السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
بارك الله لكم في أعماركم وصحتكم، ونسأل الله لكم الصحة والعافية، وأعلى المنازل في الدارين.
بعد قراءتي لاستشارة أجبتها حضرتك برقم (2121489)، أصابتني هواجس كثيرة أثقلت كاهلي أود مناقشتها مع حضرتك، وأتمنى أن تجيبني وتثلج صدري بكلامك الطيب كما اعتدت، هي لم تخطئ بحق والدتها، دفاعها عن نفسها بعد كل هذه المعاناة كما ورد في استشارتها ليس حراما، خاصة أنه كان كلاما فقط وإن علا صوتها! برأيي يمكن أن تكون مقاطعة الأم لابنتها بهذه الطريقة ناتج عن صحوة في داخلها، وندم على ما تفعله فتخجل من إظهاره فتقاطعها بدلا من ذلك.
الدكتور الفاضل، أعاني من مشكلة مشابهة نوعا، لكن هل السكوت هو الحل؟ وإن كانت أمي، هل أحكم على نفسي بالذل والضرب المبرح بدون سبب مبرر لآخر عمري وحياتي معها؟ وحتى لو تغيرت الأم بعد فترة، سؤالي لك: هل فعلا يصلح العطار ما أفسده الدهر؟ كل هذه التراكمات والضغوط النفسية هل يمكن أن تختفي وكأن شيئا لم يكن؟
مع إيماني العميق بقضاء الله وقدره أتساءل أحيانا: لم حكم علينا أن نحيا بهذه الطريقة؟ أن نهان ونضرب ونسب ونشتم منذ نعومة أظفارنا ولا يحق لنا الاعتراض؟ لم غيرنا يتلذذ بالحديث عن والديه وعن شدة حبه لهما، وامتنانه لله عز وجل بأن حباه بوالدين مثلهما، ونحن نخجل من أنفسنا عند محاولة معاتبتهما على الأقل؟ لا نقدر على مطالبتهما بأبسط حقوقنا عليهم، وإن فعلنا همشنا أو عنفنا كالسابق؟
لم لا أقدر أن أطالب نفسي بأن أسكت؟ لم لا أقدر أن أصبر؟ فوالله إني أحاول كثيرا تحمل أمي رغم أخطائها معي لكني لا أقدر، لا أستطيع كبح مشاعري أو التظاهر بأني موافقة على ما يحدث معي، هل أنا عاقة بوالدتي؟ أحترمها كثيرا لكني عندما أخالفها أجادلها، ولا أخاف من شيء بعد طفولة مريرة قضيتها معها.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أفنان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الفاضلة- في موقعك إسلام ويب، وإنا سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يصلح حالك وحال أهلك إنه جواد كريم.
وبخصوص ما سألت عنه -أختنا الفاضلة-، فإننا نحب أن نجيبك من خلال النقاط التالية:
أولا: الابتلاء قدر مكتوب على كل مسلم، يميز الله به بين أهل الصلاح وبعض من الناس، منهم من يبتلى بالمرض على قدر درجاته، ومنهم من يبتلى بالفقر، ومنهم من يبتلى بالخوف، ومنهم من يبتلى ولا يعرف له علة، ومنهم من يبتلى في زوجه أو ولده، وكل مبتلى -أختنا الفاضلة- دائما ما ينظر إلى بلائه دون غيره، حتى ليكاد من كثرة تفكيره في البلاء أن ينسى نعم الله عليه وما أكثرها، فالمريض لا يتمنى الغنى ولا الذهب ولا الحرير ولكنه يتمنى العافية، والفقير يتمنى أن يعيش يوما واحدا يأكل ما يشتهي، ويلبس ما يريد وهكذا تستمر الحياة، فأنت ابتلاك الله بما ذكرت، ولذلك يكثر النظر إليها، ونخشى من كثرة تلك النظرة أن تنسي أو تتناسي بقية نعم الله عليك، فانتبهي –أختنا- بارك الله فيك.
ثانيا: السلوك الخاطئ من الوالدين لا ينفي حبهما لك -أختنا الكريمة-، فقد فطر الله الوالدين على حب أولادهم، وما تعب أحد بمثل ما تعب والديك في تربيتك، فإن تذكرت الإساءة فتذكري كيف كانا يمسحا عنك الأذى وأنت صغيرة؟ وكيف كانا يسهران معك الليل حين تكوني مريضة؟ المهم –أختنا- ألا تخلطي بين أخطائهم وحبهم لك.
ثالثا: هناك فرق بين البر والتصويب للخطأ، بمعنى إذا أخطأت أمك في أمر ما، فلا يعني البر أن تجاريها في خطئها بل تبيني لها ذلك، ولكن بأجمل أسلوب وأرق عبارة، ولا يعد هذا عقوقا إن تقيدت بالأسلوب الحسن.
رابعا: نرجو منك –أختنا- أن تكثري من الدعاء لوالديك، وأن تتذكري ما أحسنوا فيه إليك، وأن تعلمي أن الخطأ منهم لا يعني الكره.
نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه، والله الموفق.