تغييره وذلك بتقبله، ويمكن عمل هذا بالإيحاء للنفس، فمثلا: أن تقول لنفسك "هذا الشخص مزعج ويريد أن يزعجني ولكن لن أدعه، ولن أتوتر بسببه" وتكرار عبارات كهذه.
- تنازلي عن فكرة أن حياتك وإنجازاتك يجب أن تكون مثالية.
- لا تكبتي مشاعرك باستمرار.
- قللي من الشعور بالذنب.
- ثقي بنفسك وكذلك بالآخرين.
- حاولي التعبير عن نفسك وعن مشاعرك.
- حاولي أن تتفهمي حقيقة أسباب غضبك وانظري للحياة بتفاؤل وإيجابية، ومن ناحية أخرى فإن تمارين الاسترخاء تفيد -بإذن الله-، وهي متوفرة في النت فتعلمي كيف تجعلي جسدك وعقلك يسترخيان، ومارسيها يوميا من 10 - 20 دقيقة.
- فرغي جزءا من يومك لقراءة مواد يمكن أن تخفف من توترك، واقرئي من كتاب الله تعالى يوميا ولو صفحة، وحافظي على الأذكار اليومية التي وردت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، واجعلي لنفسك حدا أدنى يجب قراءته حتى لو كنت مشغولة، وارفعي يديك إلى السماء وقولي اللهم: اني تبرأت من حولي وقوتي ولجأت إلى حولك وقوتك يا ذا القوة المتين.
بارك الله فيك وشافاك.