السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
أنا فتاة أبلغ من العمر 15 سنة، لدي مشكلة حدثت لي ولا أعرف كيف أتصرف الآن بعد حدوثها.
كانت لي صديقة، وهي صديقتي الوحيدة التي أخبرها بما في داخلي، ولكنها مختلفة عني اختلافا كبيرا، فهي تعاملني وكأنني شاب، إضافة لتصرفاتها الأخرى التي لا ترضي الله -سبحانه وتعالى-، حاولت مرارا وتكرارا تركها، ولكن لا أستطيع؛ لأني أشعر بالوحدة عندما أبتعد عنها، حاولت كثيرا أن أنصحها وأجذبها لدين الله لكن لا فائدة، فهي لا تصغي للنصيحة أبدا، لكني لم أيأس.
وفي خلال محاولاتي لجذبها لدين الله، وجدت المعلمة رسائلنا، حيث كنت أراسلها بكثرة، وكانت من ضمن هذه الرسائل، رسائلها التي توحي بأخلاقها السيئة، حيث إنها كانت تكتب لي أحبك وأغار عليك، وأنا لا تعجبني هذه الكلمات، وكم مرة أقول لها بأنك تبالغين في حبك لي، وكانت تنزعج مني وتقول إنك لا تحبينني، حيث بدأت أكتب لها في رسائلي أني أحبها، كما أني معروفة بالمدرسة بشدة ديني وتعلقي بالله -سبحانه وتعالى-، فكنت أشارك في مسابقات لحفظ كتاب الله، وهذا ما يزعجني الآن، أن الجميع في المدرسة من معلمات وطالبات يظنني ذات أخلاق سيئة، وأن ما أفعله رياء، حتى أصبحت لا أطيق المدرسة من شدة الكلام الذي أسمعه من الطالبات والمعلمات، وأصبحت أحب الجلوس في الفصل بمفردي، حيث قالت لي إحدى المعلمات أن أترك صديقتي للأبد، وهذا صعب علي.
فماذا أفعل بعد أن سقطت من أعين الجميع؟ وكيف أستطيع تقبل أن أعيش في وحدة، وأن أغير وجهة نظرهم بي وبأخلاقي؟ أنا أعلم أنه إذا أحب الله عبدا ابتلاه، لذلك أنا صابرة، فهل من نصائح منكم كي يزيد صبري وذكري لله؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ راجية فردوس ربها حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في الموقع، ونشكر لك هذه الروح التي دفعتك للكتابة إلينا، ونؤكد أنك على خير، وإذا كان ما بينك وبين الله عامر فلن يضرك ما يحصل من الكلام والدعوات المغرضة، غير أننا نريد أن تكوني إيجابية، فتتواصلي مع المعلمة وتشرحي لها الصورة كاملة، وتبيني لها وجهة نظرك، ولا مانع من أن تجعليها تنظر إلى بقية الرسائل إذا كانت محفوظة، حتى يتبين من خلالها أنك كنت ناصحة ولا تزالين ناصحة لتلك الصديقة.
فلا بد في هذه الأحوال من بيان هذه الأمور، حتى لا يساء بكم الظن، وحتى لا يدخلوا بسببك في ذنوب وخطايا، وأرجو كذلك ألا تحاصري نفسك وحدك، ولا تعطي المسألة أكبر من حجمها، فأنت ولله الحمد بريئة، وعليك أن تظهري هذه البراءة، وتتنبهي لتصرفاتك ولما تكتبينه في المستقبل، فإن الناس إذا رأوا شيئا أخذوا بظاهره، والله -سبحانه وتعالى- يعلم السرائر.
ونؤكد لك أيضا أن النصح مطلوب، ولكن في هذه الأحوال اجعلي المعلمة تشاركك في النصح لتلك الفتاة، ووسعي دائرة الصداقات، فلا تكتفي بها صديقة وحيدة، واحرصي دائما على أن تحشري نفسك في زمرة الصالحات، وحذار أن ينفرد بك الشيطان فيوصلك إلى اليأس، ولذلك نرجو أن تخرجي من هذه العزلة، وتبيني حقيقة ما كان يحصل وحقائق الأمور، وتبيني مجهوداتك الكريمة المشكورة في النصح لتلك الصديقة، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعينك على الخير.
والإنسان همه أن يرضى عنه العظيم، فإذا رضي الله عن الإنسان أرضى عنه خلقه، أرضى عنه أهل السماوات وأهل الأرض، لقول الله تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا} [مريم: 96]، فتعوذي بالله من شيطان يريد أن يعزلك من المجتمع، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعينك على الخير، وأن يرد تلك الصديقة إلى الحق والصواب.
ونرجو كذلك أن تنتبهي للعلاقة مع هذه الصديقة، فإن الإنسان عليه أن ينصح ولا مانع من ذلك، لكن إذا رفضت النصيحة فلا بد أن يبتعد ويهجر، خاصة في مثل هذه الأحوال التي قد يساء بالإنسان الظن إذا مشى مع أمثال هؤلاء، وأرجو إذا أردت نصحها أن تطلبي معونة المعلمات والصالحات.
ونسأل الله لنا ولكن التوفيق والسداد.