السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو من القائمين على الموقع جزاهم الله خيرا أن يعينوني على حل مشكلتي وهي: الفشل في تكوين علاقات مع الآخرين، سواء كانت زمالة أو صداقة.
أصدقائي قلة، وبمعنى أصح لا يوجد لدي أصدقاء أتواصل معهم، حتى بعد التخرج أو أصدقاء الثانوية، أشعر بأني غير مهتم كثيرا بالصداقات، مع أني لا أحب العزلة، وأفرح عندما أجد أصدقاء أرتاح لهم ويكون بيننا انسجام ونقاط مشتركة.
من قبل كنت أعرف أناسا طيبين في مرحلة الإعدادية والثانوية, لكن كانوا أكبر سنا مني, وهذا جعلني عادة أميل إلى أن أصاحب شخصا أكبر مني سنا, صاحب خبرة في الحياة, ويعرف التعامل, لكن لا أشعر بروح الفتوة والشباب؛ حيث لا أعرف كيف أمزح مع الزملاء, وكل الحوارات والحديث عادة يكون إما باتجاه ديني أو شيء جاد.
الآن أعاني من هذه الحالة عندما أتعرف على أصدقاء من دول أمريكا أو آسيا أو أوروبا، أشعر أني لا أرقى إلى مقام أن أكون صديق لهم؛ لأني أشعر بأني لا أعرف أشياء كثيرة في التعامل معهم, ولم أندمج مع أقراني من قبل، وهذا شيء يؤثر على حالتي النفسية، وعلى حالة الدراسة, وأيضا في حالة العمل إذا عملت في شركة أو وحدة عمل يكون التواصل معهم (من بعيد إلى بعيد)، لا أندمج معهم كثيرا خوفا من أن أعمل شيئا أو أقول شيئا خطأ.
المجتمع الشرقي غير المجتمع الغربي, أحيانا عندما ألتقي بزميلة عمل أو دراسة فتبتسم لي وتتكلم معي يهيئ لي أنها تحبني, وهذا شيء خطأ, هم شعب منفتح, لكن بسبب حرمان العاطفة عندي أحيانا أفكر هكذا، ومن باب درء سوء الفهم ألجأ إلى عدم التحدث معهن، وهذا يسبب لي عزلة وبعدا عن العالم، وأصنف أني غير طبيعي, وهذا أتعبني نفسيا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ fars حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك أخي الحبيب في موقعك إسلام ويب، وإنه ليسرنا تواصلك معنا في أي وقت، وإنا نسأل الله أن يوفقك لكل خير.
وبخصوص ما سألت عنه، فإننا نحب أن نقسم الإجابة إلى شطرين:
الأول: طريقة كسب الأصدقاء: أخي الحبيب الصداقة شيء جميل، وفطري، فالإنسان مدني بطبعه، وطبائع الناس تهوى مثل هذه العلاقات، مع العلم أن دوافع الناس تختلف، فهناك من يقصد الصداقة للمنفعة: مادية كانت أو معنوية، وهذه عمرها قصير جدا، وهناك من يقصد الصداقة قربة إلى الله عز وجل، فينوى إذا ابتسم لأخيه وصديقه الصدقة، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (وتبسمك في وجه أخيك صدقة)، ومساعدته قربة، وإعانته أو السعي في ذلك أو تفريج كربته أو أمر عارض بينهما يؤجر صاحبه عليه متى ما كنت نيته مستقيمة، وهذه الصحبة يطول زمانها؛ لأنها صحبة مبادئ، لكن على أي الأحوال حتى تكسب صديقك لابد من أمور رئيسة:
أولا: أن تتعرف عليه.
ثانيا: أن تلين له الخطاب.
ثالثا: أن تعاونه إذ اقتضت الضرورة ووجدت الاستطاعة.
رابعا: أن تحفظ مواطن أسراره.
خامسا: أن تقلل من إثارة مواطن الخلاف بينكما.
سادسا: البعد عن الحدة في النقاش، والإيمان بأن الخلاف طبيعة بشرية.
وهناك أمور عامة يصفين لك ود من تصاحب جمعها النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث، فعن عثمان بن أبي طلحة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم قال-: (ثلاث يصفين لك ود أخيك: تسلم عليه إذا لقيته, وتوسع له في المجلس, وتدعوه بأحب أسمائه إليه).
الأمر الثاني: بالنسبة للثقافات المختلفة التي تحدثت عنها، نحن نؤمن بها ونعلم أن الاختلاف بين الناس قائم، وأن ما يعتبر محرما في بلد قد يكون مباحا في غيره، وقد ذكرت مثالا على ذلك.
وهنا أمر يجب التنبيه له وهو: أن الثوابت الشرعية لا تتغير مع المسلم في أي مكان يرحل إليه، ولا يعني حديثك هذا عن التقاليد الشرقية أو التدين بصفة عامة أن تتأقلم مع تقاليد غيرك وتترك ما تعلمته، فإننا طلاب آخرة ونريد الجنة ورضى المولى عز وجل.
ثم أخي الحبيب: اعلم أن الغرب يحترمك بقدر احترامك لدينك، وأما الذوبان فلن يرضي ربا، ولن يبقي أثرا، ولن يجعل غيرك يقدرك، فاترك أمر رضاهم أو سخطهم وعاملهم بالحسنى، والتزم تعاليم دينك في معاملتهم.
وإنا نوصيك أخي الحبيب: أن تبادر للزواج ففيه الخير الكثير لك، نسأل الله أن يصلح حالك وأن يرزقك الإخلاص والقبول.
والله الموفق.