هل توبة من يعود إلى الذنب...توبة كاذبة؟

0 745

السؤال

السلام عليكم لدي عدة أسئلة أرجو إفادتي بالإجابة.

السؤال الأول: شخص متدين يصوم ويصلي، ولا يغتاب الناس، ويبكي بين يدي الله، ولكن هناك ذنب خطير -لا أفضل ذكره- لا يستطيع التخلص منه رغم عزمه على التوبة كل مرة يذنب فيه، ويبكي ويشمئز من نفسه، وكيف جعل الله أهون الناظرين إليه؟

تكرر الذنب مرات كثيرة، وبعد كل مرة يتوب ويحاول التكفير بالصدقات والصيام، ويريد التخلص من الذنب فهل توبته توبة كاذبة؟ وهل يعتبر من المنافقين؛ أنه يعصي الله رغم علم الناس أنه ملتزم، وإظهاره لهذا الشيء؟! هل يكون ممن تنطبق عليه آية سورة الكهف "قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا"؟!

السؤال الثاني: هل قراءة القرآن من تطبيقات الهاتف عليها أجر، أم يفضل القراءة من المصحف؟ وهل سماع القرآن أجره مثل قراءته؟

السؤال الثالث: كيف يعلم العبد أن الله راض عنه ويحبه رغم أنه يعصيه؟

السؤال الرابع: هل صحيح أن كل المسلمين سيدخلون النار في البداية ولا مناص من ذلك، كما جاء في سورة مريم؟!

عافاكم الله وأحسن إليكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هناء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك ابنتنا الكريمة في استشارات إسلام ويب.

السؤال الأول في شأن من يذنب ويتوب: جوابه - أيتها البنت الكريمة – أن نقول: إن من تاب إلى الله تعالى من ذنب توبة صادقة بأن حقق أركان التوبة وهي: (الندم على فعله للذنب، والعزم على ألا يرجع إليه في المستقبل، مع تركه في وقته في حاله الحاضر) فإن هذه التوبة مقبولة - إن شاء الله تعالى – وينبغي للإنسان أن يحسن الظن بالله تعالى أنه يقبل توبته إذا تاب، كما أخبر الله تعالى عن نفسه في كتابه بقوله: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون}.

وإذا تاب الإنسان هذه التوبة الصادقة ثم وقع في الذنب مرة أخرى فإنه يطالب بالتوبة مرة ثانية، (وهكذا) وهذا لا يؤثر في توبته الأولى، وهذا من فضل الله تعالى وكرمه.

وقد جاء في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم وغيره، قال فيه - صلى الله عليه وسلم – فيما يحكي عن ربه عز وجل، قال: (أذنب عبد ذنبا فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال الله تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال الله تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي. فقال الله تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، اعمل ما شئت فقد غفرت لك).

فهذا الحديث العظيم فيه بيان أن الإنسان ما دام أنه يتوب إلى الله تعالى من ذنوبه فإن الله تعالى يغفر له، ولكن ينبغي الحذر من تلاعب الشيطان بالإنسان، وتمنيه بأنه سيتوب، والتسويف بالتوبة ونحو ذلك، فإن الإنسان لا يدري متى يفاجئه الموت، فعلى العبد أن يخاف الله تعالى على هذا الذنب.

كما أن على الإنسان أن يخاف ألا يوفقه الله تعالى للتوبة بعد ذلك، فإن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، وهو سبحانه كما أخبر نفسه في كتابه: {يحول بين المرء وقلبه} فعلى العبد الحذر من الوقوع في الذنب بحجة أنه سيتوب بعدها.

أما عن السؤال الثاني وهو عن قراءة القرآن من تطبيقات الهاتف، فالجواب: أن في ذلك أجر القراءة - إن شاء الله تعالى – ولكن ليس كأجر القراءة من المصحف؛ لأن هذا لا يعطى حكم المصحف كما يفتي العلماء بذلك.

وسماع القرآن عمل صالح يؤجر عليه الإنسان، ولكن ليس كأجر القراءة.

أما السؤال الثالث: كيف يعلم العبد أن الله راض عنه ويحبه رغم أنه يعصيه؟ فالجواب: أن محبة الله تعالى ينالها العبد بكثرة طاعاته وأعماله الصالحة بقلبه وجوارحه، وقد قال الله تعالى في الحديث القدسي: (ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه).

فينبغي للإنسان ألا يقنط من رحمة الله تعالى، وأن يظن بالله ظنا حسنا، مع وقوفه عند حدود الله، واجتناب معاصيه بقدر الطاقة، فإذا وقع في الذنب فعليه أن يبادر بالتوبة.

وأما هل صحيح أن المسلمين سيدخلون النار جميعا كما جاء في سورة مريم؟ فالذي جاء في سورة مريم هو قول الله تعالى: {وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا} وقد اختلف العلماء في تفسير هذه الآية، فمنهم من رأى بأن الناس سيدخلون النار ولكن أهل التقوى والإيمان ينجيهم الله تعالى من عذابها، فتصير عليهم بردا وسلاما حتى يخرجوا منها، وهذا قول ابن عباس – رضي الله تعالى عنهما – ومن وافقه من العلماء، وجمهور العلماء يرون أن المقصود بذلك المرور على الصراط؛ لأن الصراط يضرب فوق جهنم، على ظهر جهنم كما جاء في الحديث، ويمر الناس عليه بحسب أعمالهم.

والخلاصة: أن الله تعالى وعد أهل التقوى بالنجاة، فقال بعد هذه الآية: {ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا}.

فعلينا أن نحرص كل الحرص على تحقيق تقوى الله تعالى والعمل بمراضيه، واجتناب مساخطه، مع إحسان الظن بالله تعالى أن يجنبنا وأحبتنا جميعا من النار.

نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات