والدي يعتقد أنه مراقب وأن الناس يتآمرون ضده..فهل من حل؟

0 348

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيرا على المجهود المبذول, وأسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتكم.

والدي يعاني من كثرة الشكوك، ويعتقد أن الناس يتآمرون ضده، وأن هناك كاميرات مراقبة مزروعة في الشوارع وفي كل مكان، علما أن عمره حاليا 52 سنة، وبداية ظهور الشكوك كانت قبل ثلاث سنين.

في البداية كانت شكوكه خفيفة، ويمكن إقناعه بأنها خاطئة، أما الآن فيصعب جدا إقناعه بأن شكوكه غير منطقية، ولا يقبل الناس الخوض فيها، علما أن أبي يعمل عسكريا، ولقد أتم سنين الخدمة، وهو مواضب على عمله، واجتماعي جدا، ودرجة ذكائه فوق المتوسط.

ولكن؛ قبل أكثر من 6 سنوات تقريبا خسر معظم أمواله، وكان لهذا تأثير قوي عليه، وبعدها بمدة اشتكاه أحد الأقارب في مبلغ من المال، وبعدها بمدة أيضا أتته تهديدات على الجوال، بعد تلك الأمور والضغوط النفسية التي أصابته؛ بدأ لدى والدي كثرة الشكوك والأعراض التي سبق وذكرتها في الأعلى.

علما أن أبي ليست لديه أي هلاوس سمعية أو بصرية، وعندما تتكلم معه يتكلم معك برزانه، فقط مشكلته مع هذه الشكوك والاعتقادات، علما أنه من الصعب أن تقنعه بالعلاج، أو تقنعه بأن يذهب إلى طبيب، وشكوكه تزيد يوما بعد يوم، فأنا صراحة لم أعد أعلم ماذا أفعل، خاصة أن مرضه يؤثر علي كثيرا.

فهو لا يجعلني أذهب إلى الأندية الرياضية, أو المعاهد التعليمية, أو حتى الخروج مع أصدقائي, فأصبح يشك في التواريخ, مثلا يوم الاثنين يحرم الخروج فيه, ويوم الثلاثاء تعني ثلاثة, والثلاثة هذه لها معان كثيرة جدا عنده, فيمنعنا من الخروج في ذلك اليوم, وقس عليها باقي الأيام، فتقريبا لم يبق يوم إلا ويشك فيه.

حاليا لا أستطيع التحدث معه أو الخوض معه في أمور كثيرة؛ لأنه يعتقد أن الكلام مسموع، فصراحة -يا دكتور- أريدك أن تصارحني: هل يمكن أن يتعافى نهائيها من هذا المرض، بحيث إنه يقدر أن يرجع اجتماعيا مثل ما كان؟ خصوصا أنه توجد بعض الأمور التي أعتقد أنها مبشرة، مثل أن المرض أصابه في سن متأخر، وأنه كان إنسانا اجتماعيا جدا، ومتزوج، ولديه أبناء، ومواظب على عمله، ومعدل ذكائه فوق المتوسط.

قرأت في إحدى الكتب: إذا كان الشخص لديه الصفات التي ذكرتها قبل قليل؛ فإن نسبة الشفاء من المرض تكون عالية.

علما أن البيانات التي ذكرتها لوالدي، ما عدا الإيميل.

تنويه: يوجد احتمال بأن لديه مرض السكر، مع أنه لم يذهب إلى الطبيب، ولديه ضغط.

عمري 17 سنة، ولست متأكدا من فصيلة الدم.

شكر لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مشعل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على اهتمامك بأمر والدك، ومن الواضح أن والدك يعاني من حالة نفسية تعرف بضنان الزواري أو الباروني، أي إن لديه شكوكا مطبقة.

والعلاج أيها الفاضل الكريم: لا بد أن يكون دوائيا، وليس هنالك علاج عن طريق الإقناع أو التحدث، نعم الإقناع هو محاولة أن نجعله يرتبط بالواقع لا بأس بها، لكنه قطعا لا تفيده كثيرا، كما أن الدخول معه في نقاش، أو جدال، أو محاولة تفتيت أفكاره وإنكارها؛ هذا قد يزيدها، بالنسبة للصعوبة التي تواجهكم الآن، هي أن والدكم -حفظه الله- لا يود الذهاب إلى طبيب، وهذا الأمر منتشر في مجتمعاتنا؛ لأن الاعتراف بالمرض النفسي قد يشكل وصمة أو نقصا اجتماعيا.

الذي أراه أن يتقدم أحد الأشخاص الذين لديه علاقة وثيقة مع والدك، شخص واحد فقط من الذين يقدرهم ويحترمهم، ويتحدث معه حول حالته هذه دون أن يكون الحديث مباشرة حول طبيعة مرضه، لا يقال له إنك تعاني من شكوك، وشيء من هذا القبيل، بل يقال له إنك تعاني من بعض الحالات النفسية، فلماذا لا تذهب إلى الطبيب، وإذا رفض هذا المبدأ يمكن أن يكون هناك اتفاق مع طبيبه الذي يراجعه بصفة دورية، وأعني بذلك طبيب الأسرة، أو الطبيب الباطني.

معظم أطباء الباطنية وأطباء الأسرة لديهم معرفة بالأدوية المضادة للذهان، عقار مثل رزبريادون ( Risperidone) سيكون مفيدا جدا لوالدك، والجرعة المطلوبة هي 2 مليجراما فقط يوميا، هذه قد تكون وسيلة مقبولة، وهي ليس بها خداع أو غش أو شيء من هذا القبيل، الهدف هو مصلحته، فتناوله للدواء مهم.

أتفق معك أن مهاراته الاجتماعية وشخصيته متناسقة ومتكاملة الأبعاد، وهذا قطعا سوف يساعده كثيرا في مقاومة هذا المرض إذا تناول الدواء.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا.

مواد ذات صلة

الاستشارات