السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أشكركم على هذا الموقع الأكثر من رائع، وأود أن أذكر ما يضايقني كي تفهموا ما بي وتساعدوني، وأتمنى أن تكون عربيتي جيدة، لأني أفضلها على باقي اللغات، والذي شجعني على أن أكون أفضل في العربية هو ما أراه من بعض الناس من استخدامات لكلمات أعجمية بغير حاجة، وأنا أرى هذا الشيء سخيفا، بل بقمة السخافة، وكم أشمئز من هذا!
سأبدأ بالموضوع: أنا حقا أشعر أني حزينة في بعض الأحيان، والأشياء التي تحزنني هي ما أراه من الناس، ومن تغيرهم إلى الأسوأ، واستخدام ألفاظ قذرة، وما أراه من قلة حياء من بعض نسائنا! لقد قل حياؤهن، أصبحن يصرخن أمام الرجال حتى لو كان في مثل سن والدها، و ما أراه من سخف ومهزلة مع المغنيين والممثلين، ويطلبن أن يلتقطن صورة معه! أين والدها وأخوها؟ أم زادت الدياثة عند بعض الرجال إلا من رحم ربي؟!
وأشياء أخرى تحزنني، وهو ما أراه من الإساءة للبلدان والأنساب، وخاصة إذا كانت البلد تلك أحبها، فأنا أحزن إن حدثت مشكلة بين بلدي أو بلد مسلمة أحبها فتحصل فتنة وعداوة وبغضاء، ورد السب بالسب، والإساءة بالإساءة، وهذا رأيته.
وما يحزنني أيضا، هو أنني لا يمكنني لبس اللباس الشرعي بسبب والدي، أنا محجبة نعم، ولكن ليس الحجاب الشرعي، والمشكلة أن دولتي منفتحة، وقل جدا جدا اللباس الشرعي، أنا لا أدري بالضبط كيف أكلم أبي وأمي عن الحجاب الشرعي، أنا أحاول قدر المستطاع لبس لباس ساتر أو بالأحرى أستر شيئا عندي حتى يفرج الله أمري، مع أني قلقة أن الله لن يسامحني على هذا الضعف، ولن يعذرني، ومن كثرة ما أراه من تغير الدنيا إلى الأسوأ أصبحت أود الموت قبل أن أرى ماذا سيحصل في المستقبل من تغيرات إلى الأسوأ، وأتمنى لو أستطيع أن أجعل بلدي أفضل في الدين! أنا أود ذلك، ولكن ماذا بوسع فتاة لم تتجاوز السادسة عشرة من العمر أن تفعل بالله عليكم؟!
لماذا قل الصلاح؟ لماذا لا أرى أناسا صالحين إلا القليل؟ لماذا حتى بعض كبار السن التي أعمارهم تجاوزت الأربعين يتصرفون بطريقة خاطئة ومسيئة للناس والبلدان؟ حتى تعم الفتنة والفساد بين البلدان، ولماذا أصبح النقاب واللباس الشرعي عند الكثير تخلفا؟ ولماذا الكثير من العرب والمسلمين يحبون تقليد الغرب؟ سواء من لبس أو تسريحة، أو قول، أو فعل؟ و لماذا اللغة العربية بدأت تنقرض؟ ماذا سيحصل في الأجيال القادمة؟ ستختفي اللغة العربية؟ هل ستكون من الماضي؟ ستكون في القرآن فقط؟ ولماذا كثر التبرج والسفور وقلة الحياء في بناتنا ونسائنا؟ هل أنا وحدي من يشعر بذالك ويعاني من هذا الهم؟
أرجوكم ساعدوني، حتى في صباح الأمس استيقظت وأنا حزينة مكسورة القلب، لا تقولوا بأني أبالغ.
وأخيرا: أريدكم أن تخبروني إن كانت عربيتي غير جيدة لكي أصحح أخطائي، وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنرحب بك -ابنتنا الفاضلة- ونعبر عن سعادتنا بتواصلك مع الموقع، وعن فرحنا بهذه المحاولات الرائعة في الكلام باللغة العربية، ونسعد بأن اللغة واضحة ومفهومة، وننتظر المزيد من التواصل، وشرف لنا أن نكون في خدمة بناتنا الغيورات الحريصات على هذا الدين، والحريصات على صيانة الأعراض، نسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد وأن يعينك على كل أمر يرضيه.
ونحب أن نؤكد أن ما قلته صحيح، وأن قلب الإنسان يتفطر ألما عندما يرى هذا التهاون، ولكننا نريد للجانب الآخر أن يرى الجانب المشرق، لأن الإعلام يسلط الأضواء على جوانب التحلل والفسق والفجور، ولكن إذا دخل الإنسان إلى الجامعات فسيرى محجبات ومنقبات، وإذا ذهب إلى المساجد فسيرى مساجد النساء تمتلئ، وإذا ذهب إلى الكليات بمختلف أنواعها سيجد النقاب بدأ يغزو تلك الجامعات، وبدأت العودة إلى الله -تبارك وتعالى-، كما أن معظم الصالحات يختفين ويبتعدن عن الأضواء فتصبح الساحة مليئة بالمقصرين والمقصرات.
ونحب أن نؤكد لك أن هذه الروح التي تحملينها لها أثر كبير جدا في تغيير هذا الواقع، ولا تحتقري نفسك، فأنت داعية لهذا الدين، ونشكر لك هذه المشاعر النبيلة، ونتمنى أن تتعاملي مع والديك بحكمة، وحاولي أن تحتشمي بقدر المستطاع.
واعلمي أن الحجاب إنما يجب على الفتاة إذا خرجت، فإذا خرجت فعليك أن تلتزمي بالحجاب الساتر الذي يرضي الله -تبارك وتعالى- ولا أظن أن الوالد أو الوالدة أو غيرهم يتحكم في لبس الإنسان وفي تغطيته لنفسه، وإذا كان الوالد أو الوالدة غير راضين بهذا، فإننا نقدم رضا الله، ولكننا نجتهد في إرضائهم، وفي محاولة بيان أهمية الحجاب والستر لهم، في محاولة أيضا الاستفادة من الدعاة والداعيات والصالحين والصالحات حتى تتضح هذه الصورة للوالد وللوالدة، ولكن كما قال العظيم -تبارك وتعالى-: (فاتقوا الله ما استطعتم)، فلتحرصي على الحجاب وعلى الستر، ولتقدمي طاعة لله -تبارك وتعالى-.
واعلمي أن غضب الوالد أو الوالدة من الحجاب لا يجلب لك شيئا، بل هو ابتلاء واختبار من الله تؤجرين عليه، ولا يمنعك ذلك الاعتراض منهم على أن تقصري في حقوقهم، فإن الشريعة قالت فيما هو أكبر من ذلك فيمن يدعو أبناءه وبناته إلى الشرك، (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما)، لم يقل بعد ذلك ثم خالفهم، وإنما قال (وصاحبهما في الدنيا معروفا)، فإذا أمر الإنسان بمعصية أو بأمر يلحق به الضرر فعليه أن يحسن الاستماع، ولكنه يرضي الله -تبارك وتعالى-، ويقدم طاعة الله -تبارك وتعالى- ثم يجتهد في إرضاء والديه.
نسأل الله لنا ولك التوفيق، ونسعد بالتواصل مع الموقع ونشرف بعرض مثل هذه المسائل ونتمنى أيضا أن تستخدمي وسائل الاتصال الحديثة في دعوة الزميلات إلى مزيد من الحشمة والحجاب ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.